لم يعد خفيًا المسار الذى يجر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بلاده إليه، ففى سنوات قليلة حولها من ديمقراطية على غرار أوروبا إلى دولة مستبدة تحت قبضته للحكم الدكتاتورى، لكن ما يفعله أردوغان بتركيا ليس مجرد تحويل مسار بل هو تغيير هوية وتخلى عن العلمانية التى كانت شعارها الأوحد فى القرن الأخير.
الرئيس التركى رجب طيب أردوغان
وتحدث سونر جاجايتاى، خبير الشأن التركى فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن نهج أردوغان فى تغيير وجه تركيا، وقال فى مقال بصحيفة واشنطن بوست، إنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، خالف المسئولون الأتراك أعرافا طالما سادت عقودا فى جمهورية لا تزال علمانية، على الأقل من الناحية الصورية، حيث بدءوا فى وصف الانتشار العسكرى التركى فى سوريا بالجهاد، وخلال اليومين الأوليين من العملية، أمرت مديرية الشئون الدينية التابعة للحكومة كافة المساجد وعددها حوالى 90 ألف بأن تبث سورة "الفتح" عبر مكبرات الصوت من مآذنها.
ويقول التقرير إن التعليم يشكل ركيزة أساسية من جهود أردوغان الرامية إلى بسط الشريعة فى البلاد، فالنظام التعليمى فى تركيا، مثله مثل الشرطة، يخضع لسيطرة الحكومة المركزية، كما أن وزارة التربية والتعليم تمارس ضغوطًا على المواطنين للتقييد بالممارسات الإسلامية المحافِظة فى المدارس الحكومية.
العلم التركى على أرض عفرين السورية فى استفزاز جيد للعرب
وضرب التقرير مثالا يعكس جهود أردوغان لدمج الممارسات الإسلامية مع سلطته السياسية، هو مقام "مديرية الشؤون الدينية"، المعروفة باللغة التركية باسم "ديانيت"، الذى تم رفعه مؤخرًا، فقد أسس أتاتورك هذا المكتب البيروقراطى عام 1924 لتنظيم الخدمات الدينية بأسلوبه العلمانى، لكنه أصبح أكثر بروزا مؤخرا.
وانطلاقًا من سلطتها السياسية الجديدة، بدأت "ديانيت" بإصدار أوامر لإدراج عناصر من الشريعة الإسلامية فى المجتمع التركى، وفى الآونة الأخيرة، أصدرت المديرية فتوى على موقعها الإلكترونى، مفادها أن الفتيات اللواتى يبلغن من العمر 9 سنوات والفتيان الذين تقل أعمارهم عن 12 عامًا، يحق لهم الزواج، لأن الرشد يبدأ من البلوغ وفقاً للشريعة، ولكن "ديانيت" واجهت غضب شعبى عارم، فأبطلت تلك الفتوى فى الوقت الراهن، وفى الآونة الأخيرة أيضاً، فى فبراير، أعلنت الهيئة الدينية عن خطة جديدة لتعيين ممثلين عن "ديانيت" بين التلاميذ فى كل صف من المدارس الحكومية فى تركيا الذى يبلغ عددها حوالى 60,000 مدرسة، مما يضع التعليم الحكومى تحت الرقابة الأكثر تشدداً للدين الموجه من قبل أردوغان.
مواجهات الأمن والمتظاهرين الأتراك عرض مستمر
وبرغم هذه التغيرات، يقول خبير معهد واشنطن إن أولئك الذين يتوقعون من أردوغان إعلان تطبيق الشريعة فى تركيا، سيضطرون إلى الانتظار لبعض الوقت، إذ أن التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها، بل يحصل تدريجياً مع إسدال ستار الشريعة الشفاف على تركيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة