تحديات عديدة أصبحت تواجهها إيران فى الداخل والخارج، فداخليا لا تهدأ التجمعات الاحتجاجية بين الحين والأخر منها ما هو لأسباب اقتصادية وأخرى سياسية، اضافة إلى تدهور اقتصادى وارتفاع جنونى فى سعر العملة الأجنبية، وأزمة نقص المياة ، أما خارجيا تشتبك طهران فى العديد من الملفات فى ميادين النزاع الاقليمى، فضلا عن خطر عودة ملفها النووى إلى المربع الأول وإعادة فرض العقوبات الدولية وو.. إلخ، تحديات فرضت على طهران خيارات وأساليب جديدة لجأ إليها بعض السياسيين، وكان إحداها الدعوة لتولى شخص ذو خلفية عسكرية أو "عسكرى" مهام السلطة التنفيذية أى رئاسة الجمهورية، ويقود البلاد لإنقاذها.
وجدت هذه الأيام الفكرة زخما كبيرا بين السياسيين الإيرانيين، حيث طرحت لأول مرة هذه القضية فى الداخل الإيرانى على لسان قيادات بارزة داخل التيار المحافظ، وأول من لوح بها كان النائب الإيرانى وعضو اللجنة القانونية والعسكرى السابق بالحرس الثورى، محمد على بور مختار، فى مقابلة مع موقع "اونلاين" الإلكترونى، حيث "رجح أن يتولى عسكرى زمام الأمور فى إيران لإنقاذها من المشكلات"، وخرجت أصوات أخرى من داخل هذا المعسكر تنادى برجل عسكرى يحكم إيران فى ظل الظروف الراهنة.
قائد الجيش الايرانى
وكان من بين تلك الأصوات الناشط السياسى المتشدد وأستاذ الجامعة "حسين الله كرم" خلال مقابلة صحفية مع إحدى المواقع الإخبارية الايرانية، فى معرض حديثه عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة فى 2021، حيث قال "إن تولى عسكرى إدارة البلاد مرهون بالوقت ووضع البلاد، أرى أن اليوم إيران تحولت لقوة اقليمية وفى حال لم تقوم بعملها فسيتم تقسيمها، وفى هذه الحالة فينبغى أن تتولى شخصية استراتيجية ذو خلفية عسكرية زمام الامور التنفيذية فى البلاد (رئاسة الجمهورية)".
واعتبر السياسى الإيرانى أن روحانى لم ينجح فى التعامل مع الرئيس الأمريكى، أو فى فرض سياسة الصفقات الدولية عبر ابرام الاتفاقية النووية فى 2015، وطرح السياسى المتشدد إسم "قاسم سليمانى" رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثورى، قائلا "الشعب رأى قوة سليمانى فى القضايا الإستراتيجية، فقد قاد قوات غير إيرانية تمكن من خلالها إيجاد تطور على الساحة السياسية، وأخذ القليل من إيران وأتى بأكبر منافع لبلادنا". واعتبر أن سليمانى هو القادر على مجابهة الرئيس دونالد ترامب.
الولى الفقيه والقادة العسكريين
ووفقا لرؤية هذا المعسكر، من الممكن أن يخوض انتخابات 2021 الرئاسية شخص عسكرى، ونظرا للظروف الراهنة فى المنطقة فالشعب الإيرانى سيؤيده، ولن يبتعد عنه على غرار ما حدث مع الجنرال محسن رضائى الذى كان قائدا للحرس الثوري لمدة 16 عاما، وترشح عدة مرات فى الانتخابات فى الدورات المتتالية ( 2005- 2009- 2013) وخسر فى الدورتين الأخيرة وانسحب فى الأولى، أو سعيد جليلى المفاوض النووى السابق الذى خدم فى الحرس الثورى وشارك فى الحرب العراقية الايرانية وانسحب فى انتخابات 2013 الرئاسية لعدم امتلاكه حظوظ للفوز. هذه الفئة لديها استدلال على حديثها بأن البلاد لم يعد تمتلك القوة السياسية وأن الاستمرار على هذا النهج سيجعلها تنهار ويتم تقسيمها.
ولاقت الفكرة معارضين شرسين ايضا، فرغم أن تقارير اعلامية تحدثت عن عدم وجود مانع دستورى لتولى عسكرى زمام البلاد، إلا أن المعارضين لها غير قليلى العدد يرون أن ذلك سيعنى "تولى ديكتاتور زمام السلطة فى إيران" وفى حال وصلت الجمهورية الاسلامية لهذه النقطة فسيقضى ذلك على أهداف الثورة الإسلامية، ولن تعد هناك جمهورية اسلامية، كما أن رئيس جمهورية يمتلك خلفية عسكرية من الممكن أن يقضى على صورة إيران فى الخارج، وفقا لمناهضى هذا الطرح فى إيران، والملاحظ هو التزام التيار الاصلاحى والمعتدلين من أنصار روحانى الصمت حيالها نظرا لرفض الطرح الذى من الممكن أن يؤثر بشكل كبير على مكانة الاصلاحات فى إيران حال حدوثه.
قاسم سليمانى
محللون يروا أن طرح الفكرة فى هذا التوقيت لديه مدلولات، حيث تتعثر برامج الرئيس المحسوب على المعتدلين حسين روحانى، ويمر الاقتصاد الايرانى بأقسى مراحله تدهورا بعد انهيار العملة الايرانية أما الدولار، والارتفاع الجنونى للعملات الأجنبية، إضافة إلى موجات الاحتجاجات فى مختلف المدن والتى اندلعت فى 28 من ديسمبر الماضى، كل هذه العوامل وفرت أرضية لمتقدى الرئيس الإيرانى وخصومه فى الترويج لهذه الأفكار تمهيدا للإنقلاب على حكومته، التى يرى المعسكر المتشدد أنها لم تقدم شئ للمواطن الإيرانى فى الداخل، وعرقلت أجندة طهران السياسية فى الخارج، وفقا للمراقبين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة