تواصلت فعاليات "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" في ملتقاه السنوي الخامس، الذي يعقد تحت عنوان "حلف الفضول فرصة للسلام العالمي" لليوم الثاني بالعاصمة الاماراتية ابو ظبى ؛ في إطار البحث عن مخرجات تشكيل حلف فضول عالمي جديد، يتميز بفاعلية وقدرة على ممارسة دوره؛ باستعادة قيم الرحمة والتأسي بالمعاش والإنتصار للإنسان وانتشالها من أحضان التاريخ، وجعلها سلوكاً يوميا راسخاً بالوعي الكوني، حسبما أطر الشيخ عبدالله بن بيه رئيس المنتدى أعمال الملتقى في كلمة ألقاها؛ بحضور نحو 800 شخصية من ممثلي الأديان الكبرى حول العالم؛ بالإضافة إلى طيف واسع من المفكرين والعلماء والباحثين والإعلامين والمهتمين بتعزيز ثقافة السلم وترسيخ قيم التسامح والتعايش الإنساني السعيد.
وقال الشيخ عبدالله ابن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعى، :"لقد غرسنا فى ملتقى المنتدى الأول بأبوظبى سنة 2014، شجرة السلام، وتعهدناها في الملتقيات اللاحقة، ليقوى جذعها ويمتد فرعها للوقوف في وجه العواصف العاتية التي تهبُّ على البشرية، وتزعزع أركان بناء السلام؛ لأن العنف صار لغة كل مفلس في مشارق الأرض ومغاربها، وبات خطاب الكراهية سلعة رائجة فى أسواق المزايدات الإيديولوجية، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك أولو بقية من المحبين للسلام، وهم وإن تنوعت مشاربهم، واختلفت أديانهم وألسنتهم، إلا أن مقاصدهم توحدت، فوضعنا أيدينا بأيديهم، وتقاسمنا وإياهم آمال السلام وآلام الواقع".
وأكد ابن بيه، أن القيمة المضافة التى يقدمها الملتقى الخامس، تكمن بكون المنتدى يستثمر فى كل ملتقى مخرجات الملتقيات السابقة، والدليل مجموع المبادرات التي قدمها خلال السنوات الأربع التي تلت تأسيسه، وهي مبادرات حية ومستمرة، وليست رهينة حاجات طارئة، أو ناتجة عن انفعالات غير مدروسة ، قائلا :
: "لا نحمل سلاحا بل نحمل سلاما وكلاما، نحن إطفائيون بالحكمة والكلمة الطيبة. وإن الحرب وخاصة فى هذا الزمان لا غالب فيها؛ بل الكل مغلوب".
فيما تناولت الجلسة الأولى موضوع "الدين والتضامن الكونى"؛ برئاسة القس ستيف يزنر راعى كنيسة هيوستن، وتحدث فيها الحاخام البرفسور ديفيد روزن عضو مجلس أمناء الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة – المملكة المتحة.
وتحدثت في الجلسة رجاء مكاوى ، سفيرة المغرب لدى الفاتيكان، فتناولت موضوع "المسلمون والمعاهدات الدولية وعقود المواثيق والمواطنة"، فى إطار البحث بجانب تدبير عقود المواطنة في الدولة الإسلامية. ورأت أنه لامستقبل لنا في بناء الفرد والأمة إلا في حالة السلم المجتمعى، ولا بناء من دون سلم. ذلك لأن السلم الداخلى هو اللبنة الأولى في البناء والتنمية والازدهار.
وطالبت مكاوى ، باستحداث أطر أو مؤسسات فكرية ناظمة للمثقفين المبدعين، بحيث تساعد بالحد من الانقسامات والتشتت الفكري. وتساءلت "كيف يمكن أن تتفاعل هذه الأطر أو كيف يعمل جهاز المثقفين لتنفيذ مهامه". ورأت أن ذلك يمكن إجمال بثلاث نقاط:
1- تصحيح المفاهيم المنتشرة في الفكر العربي المعاصر
2- ترتيب سلم الهويات: أصلية جامعة وفرعية تحت مظلتها
3- كيفية نجاح عقود المواطنة ولم الشمل للمفكرين والأفكار الصحيحة
وأضافت مكاوى ، أن هناك من يخلط في تعريف المواطنة والانتماء، مثال "أنا مغربي يعنى ممكن أن أكون مسلم أو يهودي أو مسيحي.... وبتوضيح هذا المعنى وتصحيح الخلط ننور أفكار المجتمع والأفراد وبالأخص جهاز المثقفين .. والمفكرين".
أما الدكتور علي النعيمي، رئيس دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، فتناول موضوع "المسلمون والمواطنة"، وقال: "علينا أن نقر ونعترف بأن لدينا مشكلة، ثم بعد ذلك نبحث عن الحل".
وقدم عرضا لمفهوم الدولة، ملاحظاً أن هناك من يخلط بين الدولة الوطنية الحديثة، وبين مفهوم دولة الخلافة، التي كانت تنتمي لعصرها وزمنها. ملاحظاً أن الدولة الوطنية حقيقة واقعية. أما دولة الخلافة فشيء آخر.. مضى وانتهى".
وطلب النعيمي بتحديد الهوية التي ننتمي إليها. ورأي أنه يتعين علينا كمفكرين ورواد أفكار وقادة في المجتمع ان نناقش ونطرح قضايانا بالمؤتمرات فيما بيننا، ثم ننقلها إلى الكنائس والمساجد والمعابد، كي تكون مشروعا فاعلا في حياتنا؛ لأن العامة قد لا يدركون مرمى الأفكار الكبيرة على وجه الدقة .
وتحدث الدكتورمصطفى قطب ، من غينيا عن موضوع عنوان الورقة "المسلمون والمواطنة"، مستهلاً بقوله تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عنك أتقاكم". وركز على مفردتي شعوبا وقبائل والعلاقة بين أبناء البشرية والدول، وخلص من ذلك إلى حسن المواطنة وقوة الانتمناء والولاء للدولة والوطن والهوية الأصلية والفرعية. وعرض وثيقة المدينة ودستورها النبوي الشريف وكيف بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة المواطنة في المدينة المنورة بين كل أطيافها ومكوناتها المجتمعية . ثم استشهد بالثورة الفرنسية، وبين كيف على الدولة أن تلتزم بالحماية والرعاية، وعلى الفرد ان يلتزم بالولاء والإنتماء والوطنية، وليس للإنسان أن يكون لديه ولاءات متعددة، حسب تعددج انتماءاته، كما يجب الوفاء بالولاء في العقود بيت الدولة والفرد والمجتمع .
أما الجلسة الثانية فناقشت الجلسة موضوع "على دروب السلام – من إعلان مراكش إلى إعلان واشنطن"، وأدارها الحاخام بروست لاستينغ الحاخام الأكبب في المعبد العبري بواشنطن. وتحدث فيها كل من: القس روبيرتس مؤسس وكبير قسيسي كنيسة نرثوود – الولايات المتحدة.،وديفيد سابيرستين المدير الشرفي لمركز العمل الديني لإصلاح اليهودية – الولايات المتحدة. والدكتور محمد السنوسي عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، مدير شبكة رجال وصناع السلام التقليديين – فنلندا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة