يتوجه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، لأول مرة إلى النواب الأوروبيين المجتمعين فى ستراسبورج فى محاولة لتحفيزهم من أجل تحقيق طموحه فى "إعادة تأسيس أوروبا" وفق مشروع لا يثير الكثير من الحماسة فى برلين وبودابست.
ويخصص الرئيس النهار بكامله للاتحاد الأوروبى فيتوجه عصرا إلى إيبينال بشرق فرنسا لبدء "المشاورات الأوروبية مع المواطنين" بجلسة مناقشات أولى يتوقع أن يشارك فيها 200 إلى 300 شخص.
ويواصل ماكرون حملته هذه التى يدأها قبل عام من الانتخابات الأوروبية عام 2019، بزيارة الخميس إلى برلين حيث سيجرى مباحثات مع المستشارة أنجيلا ميركل حول مستقبل منطقة اليورو.
غير أن حزب ميركل المحافظ انتقد الاثنين مشاريع ماكرون الإصلاحية على هذا الصعيد، ولا سيما فكرة استحداث ميزانية خاصة بمنطقة اليورو لدعم الاستثمارات ،ويصل ماكرون فى الساعة 10.00 إلى مقر البرلمان الأوروبى حيث يعقد النواب دورتهم الشهرية.
وأوضح قصر الإليزيه أن ماكرون سيعبر فى كلمته إلى النواب الأوروبيين "عن الحاجة العاجلة إلى التحرك فى ظل الظروف الصعبة داخل الاتحاد الأوروبى، إنما كذلك خارجه".
وهذه الصعوبات الداخلية ناجمة خصوصا عن الانتخابات التى جرت مؤخرا فى إيطاليا والمجر وفازت فيها أحزاب مشككة فى جدوى الاتحاد الأوروبي، ما عزز المخاوف بأن قرار بريكست عام 2016 كان من ضمن توجه عام. أما فى الخارج، فيواجه الأوروبيون النزاع فى سوريا، والسياسة الأميركية المتقلبة منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومواقف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين المعادية لأوروبا.
وحذر ماكرون الأحد خلال مقابلة تلفزيونية مطولة بأن القارة الأوروبية تشهد "صعودا للنزعة المعارضة لليبرالية، أى الحركات المتطرفة والشعبوية وكذلك المشككين فى دولة القانون".
وهو يرى أنه من الضرورى فى مواجهة ذلك الدفع فى اتجاه "أوروبا سيادية" تحمى من "المخاطر والتحولات الكبرى والمخاطر الرقمية كما المالية".
وقال "سنمضى قدما مع الدول التى تريد المضى قدما" وسيتحتم على "الذين لا يتبعون التيار أن يقبلوا بالبقاء على هامش أوروبا تلك".
ومن المتوقع فى هذا السياق أن يذكر ماكرون بالخطوط العريضة لخطابه من أجل "إعادة تأسيس أوروبا" الذى ألقاه فى جامعة السوربون فى أيلول/سبتمبر. وتناول فى المبادرات الثمانين التى طرحها جميع المواضيع، من تعزيز منطقة اليورو إلى تعميم برنامج إيراسموس للمنح الدراسية، مرورا بأوروبا الدفاعية وفرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة.
وينظر العديد من النواب فى ستراسبورغ بإيجابية إلى الدفع الذى أعطاه الرئيس الشاب لأوروبا منذ انتخابه قبل عام، غير أنهم يدعونه الآن للانتقال من الكلام إلى الأفعال.
وقال رئيس تكتل الحزب الشعبى الأوروبى، القوة السياسية الرئيسية فى برلمان ستراسبورغ، مانفريد فيبر مثنيا على نهج ماكرون إن لديه "الكثير من المشاريع من أجل أوروبا"، لكنه أضاف فى مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس أنه "ليس هناك استجابة لكل ما يقترحه" من قبل الحزب الشعبى الأوروبى الذى يجمع أحزابا يمينية ولا بد من أخذ موقفه فى الحسبان فى ستراسبورج.
وأوضح فيبر الذى ينتمى إلى الاتحاد المسيحى الاجتماعى المتحالف مع المستشارة أنغيلا ميركل أن كون ماكرون لا ينتمى إلى أى عائلة سياسية أوروبية "يشكل عائقا فى عملية اتخاذ القرار" مضيفا أن "أفضل ما يمكن لماكرون القيام به فى الوقت الحاضر هو تحقيق الإصلاحات الضرورية فى فرنسا".
وعبر خصمه رئيس كتلة النواب الأوروبيين الاشتراكيين الألمانى أودو بولمان عن موقف مماثل.
وقال "لا بد أن نثنى على عرض ماكرون رؤية إيجابية لمستقبل أوروبا"، مشيرا إلى أفكار مشتركة مع الكتلة الاشتراكية مثل "إنشاء إمكانات مالية لمنطقة اليورو، وإنجاز الوحدة المصرفية، واستحداث منصب وزير مالية لمنطقة اليورو" لكنه شدد على أنه "يتحتم على ماكرون الآن أن يبدى جرأة ويقدم على تغييرات جوهرية فى هذه المجالات، سواء فى أوروبا أو فى فرنسا".
أما النواب البيئيين، فيطلبون منه أن يلقى بثقله كاملا لثنى الدول الأوروبية التى "لا تزال تعرقل الإصلاحات الأساسية" لمكافحة التهرب الضريبى وإقامة "تشريعات أوروبية مشتركة على صعيد الضرائب على الشركات".
وعند العصر يبتعد ماكرون عن الرسميات فى مركز المؤتمرات فى إيبينال ليناقش مستقبل أوروبا مع 200 إلى 300 شخص سجلوا حضورهم على الإنترنت.
وكان الرئيس أعلن فى فبراير أن هدف هذه "المشاورات مع المواطنين" التى تجرى فى دول الاتحاد الـ27 باستثناء المملكة المتحدة هو "تحرير الخطاب بشأن أوروبا وإحياء الثقة وإعطاء خلفيات واضحة للنقاش" قبل خوض الانتخابات الأوروبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة