أزمات مفتوحة وملاحقات لا تنقطع يواجهها المسلمون فى أوروبا، والمواطنين من ذوى الأصول العربية فى ظل تنامى موجة العداء فى دول القارة العجوز، بسبب التهديدات الإرهابية التى تزايدت وتيرتها بالتزامن مع هزائم تنظيم داعش الإرهابى، وما تلاها من هروب غالبية المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية.
وفى لندن، انتشرت العديد من الخطابات الداعية للمشاركة فى يوم "عاقبوا المسلمين" فى جميع أنحاء بريطانيا خلال الأيام القليلة الماضية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى صورا لنسخة خطاب يحتوى على قائمة بالأعمال العنيفة التى يمكن ارتكابها وأماكن تنفيذها. وحث الخطاب على التغنى الجماعى بعبارات تحمل إدانة للمسلمين، ما دفع حقوقيين وأعضاء برلمان إلى وصف الرسالة بأنها "مزعجة".
مسلمين فى أوروبا
ويشار إلى أن جرائم الكراهية ضد المسلمين فى لندن ارتفعت بنسبة 40% خلال عام واحد فقط، بحسب بيانات صادرة عن مكتب عمدة المدينة وأظهرت أيضا أن المعدل اليومى لحوادث الإسلاموفوبيا بالعاصمة ارتفع من 3 حوادث إلى 20 حادثة يوميا عقب هجوم جسر لندن.
وفى برلين قالت الشرطة والسلطة القضائية السبت الماضى، إن هناك بحث جار عن خمسة مطلوبين بتهمة "محاولة القتل"، وذلك بعد قيامهم بإشعال حريق متعمد اندلع بمسجد بجنوب المانيا.
واندلعت النيران نهاية الأسبوع الماضى بمسجد فى لاوفن بشمال شتوتجارت، بحسب بيان مشترك لمكتب مدعى عام شتوتجارت وشرطة هايلبرون.
وأشار البيان إلى أن "مجهولين القوا العديد من قنابل المولوتوف عبر نافذة المسجد الذى كان الإمام نائما بداخله. وتمكن الإمام الذى لم يصب بجروح، من أن يخمد بنفسه الحريق الذى لم يتسبب بأضرار مادية.
وفتح المحققون تحقيقا فى "محاولة القتل"، ويعتبرون أن خمسة أشخاص على الأقل شاركوا بالهجوم، كما يبحث المحققون فى احتمال وجود دافع عنصرى أو كراهية للمسلمين.
مقاتلى تنظيم داعش
ونهاية العام الماضى تكبد تنظيم داعش الإرهابى درس غليظ بعدما فقد غالبية عناصره وقادته فى الحرب الدائرة فى سوريا والعراق على يد التحالف الدولى، الذى دك معاقله، مما أدى لاهتزازه أمام العالم ولجوئه إلى المزيد من الدعاية الإرهابية عبر مواقعه الخاصة والتى انعكست بالسلب على صورة المسلمين وزيادة حدة الكراهية تجاههم، باعتبارهم مصدر تهديد للغرب.
وفى باريس هناك العديد من التصريحات والقرارات المنددة دوما بإظهار أى ميول دينية إسلامية، إذ قرر العديد من رؤساء البلديات منع إقامة الصلوات فى الشوارع، إضافة إلى عدم ارتداء النساء للنقاب، والذى يمثل جريمة حقيقية فى حال مخالفة أى امرأة ذلك.
ومن أشهر القوانين الفرنسية هو عدم ارتداء الرموز الدينية إو إطلاق اللحية أو التكبير وإقامة الصلاة فى الأماكن العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا يعيش بها أكبر عدد من المسلمين فى أوروبا، والمقدر عددهم بنحو خمسة ملايين مسلم. ويشكو قادة المسلمين بفرنسا من عدم إتاحة مساحات كافية لهم لأداء الصلاة، مع استمرار الجدل حول بناء مساجد جديدة، المسألة التى ينظر إليها حزب "الجبهة الوطنية" اليمينى المتطرف على وجه الخصوص بعدائية.
ومن أبرز مظاهر العداء للمسلمين، ما حدث عام 2011، حيث حظرت الحكومة الفرنسية الصلاة فى الأماكن العامة، وقارنت مارين لوبان زعيمة "الجبهة الوطنية" مشهد صلاة المسلمين فى الشارع بالاحتلال النازى لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى محاكمتها بتهم التحريض على الكراهية، لكنها برئت من التهم الموجهة إليها.
مسلمين فى اوروبا
ومن أكثر ما أثار غضب المسلمين فى أوروبا هو ما جرى فى الربع الأخير من العام الماضى (2017) خلال الاحتفالات بيوم استقلال بولندا فى العاصمة وارسو، إذ هتف عشرات آلاف البولنديين بشعارات ضد المسلمين، وأكدوا أنهم يريدون "أوروبا بلا مسلمين".
ويرى مراقبون أن من أهم العوامل التى ساهمت فى ارتفاع الخطاب المعادى للمسلمين والعنف ضدهم، لا تنحصر فقط فى الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها دول غربية، ولكن فى "السمعة "، والصورة المسبقة والصور النمطية المشوهة التى تدرج كافة المسلمين على قائمة الإرهاب.
وأرجع المحللون جزء من أسباب هذه الجرائم إلى تصريحات السياسيين المعادية للإسلام فى حملاتهم الانتخابية والتى خلقت مناخ من الكراهية، خاصة مع دعوات بعض السياسيين فى أوروبا إلى إغلاق المساجد، وتطوير اختبارات دينية لقبول اللاجئين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة