امرأة قوية طموحة ذكية تثق من مكانتها وقدرتها، مكنت لها الظروف فمكنت لنفسها، هى حتشبسوت أعظم نساء عصرها، بنت الملك تحتمس الأول وأمها الملكة أحمس.
تزوجت حتشبسوت من أخيها الملك تحتمس الثانى، ولقبت بالزوجة الملكية العظمى، وعند موته كانت الواصية على عرش ابنه الملك الطفل تحتمس الثالث، والذى كان عمره 9 سنوات آنذاك، فحكمت إلى جواره من 1479 إلى 1457 ق .م، وتعد حتسبشوت من أهم ملوك مصر، فتميز عصرها بالسلام والازدهار وتحسنت قوة الجيش وتأمين الحدود المصرية وتوطيد وتنمية العلاقات والصلات الدبلوماسية والتجارية مع دول مصر المجاورة.
ولكن عن سبب وفاة الملكة حتسبشوت فلا يزال مجهولاً، ولم تفصح عنه الآثار المكتشفة حتى الآن، حسب ما ذكر الدكتور ممدوح الدماطى أستاذ الآثار المصرية جامعة عين شمس ووزير الآثار السابق، فى كتابه "ملكات مصر"، أنها دفنت فى قبرها بوادى الملوك لتنقل منه بعد ذلك إلى مقبرة 60، ربما كان تمهيدًا لنقلها لخبيئة المومياوات الملكية كما حدث لمومياوات أخرى من وادى الملوك عندما قام كبار كهنة أمون فى الأسرة 21 بنقل المومياوات إلى خبيئتى الدير البحرى ومقبرة أمنوحتب الثانى بوادى الملوك، للحفاظ عليها، عندما انتشرت سرقة المقابر فى نهاية عصر الدولة الحديثة.
وحل لغز حقيقة مومياء حتشبسوت، يقول الدكتور ممدوح الدماطى، إنه عندما كشف هوراد كارتر عن مقبرة 60 بوادى الملوك عام 1903م عثر بداخله على مومياءين الولى لسيدة داخل تابوت وجد عليه بقايا نص هيروغليفى يذكر "المرضعة الملكية إين"، وهو اسم مختصر من اسم "ساترع ـ إين"، مرضعة حتشبسوت وبذلك نسبت هذه المومياء والمقبرة 60 بوادى الملوك إلى مرضعة حتشبسوت، والموياء الثانية لسيدة بدينة لا يصاحبها أى نقوش ملقاة على الأرض.
وظلت المومياء مجهولة إلى أن الأثرية إليزابيث توماس اقترحت أنها مومياء للملكة حتشبسوت، وفى 2007م، قام عالم الآثار الكبير الدكتور زاهى حواس مع فريق مصرى بعمل دراسة خاصة لـ 4 مومياوات مجهولة لـ 4 سيدات من عصر الأسرة 18، اثنتان كان قد عثر عليهما فى خبيئة الدير البحرى ومحفوظتان فى المتحف المصرى بالتحرير، والأخيرتان من مقبرة مرضعة حتشبسوت رقم 60 بوادى الملوك، وكانت قد نقلت فى وقت سابق إلى متحف التحرير أيضًا.
ومومياء السيدة البدينة التى نقلت فى 2007م من وادى الملوك لتلحق بالمومياوات الأخريات لغرض البحث والدراسة، ثم أجريت دراسة بالأشعة المقطعية "CT _scan" للمومياوات الأربعة، وكذلك لصندوق صغير من الخشب والعاج كحفوظ بالمتحف المصرى، وكان قد عثر عليه فى خبيئة الدير البحرى وهو صندوق لأحشاء الملكة حتشبسوت إذا اسم الملكة على هذا الصندوق، فأظهرت الأشعة المقطعية عن مفاجأة مهمة، ساعدت على معرفة صاحبة المومياء البدينة.
وأظهرت الأشعة المقطعية عن وجود ضرس محفوظ مع أحشاء حتشبسوت فى الصندوق الصغير، وكما كان متبعًا عند المصرى القديم أن يحتفظ المحنط بكل ما يقع من المومياء أثناء التحنيط لقدسيته، وبذلك يكون المحنط قد قام بالاحتفاظ بضرس الملكة حتشبسوت إذ سقط من موضعة أثناء عملية التحنيط.
كتاب ملكات مصر
وهنا يعود الباحثون بدراسة الأشعة المقطعية لمومياوات الإناث الجهولة، ليجدوا المفاجأة الكبرى أن موضع الضرس وجد فى فك السيدة البدينة التى أتت من المقبرة 60 بوادى الملوك وبذلك تأكد لهم أن هذه هى مومياء الملكة حتشبسوت، وأعلن الدكتور زاهى حواس عن هذا الكشف فى 27 يونيو 2007.