بعد وفاة أمير الشعراء أحمد شوقى عام 1932 اجتمع عدد من الشعراء والكتاب عام 1934 ومنهم طه حسين وإبراهيم عبد القادر المازنى ومنحوا الكاتب الكبير "عباس محمود العقاد" لقب "أمير الشعراء"، ليحمل راية الشعر العربى بعد "شوقى".
طه حسين وعباس العقاد
لكن هذا اللقب لم يلتصق بـ"العقاد"، والذى تحل اليوم ذكرى وفاته الـ54 إذ رحل فى 12 مارس 1964، كما التصق به لقب "الكاتب الجبار" التى أطلقه عليه الزعيم المصرى سعد زغلول، وظل شوقى وحده أميرًا للشعر العربى الحديث، فهل كان يستحق العقاد ذلك اللقب الكبير، وهل تميز إنتاجه الشعرى، كما تميز فى دراساته النقدية ونثره؟.
أحمد درويش
قال الناقد الدكتور أحمد درويش، أستاذ البلاغة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، أولاً الذى اختار العقاد أميرًا للشعراء، مجموعة من المبدعين الكبار على رأسهم الأديب الكبير طه حسين، وذلك بعدما عقد اجتماعًا علنيًا وقال "إن لواء الشعر يحتاج لمن يرفعه وأنا أعطيه للعقاد"، موضحًا أن هذا الاختيار ليس مبنيًا على المجاملات، وربما كان فيه بعض التقارب فى النواحى السياسية والاجتماعية.
وأضاف "درويش" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "كان العقاد شاعرًا كبيرًا وله إنتاج شعرى كبير وصل لـ10 دواوين من القطع الكبير، موضحًا أن العقاد من ناحية الكم الشعرى، كان فحلاً كبيرًا، ومن حيث الكيف كان يرأس مدرسة للتجديد نظرية وتطبيقية، وهو الذى أنتج أول دواوين للعربية حاول فيها أن يقترب بالشعر من لغة الحياة العادية، هو ديوان "عابر سبيل".
ولفت مقرر لجنة الدراسات النقدية بالمجلس الأعلى، إلى أن للعقاد قصائد رائعة وله قصائد متوسطة وقصائد عادية، كغيره من الشعراء، مشددًا على أنه ربما نكون فى حاجة لمن ينقل عنه جديدًا يقدمه للأجيال المقبلة، لافتًا إلى أن ثقافتنا يصعب عليها الإشادة بأديب كبير على أنه شاعر كبير أيضًا، وعلينا أن نغير هذا وسوف نجد فى العقاد منبعًا شعريًا عذبًا.
حسين حمودة
ومن جانبه قال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى الحديث، بكلية الآداب جامعة القاهرة، إنه بغض النظر عن فكرة الإمارة وتنصيب أمير للشعراء ومدى ابتعادها عن التعبير وعدم دقتها، فإن اختيار "العقاد" أميرًا للشعر بعد "شوقى" لم يكن منصفًا لشعراء آخرين كانوا أكثر أهمية، على مستوى إنجازهم فى الشعر، من العقاد.
وأضاف "حمودة"، ربما كانت للعقاد إسهامات أدبية مهمة، لكن الشعر لم يكن أكبر هذه الإسهامات، مشيرًا إلى أن عباس العقاد كانت له قصائد كبيرة ومشهودة، لكن تجربته فى الشعر بوجه عام لم تكن واسعة الرحابة ولا متميزة عن شعراء آخرين أخلصوا للشعر فى كل ما كتبوه.
وأتم الدكتور حسين حمودة: "العقاد كان موزع الاهتمامات فى مجالات كثيرة كما نعرف جميعًا، وكان الشعر جزءًا محدودًا".
مروة مختار
من جانبها قالت الدكتورة مروة مختار، أستاذ الأدب العربى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ورئيس مركز الدراسات الثقافية، إن للعقاد مجموعة من الدواوين منها: يقظة الصباح، وهج الظهيرة، وحى الأربعين، عابر سبيل..."، وشعره منذ كتابته وحتى الآن وهو مثار خلاف بين النقاد، منهم من يراه شاعرًا مطبوعًا ومنهم من يراه مصنوعًا.
وأضافت "مروة" أن من يراه مطبوعًا يدافع عنه بكل قوة، ومن يراه مصنوعا يقدح شعره شكلا ومضمونا، فالدكتور عبد الحى دياب وصفه بأنه رائد مدرسة الإبداع وإمامها، وأنه تفوق على عبد الرحمن شكرى والمازنى، لأنهما لم يواصلا الكتابة الإبداعية بينما استمر العقاد وطور نفسه، وساعده على ذلك موسوعية اطلاعه، وانعكس على معجمه الشعرى، بصفة خاصة، وأسلوبه فى الكتابة بصفة عامة،وقد عبر شعره عن عالمه الذاتى.
وأوضحت الدكتورة مروة مختار، وفى رأيى أن العقاد جمع بين الطبع والصنعة، وإن غلبت الثانية على الأولى من وجهة نظرى، ومال شعره للنزعة الفلسفية العقلانية بشكل كبير، ويمكننا أن نقرأه ونتذوقه ونتفاعل معه، لكنى إذا سمعت اسم العقاد سيستدعى اسمه فى وجدانى وعقلى إبداعه النثرى قبل إبداعه الشعرى.