يومٌ تلو الآخر، تتكشف حقائق تواجه شركة "لافارج" الفرنسية العالمية، للأسمنت بشأن دفعها أموالا للجماعات المسلحة وتعريض موظفيها للخطر من أجل البقاء على أعمالها فى سوريا.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز فى تقرير على موقعها الإلكترونى، إنه لعدة أشهر عمل موظفو لافارج على إيقاع المعارك البعيدة حيث شن تنظيم داعش معارك شرسة فى خريف عام 2014 للاستيلاء على الأراضى السورية. ولم يرغب صاحب العمل، وهو أحد أكبر منتجى الأسمنت فى العالم، فى التخلى عن المصنع، لكنه كان يهدف إلى إبقائه قيد التشغيل، بحيث يكون فى وضع جيد عندما تنتهى الحرب الأهلية، ذلك فى الوقت الذى لم يكن أمام، جميع العمال المحليين خيارات أخرى للتوظيف فى بلد كان الصراع فيه يدمر الاقتصاد.
شركة لافارج
وحث مديرو الأمن العمال على عدم القلق قائلين أن سلامتهم أولوية وأنه فى حال اقتراب القتال أكثر من اللازم، فإن الشركة لديها خطة إخلاء تشمل حافلات لإخراجهم. وفى حين انسحبت شركات أخرى متعددة الجنسيات من سوريا فى خضم الحرب الأهلية، تقول الصحيفة أن شركة لافارج اتخذت قراراً محسوباً بالبقاء متخلية عن حدود القانون الدولى للحفاظ على تشغيل عملياتها.
وتضيف أن تحركات شركة لافارج، التى تم كشفها فى وثائق محكمة فرنسية استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز، وكذلك مقابلات مع موظفين سابقين، توفر معلومات نادرة عن تكاليف وتعقيدات ممارسة الأعمال التجارية فى بلد تمزقها الحرب، كما تكشف عن المقايضات التى تركت شركة كبيرة عرضة لتحقيقات جنائية فرنسية وكذلك دعوى قضائية مدنية.
داعش
وتتهم لافارج بأنها أبرمت عبر وسطاء اتفاقات مع جماعات متطرفة بينها تنظيم داعش حتى تضمن استمرار عمل مصنعها فى منطقة جلبية بشمال سوريا خلال عامى 2013 و2014. ويشتبه القضاء فى قيام لافارج التى اندمجت فى 2015 مع شركة هولسيم السويسرية بنقل أموال عبر وسيط إلى تنظيم داعش لتمكين موظفيها من العبور. كما أن الشركة متهمة بشراء بالنفط من تنظيم داعش بعد استيلائه على معظم المخزون الاستراتيجى السورى فى يونيو 2013.
وفى تصريحات سابقة للإعلام الفرنسى شكا بعض العمال من تعريضهم للخطر، حيث قال أحمد الذى عمل سابقا فى موقع شركة الأسمنت الفرنسية فى شمال سوريا عندما فرضت الفصائل المسلحة قانونها "لقد تخلت عنا لافارج، كان يجب أن يستمر المصنع فى العمل" بدون ضمان سلامة الموظفين. ودفعت المجموعة التى اندمجت عام 2015 مع هولسيم السويسرية، بين عامى 2011 و2015 نحو 13 مليون يورو لهذه الفصائل، وضمنها تنظيم داعش، لاستمرار تشغيل مصنعها رغم النزاع وفقا لتقرير داخلى.
جانب من الدمار اللاحق بسوريا
وفى ديسمبر الماضى، وجهت السلطات الفرنسية تهمة تمويل الإرهاب ودعمه إلى مسئول فرنسى كبير فى شركة لافارج، وهو برونو لافون رئيس مجلس إدارتها السابق. وبحسب صحيفة لكسبريس الفرنسية، وجه القضاء تهمتى "تمويل منظمة إرهابية" و"تعريض حياة آخرين للخطر" لـ لافون أحد مسئولى الشركة، وذلك فى إطار التحقيق التى تجريه حول أموال دفعها عملاق الإسمنت لتنظيم داعش فى سوريا.
وذكرت الصحيفة أن لافون الذى تولى منصب رئيس مجلس إدارة لافارج بين 2007 و2015 وكريستيان هيرو، الذى كان يشغل منصب نائب المدير العام، وضعا أيضا تحت الرقابة القضائية بعدما وجهت إليهما نفس التهمتين اللتين وجهتا مساء الخميس إلى أريك أولسن، الذى تولى منصب المدير العام للافارج هولسيم، بعدما اندمجت لافارج الفرنسية بهولسيم السويسرية فى 2015.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة