فى ذكرى رحيل الشاعر الفرنسى لامارتين الـ149.. هل كان عربيا؟

الأربعاء، 28 فبراير 2018 03:30 م
فى ذكرى رحيل الشاعر الفرنسى لامارتين الـ149.. هل كان عربيا؟ الشاعر الفرنسى ألفونس دو لامارتين
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع مرور الذكرى الـ149، اليوم الأربعاء، على رحيل الشاعر الفرنسى ألفونس دو لامارتين، تستعيد الأذهان كتابه "حياة محمد"، وما أثاره من جدل حينما أصدر كتابه، وما تضمنه من محاولات لإثبات أن أصوله عربية.

فحينما أصدر لامارتين كتابه "حياة محمد" تعرض إلى حملات شنت عليه فى أوروبا اعتبرته مارقا وأنه باع نفسه للمسلمين، وكانت ردة فعل العالم الإسلامى مماثلة، حيث تم اتهامه بالتجنى وعدم والفهم، فكان موضع انتقاد حاد من الطرفين المتناقضين حينها. هكذا يخبرنا عبد العزيز سعود البابطين، فى مقدمة الكتاب الذى أصدرته مؤسسته فى عام 2006، عندما قررت الاحتفاء فى دورتها العاشرة باختيار "لامارتين" إلى جانب أمير الشعراء أحمد شوقى.

كرس لامارتين الجزء الأول الذى حمل عنوان "حياة محمد" من كتابه "تاريخ تركيا" من أجل الحديث عن نبى الإسلام وعن السيرة النبوية وسيرة الصحابة، بهدف التعريف بالأصول الدينية والفكرية للامبراطورية العثمانية التى تعرض لدراسة تاريخها، ومن أجل هدف أعم وهو تقريب الدين الإسلامية إلى أذهان الفرنسيين.

مختارات من كتاب رحلة إلى الشرق لـ ألفونس دو لامارتين
 

لكن دراسة الإسلام والهدف الذى أوضحه لامارتين، وهو التقريب، سرعان ما تلاشى، بعدما حاول إثبات أن أصوله العائلية تعود إلى الدولة الأندلسية، فبدى وكأنه يبحث بأى بطريقة عن جذوره العربية.

محاولات لامارتين هذه، تجلت حينما قام بتفكيك اسم عائلته "اللامارتيين"، ليترجمه "الخاضعين لأمر الله أو خدام الله"، أضف إلى ذلك أيضًا استخدامه لعددٍ من التعبيرات والمفاهيم المسيحية من أجل تقريب الدين الإسلامي إلى أذهان المسيحيين فى أوروبا عامة وفرنسا خاصة، وهو ما ظهر فى رسالته إلى الكاتب والشاعر الفرنسى ألفريد دو فينى حينما يقول: إن الإسلام هو المسيحية المطهرة.

بناء على هذا تعرض كتاب "حياة محمد" عمدًا لإهمال على مدى ما يقرب من مائة وخمسين عامًا منذ صدور طبعته الأولى عام 1854، حتى صدور طبعته الثانية بالفرنسية عام 2006.

عبد العزيز سعود البابطين
 

ويقول عبد العزيز سعود البابطين فى مقدمة كتاب "مختارات من حياة محمد" إن لامارتين ليس بلاهوتى أو رجل دين متخصص ولا هو بمؤرخ محترف، وأن ما صدر له من أعمال كانت بدوافع عديدة منها رومانسيته التى قادته إلى حب الشرق وطبيعته، وتقديره لدين الشرق الرئيسى وهو الإسلام وإعجابه به.

ويرى "البابطين" أن لامارتين ألف كتاب "حياة محمد" كمقدمة لكتاب أكبر عنوانه "تاريخ تركيا"، وهو مكون من عدة أجزاء وجعله الجزء الأول، باعتبار دراسة حياة محمد "صلى الله عليه وسلم"، هى المدخل الأساسى لأى دراسة عن الإسلام، واستقى الكثير من المعلومات الشحيحة المنقوصة من مصادره القليلة آنذاك.

كما يرى عبد العزيز سعود البابطين أن لامارتين يعد  من المستشرقين الذين حاولوا إنصاف الإسلام والنبى صلى الله عليه وسلم – بلا شك- بقى متأثرًا بدينه والأوساط المحافظة التى نشأ فيها، فجاءت كتاباته – رغم الإنصاف الكبير الذى تخللها – مشبعة ببعض خلفياته الدينية.

ويوضح لنا الدكتور أحمد درويش، فى مقدمته للكتاب، أن مناخ الحركة الرومانسية، والتى كان لامارتين واحدًا من كبار ممثليها، كان يمجد الاغتراب والحنين إلى الزمان البعيد، وكان الشرق رمزًا لهذا الاغتراب الذى تهفو إليه نفوس كثير من الرومانسيين سواءً ممن حلموا به وكتبوا عنه من بعيد، أو ممن رحلوا إليه وجاسوا خلال وكتبوا عن كثير من بقاعه مثل لامارتين.

كما يشير "درويش" إلى أن تجربة الحياة السياسية التى خاضها لامارتين أثرت إلى حد ما فى التفاته إلى بعض جوانب العظمة، فى شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، فاتجه لامارتين منذ مطالع الأربعينيات من عمره 1833م إلى التركيز على الحياة السياسية، عندما انتخب نائبًا فى البرلمان ذلك العام، بعد أن سجل اسمه فى مصاف كبار رواد الحياة الأدبية والشعرية خاصة فى الثلث الأول من القرن التاسع عشر.

وكانت فترة اندماج لامارتين فى الحياة السياسية فترة مهمة فى تاريخ الوعى السياسى فى فرنسا، بعد اختبار مبادئ الثورة الفرنسية الكبرى فى العدالة والحرية والمساواة، وموقع الطبقة العاملة، والقاعدة العريضة، والملكية الخاصة، ورأس المال على الخريطة التطبيقية لهذه المبادئ، والتى جرى صراع الطبقات السياسية المختلفة حول الأولويات والتوازن فى تطبيق عناصرها.

وقد انحاز لامارتين فى دعوته منذ البداية إلى الطبقة العريضة ودعا إلى تطبيق ديمقراطية سياسية حقيقية أساسها الأخذ بيد هذه الطبقة والرقى بها، ولم تجد أفكاره قبولاً من الطبقة الرأسمالية، واعتبروه رأسًا للمعارضة ومن هذا المنطلق خاض معاركه السياسية بين نجاح وإخفاق حتى وصل إلى منصب رئيس الوزراء عام 1848م.

هذه التجربة السياسية العميقة عند لامارتين، جعلته أكثر قدرة على رؤية جوانب العظمة فى شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يحول جموع الفقراء والضعفاء إلى جماعات ترفع رايات العزة والكرامة، وتنطلق بالإنسانية كلها إلى آفاق غير معهودة من قبل.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة