أيام قليلة ويعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قراره الأخير والنهائى بشأن بقاء بلاده من عدمه فى خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووى" ومع أن الاحتمال الأرجح أن ينسحب من الاتفاق، يبدو أن هناك احتمالا آخر وهو البقاء فى الاتفاق مع توقيع حزم جديدة من العقوبات على شخصيات ومؤسسات كان سببا جوهريا فى انتقاده سياسات طهران فى الأشهر الأخيرة.
سيناريو عدم الانسحاب
يقوم هذا السيناريو على نجاح الأوروبيين فى إقناع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالبقاء فى الاتفاق مع معالجة أوجه القصور فيه، بمعنى سؤال ترامب، عن النقاط التى يراها مخلة بالاتفاق وتفسيره لقوله: "إن إيران خرقت روح الاتفاق" وعليه يتم الاتفاق على توقيع عقوبات على المؤسسات والأشخاص المسؤولين بشكل مباشرة عن خرق روح الاتفاق.
فى هذه الحالة ستوجه العقوبات على هيئة الجو ـ فضاء التابعة للحرس الثورى وهى الكيان المسؤول عن تطوير وإجراء التجارب الصاروخية الباليستية وخرق القرار الأممى رقم 2231 المتعلق بمنع إجراء التجارب الصاروخية الباليستية خاصة تلك القادرة على حمل الأقمار الاصطناعية مثل "سيمرغ" والرؤوس النووية مثل "شهاب 3" و"خرّمشهر".
وهنا ينحصر الرد الإيرانى فى مجرد الشجب والتنديد واستبعاد سيناريو التصعيد، تماما كما حدث فى واقعتى توقيع العقوبات الأمريكية بحق جهات وشركات ومسؤولين إيرانيين فيما مضى، وأبرز مثال على ذلك إدراج اسم آية الله صادق آمُلى لاريجانى، رئيس السلطة القضائية، على قوائم عقوبات وزارة الخارجية الأمريكية يوم 12 من يناير الماضى.
معالجة أوجه القصور
يقول الخبير فى شؤون الأمن القومى الأمريكى السفير دينيس روس، إنه على أمريكا فى هذه المرحلة، أن تركز على التوصل إلى تفاهم مع الأوروبيين حول كيفية رفع الثمن الذى تدفعه إيران حينما تزيد حتماً من نشاطاتها المزعزعة للاستقرار فى المنطقة، مشددا على أن "الثلاثية الأوروبية" لن تقوم بإعادة التفاوض أو الانسحاب من الاتفاق، لكنها مستعدة لمعالجة مخاوف الإدارة الأمريكية.
وأضاف روس، فى ندوة نظمها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مؤخرا، أنه فيما يتعلق ببنود "الغروب"، قد يكون الأوروبيون مستعدين لإصدار بيان يوجز التوقعات حول الأنشطة النووية الإيرانية المستقبلية حتى إذا رفضوا تغيير الأحكام الأصلية لـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، المكونة من 33 بندا فى ديباجة الاتفاق.
وفيما يتعلق بالبرنامج الصاروخى الإيرانى ونزعة طهران السياسية إلى اتخاذ قرارات سريعة فى المنطقة، فإن الأوروبيين على استعداد تام لفرض عقوبات، موضحا أن الحكومات الأوروبية تبنت مواقف جديدة منذ أن قامت الولايات المتحدة ببناء النفوذ، لذلك على واشنطن أن تستخدم هذا النفوذ بدلاً من الانسحاب من الاتفاق، وفقا لروس.
الاتفاق كوسيلة ضغط
فى أندية السياسة الأمريكية يجرى الاعتقاد أنه على إدارة الرئيس ترامب أن تستخدم الاتفاق كوسيلة ضغط على النظام الإيرانى لمنعه من التمدد فى الإقليم والقيام بأدوار أكبر من حجمه السياسى والجيو ـ ستراتيجى، على تصور أن الخروج من الاتفاق لن يساعد على ثنى إيران عن مضيها فى مواصلة أنشطتها المزعزعة للاستقرار.
واتساقا مع هذا يرى روس، أن المخاوف الحقيقية بشأن قدرات إيران النووية فى الفترة 2025-2030 يجب أن تؤدى إلى دفع الإدارة الأمريكية إلى العدول عن الانسحاب من الاتفاق، لأن الهدف الرئيس للولايات المتحدة هو الضغط على طهران، لكن الانسحاب من الاتفاق لن يؤدى إلا إلى تحويل الضغط نحو واشنطن، وعزلتها الدولية على غرار موقفها من القدس.
وينصح روس لتجنب هذا السيناريو، بضرورة وضع استراتيجية بشأن إيران، وإقرانها باستراتيجية واضحة بشأن سوريا، وإذا كانت الإدارة الأمريكية لا ترغب فى اتخاذ إجراء مباشر ضد الأنشطة العسكرية الخارجية لطهران، فعليها على الأقل تزويد إسرائيل بالقدرة على استهداف أى بنية تحتية نووية مرتبطة بإيران فى سوريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة