صدر حديثا عن المركز الثقافى العربى رواية "تندوف" للروائى والناقد المغربى إدريس يزيدى، والذى رحل عن عالمنا فى مارس الماضى.
ومن أجواء الرواية: "هذه المرة لم يتبقَّ للسجناء شيء من مؤونة الصليب الأحمر. ألبسة لا تلائم مقاساتنا، جوارب للشتاء القارس، وملاءات قليلة.. هذا كل ما فضل عن المدنيين. وضعها العسكر فى مكان يبعد عنّا أكثر من مائة متر، قال لنا مدير السجن، كَريكَا:
- ليس من أخلاقى أن أفاضل بين السجناء، هى هناك، تسابقوا إليها.
كانت أولى تبعات هذا التسابق أن يزرع الحقد بيننا. أغلب السجناء مرضى وكهول، وهم أحوجنا إلى هذه البقايا. كانت أسمالهم اهترأت ليس من فرط الاستعمال فحسب، كان القمل قد نهشها.. وكان علينا أن نتسابق.
كنا نعرف مكرهم، ولكن الحاجة هى التى دفعت بنا إلى الجرى فى الطريق الذى سطّرته إشارتهم. الشمس عمودية، تهرق لظىً حاراً على رؤوسنا، كأنه يوم الحشر. الأكوام تبدو بعيدة.. كنا نجرى، مخلفين ذيلاً عملاقاً من الغبار الرملى، كأنه لوحش لا يعيش إلا فى تندوف.
لا تنتظرى أن أكون قد وصلت وسبقت أحد الجنود.. هؤلاء مدرَّبون، أما أنا فقد وصلت الأخير، وكل حصتى كانت فولاراً أزرق كذاك الذى كنت تفضلين. ولكن لم تكن به رائحتك.. لقد جريت لأحظى بنصف المتعة".
إدريس يزيدى كاتب وناقد أدبى من مواليد مدينة بركان فى المغرب سنة 1984، خريج الأكاديمية العليا للملاحة البحرية فى مدينة أنفرس البلجيكية سنة 2013. كان ناشطاً فعّالاً ضمن الجالية العربية فى بلجيكا، حيث درّس اللغة العربية فى عدة مراكز إسلامية، كما كان إماماً وخطيباً ومحاضراً، وواعظاً فى مسجد بدر فى أنفرس.
وقالت الدار فى بيان لها: على الرغم من وفاته إثر وعكة صحية أشهراً فقط بعد تسليمنا مخطوط هذا العمل فى أواخر عام 2017، سعى المركز الثقافى العربى إلى إتمام المسيرة وإصدار هذه الرواية الرائعة والمؤثّرة، حرصاً على إبقاء نجم هذا المؤلف الموهوب ساطعاً، وعلى إلهام جيل جديد من المؤلفين الشباب.