تحرمنا الغربة الإجبارية من أساطير مهنية متفردة فى عالم الصحافة، الغربة الإجبارية التى تحول بيننا وبين أن ننهل من علم ومعرفة وتجربة قامة صحفية تاريخية هو الأستاذ الكبير إبراهيم سعدة، هذا الرجل هو أحد ضحايا عوامل التعرية السياسية والفوضى غير الخلاقة، التى اجتاحت مصر بعد أحداث يناير 2011، وهو أحد الرموز، التى استهدفت بالحرب المفتوحة رغم المكانة المرموقة التى احتلتها مؤسسة أخبار اليوم تحت قيادته الواثقة.
سعدة ليس كاتبًا صحفيًا عاديًا، ولا قيادة مهنية عابرة، لكنه كان بلا جدال واحدًا من أساطير دار أخبار اليوم، وخليفة لمؤسسيها الأوائل مصطفى وعلى أمين صحفيا ومؤسسيا، كان إبراهيم سعدة هو الأسطورة، التى صنعت مجدا مذهلا فى أخبار اليوم، وحققت إنجازات غير مسبوقة على الصعيد الصحفى وعلى الصعيد المؤسسى والإدارى، وفى مجال التوسع والانتشار والإنجاز الاستثمارى، عشرات الإصدارات نشأت بين يديه، ملايين النسخ فى التوزيع، أقوى وأعنف المقالات والاشتباكات السياسية التى دافع فيها عن الدولة المصرية فى مواجهة الغدر السياسى أو حركات العنف الممولة من الخارج.
الغربة الإجبارية تقصى عن هذا الوطن رجالا أقوياء يحتاجهم الجيل الحالى من المسؤولين عن المؤسسات الصحفية ليستمع إليهم، ويتعلم منهم، ويذاكر تجاربهم الكبيرة لتستمر مسيرة العطاء فى المؤسسات الصحفية القومية والخاصة، هذه الغربة الإجبارية تغرق فى تفاصيل ظاهرها قانونى وقضائى، وباطنها سياسى وانتقامى وكيدى، ولا أظن أن رجلا بمكانة إبراهيم سعدة يستحق أن تطارده التفاصيل ليبقى مهاجرا إلى الأبد، فى حين أعلم جيدا أن أبناء دار أخبار اليوم والأوفياء للقيم المؤسسية من الجماعة الصحفية فتحوا هذا الملف مرات متعددة ليتمكن الرجل من العودة إلى وطنه وإلى داره وإلى أهله وأحبته وتلاميذه هنا فى مصر.
ما تبقى من الملفات القانونية العالقة للأستاذ إبراهيم سعدة يمكن بسهولة مواجهته وهو على أرض بلاده، وما تبقى من الملفات العالقة لهذه القامة الصحفية يبقى فى تقديرى أقل من أن يعرضه لمحنة الاغتراب القسرى، والحياة على أرض غريبة، حتى وإن كانت أرضًا عزيزة على قلبه، وكل دعوتى هنا أن تنظر مؤسسات الدولة إلى ملف إبراهيم سعدة مرة أخرى، وتعيد تقييم ما جرى، وتعيد وزن المواقف القانونية والقضائية لتسوية التفاصيل العالقة حتى يتمكن الرجل من العودة إلى بلاده حرا مرفوع الرأس، فأنت تعرف يا أخى أن هناك من تربص بكل القامات الكبيرة التى حققت إنجازات لمصر من قبل، وتعرف أن هناك من وظف القانون لتكييف قضايا بعينها انتقاما من جيل كامل فى كل المؤسسات الصحفية والإعلامية والسياسية والتنفيذية، وتعرف كذلك أن إبراهيم سعدة نجا من كل هذه الحواجز والكيديات بالبراءة، ويتبقى ملف واحد يمكن تسويته بسهولة فى حال رفع اسم الرجل من على قوائم الترقب، وتمكينه من العودة إلى مصر.
إبراهيم سعدة يجب أن يكرم على إنجازاته المؤسسية، ومكانته الصحفية الكبيرة فى تاريخ مصر، لا أن نطارده إلى الأبد، بينما الحلول القانونية حاضرة وممكن وقابلة للتنفيذ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة