لا تخلو قصة فيلم «المختفية الوهمية» زبيدة، إخراج وإنتاج هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، من مفارقات فكاهية، وحتى الفرجة على الفيلم بعد انكشاف فبركته تكشف عن ممثلة كبيرة يمكن الاستفادة بها فى الدراما، ونقصد «أم زبيدة»، فهذه السيدة موهوبة فعلًا، ولديها إمكانيات تمثيلية ترشحها لتحتل مكانة مرموقة فى عالم السينما، وربما لهذا استعانت بها «بى بى سى» لمعرفتها بهذه الموهبة المتدفقة للسيدة التى ظهرت فى عدة أفلام بقناة الجزيرة وتوابعها، بما فيها هيئة الإذاعة البريطانية، التى ربما تكون انضمت إلى قنوات الجزيرة فى مشروع إنتاج مشترك.
ولا يستبعد أن تكون «أم زبيدة» كشفت نيات القناة والهيئة البريطانية فى الحصول على ميلودراما مقنعة، فقررت لعب الدور للحصول على المقابل المعروض، وهو مغرٍ، فالسيدة نموذج لعدد من نجوم «الجزيرة» ممن يكسبون جيدًا من لعب الدور، ولا يستبعد أن تكون اتفقت مع ابنتها لتقديم هذه «النمرة» المربحة.
وبالرغم مما يبدو من حالة تمثيلية لدى «أم زبيدة»، وتقمصها اللافت، واحترافيتها فى الوقوف أمام الكاميرا، فالأمر لم يلفت نظر أورلا جيورين، مراسلة «BBC»، أو أنها تعرف أن السيدة تمثل، وأنها تعمدت استغلال مواهب السيدة التمثيلية، بالاتفاق مع هيئة الإذاعة البريطانية «BBC»، لإنتاج محتوى مزيف لأهداف محددة.
هناك بعض الوقائع تثير التساؤلات، أولها أن الفيلم عرض باللغة الإنجليزية للبريطانيين، وهدفه مخاطبة الخارج، وليس الداخل، ولا يهدف للدفاع عن قضية حقوقية، لكن فقط تأدية دور دعائى مضاد لمصر، وبالتالى تم الاعتماد على البطلة ومواهبها التمثيلية، وباقى الممثلين من محترفى مخاطبة الخارج مجرد كومبارس بمقابل لتسويق قضية وهمية.
«أم زبيدة» ظهرت مرات عديدة فى أفلام مشابهة فى قناة الجزيرة وتوابعها، الأمر الذى يدعم وجهة النظر القائلة إن الهيئة البريطانية ربما أنتجته لصالح «الجزيرة» وقطر، للحصول على اسم تجارى بعد فقدان القناة القطرية وتوابعها فى لندن وتركيا الكثير من المصداقية بعد كشف الفبركة المتكررة والترصد.
الفنانة المحترفة التى قامت بدور «أم زبيدة» فى فيلم «BBC» تحدثت عن اختفاء ابنتها قسريًا، بينما شهادة ابنتها تؤكد علم إخوتها وأمها بموضوع زواجها، ومع ذلك سبق لنفس السيدة أن ظهرت بالنقاب وبماكياج وهيئة مختلفة لتلعب نفس الدور فى فيلم الجزيرة.. ظهرت بالنقاب تطالب الرئيس الأمريكى ترامب بالتدخل للبحث عن ابنتها، ثم تظهر بوجهها فى الكليب الجديد لـ«BBC»، باحترافية وقدرة على الحديث واستدعاء البكاء، ولا يستبعد أن تكون خضعت لتدريبات وبروفات قبل أن تظهر فى الفيلم.
«الجزيرة» سبق أن أنتجت أفلامًا مشابهة، منها فيلم الفتاة «ندى» التى أعلنوا أنها اعتقلت وتم اغتصابها فى مدرعة، وظهرت لتعترف أن القصة كلها مفبركة، وأنها لم تتعرض لأذى، وأنها كانت تمثل مقابل فلوس تحصل عليها فى كل مرة تقف فيها أمام كاميرا الجزيرة، والقصة نفسها مع «أميرة» التى ادعت أسرتها هروبها، وظهرت لتنفى وتكشف أنها هربت من بطش عائلتها لأنها رفضت تمثيل دور المغتصبة ضحية الأمن.
نحن أمام أفلام محترفة، تتم بسيناريو وحوار مكتوب باحترافية، وإخراج يدير، ومونتاج وموسيقى تصويرية، وإذا كانت هيئة الإذاعة البريطانية لم تعلق ولم تعتذر عن فضيحة يفترض أنها تهز مصداقيتها، وتشكك فيما تنتجه من أفلام، ربما يكون الفيلم ضمن اتفاق إنتاج مشترك لأهداف دعائية وليس حقوقية، لكن لسوء حظ منتجى مثل هذه الأفلام أنهم لم ينتبهوا إلى تكرار كشف التزييف، فضلًا عن أن التمثيل الاحترافى لـ«أم زبيدة» هدفه الأجر وليس ضمان حبكة السيناريو فى الواقع.