تعتزم إيران حجب تطبيق الرسائل الإجتماعى "تلجرام" الذى يتميز بخدمة تشفير الرسائل وتدميرها ذاتية، واستبداله بتطبيقات أخرى محلية الصنع تمكن السلطات من التحكم فى الرسائل وخوادم التطبيق، معتبرة أن تلك الخطوة ستتم لدواعٍ أمنية، بعد أن لعب التطبيق الذى يستخدمه أكثر من 40 مليون مستخدم داخل إيران دورا كبيرا فى اتساع الإحتجاجات التى اندلعت فى مختلف المدن الإيرانية ديسمبر العام الماضى، فضلا عن احتجاجات عرب اقليم الاهواز غرب إيران، واستخدمه الإيرانيون كبديلا لمواقع التواصل الإجتماعى "تويتر وفيس بوك" التى تم غلقها داخل هذا البلد منذ عام 2009.
وكشف رئيس لجنة الأمن القومى الإيرانية فى البرلمان، علاء الدين بروجردى عن مخاوف انتشار تطبيقات التواصل الإجتماعى العالمية فى بلاده وخطرها على الأمن القومى، لذا قررت السلطات تشديد الرقابة على التطبيقات، واستبدال تطبيق "تليجرام" بآخر محلى، بعد أن فشلت فى السيطرة على خوادم التطبيق الذي يحظى بشعبية واسعة داخل البلاد فى مفاوضات جرت مع الشركة المالكة له فى اغسطس عام 2016، ورفضت إدارة الشركة منح طهران برامج للتجسس على محادثات مواطنيها.
بروجردى رئيس لجنة الأمن القومى الإيرانى
وخلال مقابلة مع راديو بروجرد، الإيرانى قال رئيس لجنة الأمن القومى، بأن التطبيق البديل سيصنع في أعلى المراتب الحكومية، مضيفاً بأن السبب في منعه يعود إلى الدور المدمر الذي لعبه تليجرام خلال أعمال الشغب العام الماضي في المدن الإيرانية، وتوصل إلى القرار من أجل جماية مصالح الأمن القومي للبلاد،"مضيفاً بأن إيران أنجزت اليوم الكثير من التقدم في مجال الأمن الإلكتروني وتمكنت من إنتاج تطبيقات بديلة لتلك المنتشرة عالمياً. وذكر بروجردى بأن التطبيق سيكون جاهزا بنهاية شهر أبريل الجارى.
دور تلجرام الحاسم فى احتجاجات ديسمبر 2017
ورغم مساعى بلدان عديدة لفرض قيود على تطبيق تليجرام للتراسل الذكى المشفر كونه المفضل لدى الجماعات الإرهابية فى التواصل بين أعضائها، حيث تعتمد عليه فى نشر الدعاية وتجنيد المزيد من العناصر والتواصل مع الإرهابيين، إلا أن الدولة الإيرانية ستفرض حظرا عليه لأسباب مختلفة، فى مقدمتها الدور الخطير الذى لعبه فى اتساع احتجاجات الفقراء ديسمبر الماضى ضد تدخل طهران فى الشئون الاقليمية وتردى الوضع المعيشى، الأمر الذى دفع وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيرانى محمد جواد آذرى جهرُمى، لتهديد الرئيس التنفيذي للتطبيق، بافل دوروف باغلاقه، حال لم تستجب الشركة لمطلب الحكومة باغلاق قنوات معارضة وصفتها "بالارهابية والمعادية للنظام" في محاولة لقمع الاحتجاجات آنذاك.
احتجاجات ديسمبر الماضى فى ايران
ورغم القيود، يبرع الشباب الإيرانى فى استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعى فى بلد يمتلك أكثر من 41 مليون إيرانى هواتف ذكية والتى يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، وخلال موجة الإحتجاجات الأخيرة كان "تليجرام" بمثابة النافذة الوحيدة التى كان يطل من خلالها الجمهور الإيرانى على العالم الخارحى ولعبت قنوات التطبيق العامة دورا أساسيا في بث المعلومات إلى الإيرانيين فى الداخل والخارج، في حين أن ميزة الرسائل المشفرة قد استخدمت كوسيلة لنشر أشرطة الفيديو والصور للاشتباكات العنيفة، فضلا عن موقع انستجرام الذى يتمتع بشعبية كبيرة داخل إيران وأدت الاحتجاجات حينها إلى مصرع العشرات وحجبت السلطات الإيرانية تليجرام مؤقتاً خلال المواجهات.
اسواق الموبايل فى ايران
تليجرام وسيلة لهروب مرشحى الرئاسة من القيود على الإنترنت
ليس الشباب الإيرانى وحده من عانى من القيود على الانترنت، فقد استطاع مرشحو الرئاسة الإيرانيين فى انتخابات مايو العام الماضى، من الهروب من الحجب الالكترونى والرقابة المشددة على الواقع الإفتراضى عبر شبكات التواصل الاجتماعى واللجوء إلى تطبيق تليجرام للتواصل مع أنصارهم، كما لجأ الإيرانيون إلى التطبيق ذاته الذى حقق لهم مزيدا من الأمن الالكترونى على محادثاتهم، ودشنوا عليه مئات من المجموعات، واشتهر صيته فى الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
تلجرام
تطبيق "سروش" البديل لعزل الإيرانيين عن العالم الخارجى
ومع مساعى التيار المتشدد لرفض تطبيقات التواصل الإجتماعى الذى يرى أنها تشكل خطورة حقيقية على النظام، ويعتبرونها أداة تجسس يستخدمها الغرب للتجسس على الإيرانيين والتواصل من خلالها مع المعارضة داخل إيران، كشفت شركات الاتصالات الإيرانية عن تطبيق "سروش" لكنه لم يحقق الانتشار والشعبية التى حققها تلجرام، فلم يزد عدد مشتركيه عن حوالى 3-4 ملايين مشترك بينما لدى تليجرام حوالى 40 مليوناً، وعزى مراقبون السبب إلى أن اإلإيرانيون فقدوا الثقة فى هذه التطبيقات ويشعرون أن السلطات ترغب فى التجسس على محادثاتهم عبر تطبيقاتها المحلية، ويرى المتشددون أنه فى حال اغلق تليجرام، فسيرتفع عدد المشتركين فى التطبيقات الوطنية.
وبينما انتشرت أخبار داخل إيران عن حجب تليجرام، أكد رئيس لجنة حقوق المواطنة فى البرلمان النائب عبد الكريم حسين زاده، الأسبوع الماضى على أن غالبية الشعب لا يثق بوسائل التواصل الاجتماعي المحلية، عازياً ذلك إلى فرض الرقابة والسيطرة من قبل الجهات الحكومية على هذه البرامج وانتقد حسين زاده قرار حجب تليجرام قائلا إنه "مع تطور التكنولوجيا، فإن حجب برامج التواصل أصبح مستحيلًا". متسائلا "ديسمبر الماضى عندما عمت الاضطرابات والإحتجاجات، حجبنا تليجرام بشكل كامل وخفضنا سرعة الإنترنت فهل تخلى الشعب عن برامج التشفير؟.
تطبيق سروش
الإيرانيون يتحدون السلطات ببرامج تخطى الحجب (التشفير)
ومع مساعى السلطات لحجب تليجرام ورفض الرئيس المعتدل حسن روحانى للرقابة المشددة، وحجب مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر، يتحدى الشباب الإيرنى تلك القرارات وتمكن العديد من المواطنين الإيرانيين من الاستمرار في الوصول إلى هذه التطبيقات والمواقع الإلكترونية، باستخدام برنامج تشفير محظور قانونيا للاتصال بالإنترنت، كما أن عدد كبير من المسئولين لديهم حسابا على مواقع التواصل، ويمتلكون المئات من الحسابات الشخصية عبر استخدام برامج التشفير أو كسر الحجب، وما اصطلح عليها داخل إيران بـ "فيلتر شكن"، ويتداولها الشباب باستمرار ويتم تطويرها على يد خبراء الإلكترونيات لمواجهة الرقابة المشددة.
برامج التشفير
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة