أكد المشاركون فى ندوة "الاغتراب الثقافى لدى الشباب العربى وفقدان الهوية" بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، على أن الثقافة هى العنصر الأساسى فى إزالة الاغتراب، وأن الثقافة عندما تزول يتحول الإنسان إلى كائن بلا هوية، مطالبين بضرورة توحيد الجبهة الداخلية للوطن العربى من خلال ثقافة قومية واحدة تمنع الاغتراب الثقافى لدى شباب الأمة العربية.
وأوضح الناقد الدكتور أحمد درويش، أستاذ النقد الأدبى، مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر، أن ثقافة العولمة كان من أهدافها إنشاء قرية كونية ذات نمط واحد، وهى فكرة كان المقصود منها تفتيت المقاومة وسهولة إبتلاع المناطق المعنية فى العالم، مشيرا إلى أن هذه الثقافة ليست غريبة على الثقافة الغربية أيضا والتى تشكو هى الأخرى من "أمركة الثقافة"، بخاصة أن النمط الثقافى الأمريكى الشعبى ليس نمطا راقيا، فالثقافة الأمريكية لديها أنماط راقية لا تصدرها لنا، ولديها أنماط شعبية تصدرها للعالم، حتى أن الكنديين كانوا يشتكون من أن الطفل الكندى لم يعد يعرف إن كان كنديا أو أمريكيا.. بينما تمسكت ثقافات أخرى مثل الكورية واليابانية والصينية بلغتها، وأدركت هذه المجتمعات أن رصيدها الأساسى الذى لا يمكن التضحية به هو الثقافة واللغة والعادات والتقاليد، فتمسكت بأعمدة الهوية، وتحالفت سياسيا وعسكريا مع القوى الكبرى مع محافظتها على هويتها.. بينما نحن العرب فرطنا فى الكثير من جوانب الهوية التى تجعل الطفل أو الشاب يتمسك بهويته، وفى مقدمتها اللغة، ولم نفهم البعد الخطير جدا لأن تكون لأمة ما لغة تشكل الطفولة والنشء.
وقالت الدكتورة أمل بنت سعيد الشنفرى رئيس مجلس إدارة مجلة "آماد" الثقافية، فى كلمتها للندوة التى تضمنت الاحتفال بتدشين العدد الورقى الأول من مجلة آماد، مساء أمس الاثنين بجناح اتحاد الناشرين المصريين، أن الدول العربية لم تعد بحاجة للسلاح والعتاد بقدر احتياجها للتسلح بالعلم والثقافة والتحصن بالفكر الناضج المعتدل المستمد من حضارة هذه الأمة لمواجهة موجات التطرف والارهاب التى تضرب بلادنا العربية الآن.
وأشارت الدكتورة رانيا يحيى الأستادة بأكاديمية الفنون عضو المجلس القومى للمرأة، إلى أن تأصيل الهوية فى نفوس شبابنا يتطلب غرس قيم ومبادئ الوطنية والولاء للوطن بشكل عام فى الأطفال والشباب، وإحياء التراث الشعبى بموروثاته الثقافية والتركيز على المراحل العمرية للشباب فى البيئات المختلفة، مع تنشيط دور قصور الثقافة والبيوت الثقافية فى المحافظات النائية والقرى والنجوع، والعمل على تشجيع الأطفال والشباب على الفن والفكر والإبداع بالمسابقات الفنية والثقافية وتقديم الدعم المالى ومساندة ظهور تلك الإبداعات من خلال وسائل الإعلام المختلفة مما يثير حافز الشباب تجاه الأنشطة الفنية والفكرية. إلى جانب الاستعانة بالفنانين ورموز المجتمع والكوادر الفنية المتميزة فى قوافل لتنشيط أفكار شباب المجتمع، وتوعية الشباب بالمخاطر الأمنية التى نواجهها فى المنطقة ومطالبتهم بتقديم مقترحاتهم للمشاركة فى الإرادة السياسية من خلال الفن والإبداع مما يشعرهم بالمسئولية الوطنية تجاه بلدهم فى حربها ضد الإرهاب.
ومن جانبها قالت الدكتورة علا المفتى مدرس أدب وثقافة الطفل بكلية البنات جامعة عين شمس، إن الطفل العربى تشرب ثقافات، تختلف كلية عن ثقافة مجتمعه، فنجده يتحدث بلغة مختلفة، ويتبنى عادات مغايرة لبيئته، فيصبح غريبا فى مجتمعه، شاعرا بالوحدة منطويا. مبينة أن الحل يكمن فى التربية، بدءا من الأسرة، ومرورا بكل مؤسسات المجتمع، من خلال تربية النظرة الناقدة لأطفالنا، وغرس الانتماء فى نفوسهم، عن طريق الاهتمام بالتعليم، خاصة فى مجالات علوم اللغة والدين والتاريخ. وتنميتهم ثقافيا، وتشجيع زياراتهم لمعالم بلدهم المختلفة، من آثار ومتاحف وأماكن تاريخية. والاهتمام بمشاركتهم، فى الأعياد القومية، والوطنية والدينية، والاهتمام بكل ما يقدم لهم، عبر وسائل الإعلام. وإنتاج مواد إعلامية للطفل، نابعة من ثقافة مجتمعه.
وطالبت الإعلامية الدكتورة نسرين مصطفى، بإيجاد إستراتيجية إعلامية عربية معلنة وموحدة تشرف عليها جامعة الدول العربية، لتوفير فرص الحوار ولتنمية الهوية والثقافة لدى الشباب، وإيجاد صيغة لخطاب إعلامى عربى عصرى يواكب التطور الذى يشهده العالم لترسيخ القدرة على نشر الثقافة العربية وترسيخ الهوية فى نفوس الشباب ووجدانهم، بل ونقل الثقافة العربية وترجمتها للغرب وتقديم إعلام يتفاعل مع الشباب ومشكلاته، إعلام هادف وملتزم ومسئول ينبع من قيم وتقاليد وعادات وهوية المجتمع، إعلام عربى الهوية وعربى القيم وعربى الرسالة وعربى الهدف، يستطيع التعامل مع حروب الجيل الرابع التى تتركز اسلحتها فى التلاعب بالعقول مستخدمة السوشيال ميديا كأداة لتدمير الشباب العربى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة