آلاف الأسماء لشوارع ومناطق وأحياء مصر بعضها لها أصل تاريخى وأخرى غير معلومة المصدر، وفى فترة الأخيرة اتخذت المحافظات خطوات فى إطار تغيير تلك المسميات لعدة أسباب منها أنها غير لائقة أو الحاجة لإطلاق أسماء شهداء الوطن كنوع من التكريم لهم على تضحياتهم، والجديد فى هذا الإطار ما فعلته محافظة القاهرة بتغيير اسم شارع سليم الأول وذلك لعوامل تاريخية تتعلق بما ارتكبته فى عهده بالمصريين.
محافظة القاهرة برئاسة المهندس عاطف عبد الحميد، أعلنت اليوم عن تغيير اسم شارع سليم الأول بناءً على ما تقدم به الدكتور محمد صبرى الدالى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان، بأنه لا يصح إطلاق اسم أول مستعمر لمصر، وأشار إلى أنه أفقد الدولة المصرية استقلالها وحولها لمجرد ولاية من ولايات الدولية الدولة العثمانية، إضافة إلى ذلك قيامه بقتل آلاف المصريين خلال دفاعهم عنها وأعدم أخر سلطان مملوكى "طومان باى" وحل الجيش المصرى.
ما بعد خطوة محافظة القاهرة
خطوة محافظة القاهرة تفتح باب التساؤلات حول إمكانية إعادة منهجية تسمية الشوارع فى مصر، ومراعاة الأبعاد التاريخية لكل اسم يتم اطلاقه على شارع أو حى أو منطقة بالكامل، وهل التغيير فى الوقت الحالى له فعالية أم أن الأمر أصبح مجرد إجراء شكلى خاصة أن قطاع ليس بالقليل من المصريين لا يدرون تاريخ تلك الأسماء، وتلك النقطة تقودنا إلى الحديث عن إمكانية ابتكار طريقة لتعريف المصريين بتاريخ هذه الأسماء، مستغلين خطوة محافظة القاهرة بتغيير اسم شارع سليم الأول كبداية لهذا النهج خلال الفترة القادمة.
الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث، يرى أن فكرة النظر فى منظومة إطلاق الأسماء على الشوارع أمر إيجابى خاصة مع مراعاة البعد التاريخى فيها، قائلاً :"عموما إطلاق بعض الأسماء التاريخية على الشوارع أمر طبيعى حتى لو كان بعضها له دور سلبى لأنه ارتبط بالظرف الزمنى مثلاً يوجد أسماء كثيرة من الشوارع تعود لعصر الدولة العثمانية بسبب طول فترة حكمها لمصر"، مضيفًا :"بالنسبة لمراجعة تلك الأسماء الآن ومعرفة دورها التاريخية وتحديد إذا كان الاسم سيستمر أم لا؟ فلا مناع فى اتباع ذلك النهج خلال الفترة القادمة ".
حملة للتعريف بشوارعنا
وفى نفس الإطار، أيد الدكتور بسام الشماع، عالم المصريات فكرة مراجعة المحافظات فكرة مراجعة أسماء الشوارع من الناحية العلمية بشرط أن تكون تحت إشراف فريق من العلماء المتخصصين، موضحًا وجهة نظره قائلاً :"منذ فترة وأنا أناشد الجهات المختلفة النظر للبعد التاريخى لأسماء الشوارع والمناطق والأحياء، والسبب فى ذلك أنى نشأت فى محافظة الإسكندرية وكان هناك العديد المثير للاستغراب مثل حى باكوس وهو إله أو رب أسطورى للخمر، وكانت توجد حديقة صغيرة فى منطقة رشدى اسمها اللمبى، وهو جنرال إنجليزى مستعمر تاريخه مكتوب بمدد من الدماء، وفى وقتنا المعاصر لا يعرف المصريون أى شىء عن اللمبى سوى أنه الشخصية التى جسدها الممثل الكوميدى محمد سعد"، مشيرًا إلى أن هذه الأسماء المغايرة تم إطلاقها على الشوارع لسببين هما الوطنية التاريخية وللآداب.
ويضيف أستاذ التاريخ :"يوجد شارع فى اسكندرية ايضًا اسمه ونجت تم تغيير اسمه لـ"محمد فريد" الزعيم الوطنى إلا أن المواطنين مازالوا يتعاملون بالاسم القديم وهنا تأتى أهمية تعريفهم بسبب تغيير الاسم، وكذلك الدور التاريخى للاسم القديم حتى لو كان سلبيًا"، مضيفًا :"عندما كنت فى مدينة القدس كان يوجد شارع اسمه صلاح الدين مكتوب تحت محرر القدس بثلاثة لغات هى العربية والانجليزية والعبرية".
وأوضح الشماع أن فكرة تعريف الشخصيات التاريخية المطلق اسمها على الشوارع والمناطق بشكل موجز تعود إلى طالبة من الاسكندرية قابلته وطلبت منه هذا الأمر، وهو ما أثار إعجابه وقتها وطالب بإطلاق حملة للتعريف بالشوارع، مضيفًا :"والآن أجدد الدعوة للمسئولين إذا أردوا كتابة تاريخ كل شخصية تاريخية بشكل موجز من أجل تعريف المواطنين بها فأنا على أتم الاستعداد للتعاون والمساهمة فى هذا العمل".
وتابع عالم المصريات حديثه :"بالنسبة للتغير اسم شارع سليم الأول فإنا أؤيد هذه القرار تماما بل وأطالب بتغيير كل من الشخصيات التى لها دور سلبى فى تاريخ مصر بشرط أن يقول هذا الكلام علماء متخصصين"، مضيفًا :"لابد من كتابة اسم شارع سليم الأول سابقا وأسفله يدون فى إيجاز لماذا تم تغيير اسمه، ودوره السلبى فى تاريخ مصر، وكذلك تاريخ الاسم الجديد الذى تم إطلاقه على الشارع".
لا تتختزلوا التاريخ
بينما، رفض الدكتور أيمن فؤاد سيد، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر، فكرة تغيير مسميات الشوارع لأسباب تاريخية، مؤكدًا أنها تؤرخ إلى حقبة عاشتها مصر فلا يمكن اختزال قرون من الزمن حكمت فيها الدولة العثمانية مصر، مضيفًا :"بالنسبة لجزئية القتل وخلافها فإنها كانت معارك ومواجهات له ظروفها وبعدها الزمنى والمكانى".
وتابع استاذ التاريخ الاسلامى حديثه :"على سبيل المثال هناك أسماء شوارع تعود لفرنسيين وإنجليز لكنها تؤرخ إلى حقبة زمنية عاشتها مصر، ورغم أن الفرنسيين كانوا محتلين لكن كانت لهم بعض الأشياء المدونة بأسمائهم، وهذا الشىء جزء من التاريخ لا يمكن إنكاره".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة