أيمن بكر: نعيش فى زمن "الكيتش" والمفكر الرقاصة لن ينتهى والكتاب يفضح أساليبه

الأحد، 04 فبراير 2018 06:18 م
أيمن بكر: نعيش فى زمن "الكيتش" والمفكر الرقاصة لن ينتهى والكتاب يفضح أساليبه الناقد الدكتور أيمن بكر
حاوره بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المفكر الرقاصة.. هو كتاب للناقد المصرى الدكتور أيمن بكر، والذى يعمل مدرسًا للأدب والنقد فى جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، فى دولة الكويت، وبالتزامن مع معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الـ49، صدر الطبعة الثالثة من الكتاب، بعدما أضاف إليها أيمن بكر أربع فصول أخرى.. "اليوم السابع" التقى الدكتور أيمن بكر خلال تواجده فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وكان لنا هذا الحوار معه..

 

المفكر الرقاصة.. ألا ترى أن الاسم صادمًا بعض الشىء؟

صحيح الاسم صادم، ولكن من يقرأ الكتاب، يكتشف أن كلمة "الرقاصة" فى اللغة العربية لها معان مختلفة، ففى الفصحى كلمة الرقاصة هى الأرض التى لا تنبت وإن مُطرت، فهى أرض جدباء، ومن معانيها أيضًا السراب الذى يخايل المسافر، ما يعنى أننا أمام معنى الجدب والمخايلة، وإذا انتقلنا إلى الرقاصة بالعامية سنجدها تصف شكلا حياديا لا يدين الرقص، فهى امرأة تلبس ثيابا معينة وتؤدى حركات راقصة على موسيقى، وهذه الرقاصة على وزن فعالة، أى صيغة مبالغة، تشير إلى القدرة الفائقة فى مهنتها، لكن هى أيضًا تداعب الشهوة الجنسية ولا تشبعها، وليس ضمن التعاقد بينك وبين الرقاصة التى تشاهدها وتداعب الشهوة الجنسية أن تشبعها، ومن كل هذه المعانى، يمكن استنباط مفهوم يصف عدد لا بأس به من المثقفين والمفكرين المصريين والعرب الذي يقدم فكرًا جديب مخايل، يداعب شهوة الفكر والفهم ولا يشبعها.

 

وهل من الممكن أن تذكر لنا بعض أسماء هؤلاء المثقفين والمفكرين؟

لا، فالكتاب اعتمد على عدم ذكر الأسماء حتى لا يتحول إلى كتاب "شخصى".

 

وما هو السبب الذى دفعك لإعداد هذا الكتاب؟

المفكر الرقاصة، أولا وقبل كل شيء، هو كيان إبداعى، وليس فارغًا، لكنه قرر بشكل واع أن يستخدم قدراته الإبداعية لصالح السلطة، أو مصالحه الشخصية، فهو يمارس المخايلة والتلاعب بآلة العقل دون أن يشبع الأسئلة التى يطرحها أو يتعرض لها.

 

وهل هذا دليل على عدم مقدرته للإجابة على هذه الأسئلة أم ماذا؟

لا، هو قرار مسبق لخدمة توجهات ومصالح شخصية، وفكرة الشلالية والمصالح فى ثقافتنا العربية معروفة، فالمثقف الذى دخل حظائر السلطة معروفة أيضًا، ولكن الفكرة الأساسية كانت تتمثل فى إيجاد آليات المغالطات الخطابية التى يمارسها على الناس، فهو مثلا يتجنب الوصول إلى نتائج، وعدم التوثيق للأفكار التى يذكرها، إضافة إلى الخلط المتعمد بين المدارس الفكرية والأفكار.

 

ومتى تحديدًا بدأت رصد هذه الظاهرة؟

الكتاب فى طبعته الأولى صدر عام 2007، ويتناول مجموعة من الظواهر المختلفة، التى تجعله يندرج ضمن أعمال النقد الثقافى، أما الفصل المخصص للمفكر الرقاصة، فكتب فى عام 2005، وكان السبب الرئيسى وراء الكتاب هو مجموعة من اللقاءات والحوارات للمثقفين والمفكرين كانت تعرض على شاشة التليفزيون، وكنت أنتظر من هذه الأسماء أن تقدم وجبة تليق بحجم أسمائهم، ولكننى لم أخرج من هذه اللقاءات بأى شيء، ولما عرضت هذا المصطلح فى إحدى الجامعات الأجنبية، قيل لى من أساتذة علم اجتماع من عدة دول، إن هذا التوصيف يمكن أن ينطبق على عدد من المثقفين والمفكرين الأجانب أيضًا، وعبروا عن إعجابهم بتوصيف الآليات التى تستخدمها هذه الفئة من المثقفين والمفكرين.

ما لفت انتباهى، هو أن الغرب نظر للآليات التى اعتمدت عليها فى توصيف المفكر الرقاصة، أما لدينا، فتم التركيز على الجانب الأخلاقى أكثر لمفردة الرقاصة وذلك بسبب الخجل الثقافى الزائف الذى نمارسه على بعضنا.

 

وما هى أبرز القضايا التى قمت برصدها فى المفكر الرقاصة؟

كلها قضايا لها علاقة بالتابوهات الدين والسياسة والجنس.

 

مثل..

مثل الحديث عن مشكلات الديمقراطية فى العالم العربى، فكثير منهم يتحدث لكن لا أحد يقدم إجابات شافية أو يجيب بشكل واضح حول إشكاليات تداول السلطة، أو الحديث عن الديكتاتوريات.

أما على المستوى الدينى، فهناك حالة لصنع توازن مع المؤسسات الدينية التى تلعب دورًا كبيرا فى قمع الحريات والفكر، وأينعم نحن الآن نشهد محاولات لخلخلة موقف المؤسسات الدينية وإعادة النظر للمناهج التى تقدمها، ولكن المفكرين الذين يفترض أنهم أصحاب توجه علمانى، فى الحقيقة أنهم يلعبون طوال الوقت على حبل التوازن.

 

وكيف ترى إلى متى يمكن أن تستمر ظاهرة المفكر الرقاصة؟

أرى أنها ظاهرة مرتبطة فى الأساس بالأنظمة السياسية الديكتاتورية، فنمط المفكر الرقاصة يجد لنفسه البيئة الحاضنة التى تمكنه من التحرك وأن يلعب دور حائط الصد لها، ناهيك عن الفكرة الأساسية وهى المصالح، التى تحركها قاطرة الرأسمالية العمياء، ولهذا فلا أعتقد أنه سيختفى، بل يكفينا أن نسلط الضوء عليه، ونعرفه، لكى يتم تميزه.

 

فى الطبعة الثالثة للكتاب.. ما هى الضرورة التى دفعتك لإضافة أربعة فصول له؟

الكتاب بطبيعته كما قلنا من قبل، هو نقد ثقافى، وبعد صدور الطبعة الأولى والثانية، كنت قد عملت على أربع دراسات تنتمى إلى مجال النقد الثقافى، ومن بينهم المعرفة الرقاصة، وكانت هذه الدراسة محاولة للإجابة على سؤال: هل يمكن سحب مصطلح المفكر الرقاصة على نوع معين من المعرفة تلعب نفس الألاعيب، وما هى هذه الآليات؟

وخلال عملى توقفت عند أجراه سعد مسطوح لكمال أبوديب يقدم فيه آليات خلل عند "أبو ديب"، هى أقرب إلى فكرة المعرفة الرقاصة، وهناك فصل آخر عن المغالطات المنطقية، ولدينا مفكر مصرى مهم جدًا، وهو عادل مصطفى، وهو أستاذ علم نفس، ووهب نفسه للفلسفة، أصدر كتابا عن المجلس الأعلى للثقافة بعنوان "المغالطات المنطقية"، وأعتقد أن أهم ما تحتاجه وزارة التربية والتعليم فى عالمنا العربى هو تدريس المغالطات المنطقية للطلبة، لأن دراستها تقى منها.

فهناك مثلا مغالطة "الرنجة الحمراء"، وهى واقعة شهيرة، كانت تحدث فى القرون الوسطى أوروبا، حينما كان يقوم أحد المساجين بالهرب، كان يستخدم الرنجة الحمراء ليضلل الكلاب البوليسية أثناء تعقب أثره، فهذه المغالطة نستخدمها حينما يدور نقاش بين اثنين، ولا يجيب الطرف الثانى على السؤال الأساسى الذى يوجه إليه. وأيضًا لديك مهاجمة الأشخاص لا الأفكار، ومن هناك تكمن أهمية المغالطات المنطقية.

ومن الفصول التى أضفتها أيضًا هو "الكيتش" وهو مصطلح ظهر فى ألمانيا، يتحدث عن الأعمال الفنية المستنسخة من الأعمال الفنية الكبيرة، ولكن بطريقة رديئة، لتحقيق مكسب ومداعبة ذوق الجمهور صاحب الذائقة "الرديئة"، فنحن نعيش زمن "الكيتش" كل ما حولنا هو تقليد، ولكن بطريقة ركيكة، فمثلا النحت المصرى هو أحد أهم أعمال الفن فى تاريخ البشرية، ولكن حينما نجد تمثالاً مستنسخًا لرأس نفرتيتى ولكن بطريقة رديئة وكريكة فهذا "كيتش".

 

باعتبارك مدرسا للأدب والنقد فى جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا.. كيف ترى وصف الحالة المشهد الأدبى فى الكويت؟

الحركة نشطة للغاية، وهناك جيل مدهش من الشباب، فليس فقط سعود السنعوسى الذى يدعو للفخر، لكن لدينا جيل من كتاب الراوية والشعر، مثل حمود الشايجى، وهو لديه رواية بعنوان "شيخ الخطاطين، استبرق الأحمد، هديل الحساوى، وبثينة العيسى، وبرأيى أن هذا الجيل تأثر كثيرًا بجيل الرواد فى الكويت، ويعملون على تطوير أنفسهم، والاستفادة من الانفتاح.

 

لو لم تكن هناك جوائز أدبية مثل "البوكر" أظهرت لنا سعود السنعوسى.. برأيك كيف كنا سنتعرف على هذا الجيل من أدباء الكويت؟

لو لم تكن هناك جوائز أدبية لكانت هناك مصائر أدبية تاريخية أخرى، فهذه الأجيال لا تعجز أبدًا، حتى فى ظل وجود الرقابة الحالية، التى أرى أنها وهمية، فنحن فى عالم بلا أسرار، وأى محاولة للسيطرة على المعرفة فهى محض وهم ويائسة.

 

وماذا عن جيل الشباب المصرى فى الكويت؟

هناك جيل من الشباب المصريين يكتبون الشعر والقصة والرواية، ففى الشعر لدينا مثلا نادى حافظ، ومحمد توفيق، وحسنى التهامى، ومن كتاب القصة هناك أشرف عبد الكريم.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة