يسود الارتباك المشهد السورى، خاصة فيما يتعلق بالغوطة الشرقية، فى العاصمة دمشق ذات الوضع الملتبس بسبب الدعوات لفرض هدنة إنسانية لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة فى الداخل السورى، وذلك كون تلك البقعة من الأراضى السورية يدخل فى نطاقها مسلحين تابعين لجماعات إرهابية، وليست فصائل معارضة سورية مسلحة فقط، ممن يشاركون فى الحوارات المتعددة لبحث الحل السلمى للأزمة السورية.
مجلس الأمن الدولى يصوت بالإجماع على هدنة إنسانية فى سوريا 30 يومًا
ورغم كافة الجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار فى المنطقة المشتعلة جنوب سوريا، إلا أن جميعها يبوء بالفشل التام أو تأتى نتائجها ضئيلة على غير ما كنت ترجوه الأطراف المتدخلة لتهدئة الأوضاع بين أطراف النزاع السورى، وكان الفصل الأخير من تلك المحاولات، هى قرار مجلس الأمن الدولى، يوم السبت الماضى، الموافق 24 فبراير الجارى، الذى صوت بإجماع أعضائه على قرار بوقف إطلاق النار فى سوريا 30 يومًا، وتضمن قرار وقف إطلاق النار بجميع أنحاء سوريا تحركا إنسانيًا إلى كل المناطق بما فى ذلك الغوطة الشرقية.
وفى الوقت الذى جاء فيه تصويت مجلس الأمن الدولى، بإعلان هدنة إنسانية فى جميع الأراضى السورية، بإجماع 15 صوتا، فيما لم تتحفظ ولم تعارض القرار، روسيا، بما يضمن للمنظمات الإغاثية توصيل المساعدات الإنسانية اللازمة للمعيشة إلى السوريين المحاصرين فى مناطق الصراع الشديد، إلا أن موسكو كان لها قرارًا مفاجئًا فى هذا الشأن صباح اليوم الاثنين، جاء مغايرًا للقرار الأممى.
مجلس الأمن الدولى
بوتين يأمر بهدنة إنسانية فى الغوطة الشرقية 5 ساعات يوميا
وفيما يعكس أنه تحديًا روسيًا للمجتمع الدولى وقراراته فى الشأن السورى، كان للرئيس الروسى، قرارًا ورأيًا أخر، حيث نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الدفاع سيرجى شويجو، قوله، إن الرئيس فلاديمير بوتين، أمر بتنفيذ وقف يومى لإطلاق النار فى الغوطة الشرقية بسوريا ابتداء من غد الثلاثاء، وفتح ممر إنسانى يمكن للمدنيين أن يغادروا من خلاله.
ونقلت الوكالة عن شويجو، قوله، إن وقف إطلاق النار سيسرى يوميا من التاسعة صباحًا حتى الساعة الثانية ظهرًا بالتوقيت المحلى – أى أن فترة الهدنة هى 5 ساعات فقط من اليوم - وأضاف أنه سيجرى الإعلان قريبا عن التفاصيل المتعلقة بموقع هذا الممر.
وجاء قرار "بوتين" المفاجئ والمعارض للقرار الأممى بشأن الأوضاع فى سوريا كالصاعقة التى تؤكد أن القوى العسكرية العظمى هى المحرك والمتحكم الأول فى مجريات الأمور على الساحة السياسية والعسكرية الإقليمية والعالمية، وذلك بما يتماشى مع رؤيتها وسياستها وإستراتيجيتها الخاصة، دون التقيد أو الرضوخ لأى قرارات أخرى تتعارض مع ما يتناسب معها، حتى وإن كان ذلك القرار بإجماع دولى أو صادر عن منظمة أممية وظيفتها إدارة حفظ الأمن العالمى.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
بوتين يناقش الوضع فى الغوطة مع مجلس الأمن القومى
وكان ملف الغوطة، مطروحًا للبحث أمام الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، حسبما نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء، عن المتحدث باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، اليوم الاثنين، خلال اجتماعه مع مجلس الأمن القومى الروسى.
ونسبت تاس لـ"بيسكوف"، قوله، إن مجلس الأمن القومى عبر عن قلقه إزاء "الأفعال الاستفزازية" لمقاتلى المعارضة السورية، وأشار المتحدث باسم الكرملين، إلى أن الوضع فى الغوطة الشرقية بسوريا يبعث على القلق الشديدن وأن المتشددين هناك يحتجزون المدنيين رهائن.
وأضاف بيسكوف، فى مؤتمر صحفى عبر الهاتف، "الإرهابيون لا يلقون أسلحتهم ويتخذون السكان المحليين رهائن. هذا هو السبب الرئيسى فى موقف بالغ التوتر"، كما استشهد بيسكوف، ببيان لوزارة الدفاع الروسية، صدر، أمس الأحد، قال إن موسكو لديها معلومات عن احتمال استخدام المتشددين لمواد كيماوية فى الغوطة الشرقية، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية، إن الجماعات المسلحة تنوى استخدام الغازات السامة فى الغوطة الشرقية لدمشق، لاتهام قوات الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية.
مندوب سوريا بالأمم المتحدة، دمشق تواصل عملياتها لمكافحة الإرهاب
ومن جهته، أكد مندوب سوريا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة فى جنيف، حسام الدين علاء، عزم دمشق على مواصلة عمليات مكافحة الإرهاب فى أراضى البلاد وخاصة فى غوطة دمشق الشرقية.
ونقلت قناة (روسيا اليوم) عن الدبلوماسى السورى، قوله، "إن هذه العمليات ليست مشمولة بقرار مجلس الأمن الدولى رقم 2401 بخصوص إعلان الهدنة الإنسانية فى سوريا"، وأوضح المسئول، أن هذه الهدنة تطال جميع مناطق البلاد، بما فى ذلك عفرين حيث يقوم الجيش التركى والمسلحون الموالون له عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية ومناطق ينشط فيها التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة.
الحرب فى سوريا
الاتحاد الأوروبى يطالب بتطبيق فورى للهدنة فى سوريا
وما يدعو للدهشة هنا، أنه إلى جانب قرارات مجلس الأمن الدولى بشأن وقف إطلاق النار فى الأراضى السورية لمدة 30 يومًا، دعت، أيضًا، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى، اليوم الاثنين، إلى تطبيق فورى للهدنة التى طلبها مجلس الأمن الدولى فى سوريا لمدة 30 يوما لإفساح المجال أمام ايصال المساعدات الإنسانية وإجلاء حالات طبية، إلا أن قرارات "بوتين"، جاءت متزامنة وصادمة ومتحدية أيضًا لتلك الدعوات الأوروبية.
وقالت موجيرينى، عند بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى، "هذه الهدنة يجب أن تطبق على الفور"، واعتبرت أن القرار الذى اعتمده مجلس الأمن، مساء السبت، وأيدته روسيا يشكل "خطوة أولى" ضرورية ومشجعة، لكن "الوضع على الأرض يتدهور بشكل دراماتيكى، وخصوصا من وجهة النظر الإنسانية".
القصف الجوى فى سوريا
كما طالبت فيديريكا موجيرينى، اليوم الاثنين، كلا من إيران وتركيا وروسيا بالعمل على تنفيذ التزاماتها فى مجال خفض التصعيد فى سوريا وليس العكس، وأعربت مسئولة الشؤون الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى، عن قلق الاتحاد الأوروبى لما يحدث فى سوريا، وكذلك للتدخل التركى فى منطقة عفرين، مناشدة كافة الأطراف العمل على وقف تدهور الوضع الأمنى فى كل أرجاء سوريا، حيث لا يزال الموقف الأوروبى على حذره وغموضه.
ويأتى ذلك بعد دعوة مماثلة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش من جنيف، قائلا أن "قرارات مجلس الأمن يكون لها معنى فقط إذا طبقت بشكل فعلى"، ومن جهته، قال وزير خارجية لوكسمبورج، جان إسلبورن، "نعود إلى القرون الوسطى فى سوريا"، مستنكرا ما يحصل لسكان الغوطة الشرقية قرب دمشق، فيما أوضح مصدر أوروبى، أنه من غير المتوقع إجراء أى محادثات حول الوضع فى سوريا خلال اجتماع بروكسل، فى حين أن عدة وزراء بارزين لم يحضروا، بينما تواصلت أعمال القصف والمعارك رغم قرار مجلس الأمن حيث قتل مدنيين فى غارات وقصف على الغوطة الشرقية، اليوم الاثنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة