ما الذى يحدث فى وزارة الآثار، وما حقيقة إحالة 55 منبرًا أثريًا بمساجد القاهرة الإسلامية، للتخزين بحجة الحفاظ عليها من السرقة، وأين هى الحقيقة وسط تضارب بيانات الوزارة وتصريحات مسئوليها؟
الواقعة بدأت مع منتصف أبريل الجارى، بعدما أحال الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، عملية اختفاء أجزاء صغيرة من الحشوة النحاسية من الباب الرئيسى لمسجد أبو بكر مزهر الأثرى بحارة برجوان بمنطقة الجمالية إلى النيابة الإدارية للتحقيق.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيرى أنه أثناء أعمال توثيق وتسجيل الآثار المنقولة بالمسجد اكتشف مفتشو آثار الجمالية اختفاء ثلاثة أجزاء من الحشوة النحاسية لباب المسجد، والتى يبلغ حجمها نحو 10x25 سم، والذين قاموا على الفور بعمل محضر بالواقعة وإرسالها للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والذى قام بدوره بإحالة الأمر إلى النيابة الإدارية للتحقيق ومعرفة سبب الاختفاء ومعاقبة المتسبب.
منبر مسجد أبو بكر مزهر
أمر السرقة جاء بعد أسابيع قليلة من واقعة سرقة كرسى المقرئ من مجمع أحمد باشا طلعت، إضافة لكرسى المقرئ أيضًا الموجود بأحد مساجد بولاق أبو العلا.
واقعة المنبر الماضية لم تكن يمضى عليها أيام حتى تداول البعض قرارًا منسوبًا لوزارة الآثار يحمل رقم 110 لسنة 2018، بهدف إزالة 55 منبرًا من أعظم وأجمل منابر القاهرة الإسلامية من أماكنها وتخزينها فى مخازن متحف الحضارة لحين إعادة عرضها وفقا لما ستقرره اللجان فيما بعد، وهو ما يبدو متناسبا تماما مع تصريحات الدكتور جمال مصطفى المشرف العام على منطقة آثار جنوب القاهرة، عن نقل 115 قطعة أثرية كانت موزعة على المساجد الأثرية بالقاهرة، وذلك بالتنسيق مع وزارة الأوقاف التى أوضحت أنه تم تسجيل وتوثيق كل قطعة قبل نقلها من المخازن، وذلك بعد موافقة اللجنة الدائمة، حيث يتم العمل على قدم وساق لسرعة تسجيل المقتنيات المنقولة بالمساجد الأثرية، وذلك فى إطار حماية تلك المقتنيات من السرقة".
قرار نقل المنابر
قرار نقل المنابر
الغريب إن الدكتور مصطفى وزيرى، أمين المجلس الأعلى للآثار، صرح بعدها بأن ما أشيع مؤخرًا بوسائل الإعلام عن اعتزام وزارة الآثار نقل 55 منبرًا أثريًا من المساجد الأثرية، عار تمامًا من الصحة ولا يمت للواقع بصلة، حيث إن الوزارة لن تنقل سوى مشكاوات مسجد الرفاعى ومنبرا واحدا فقط هو منبر مسجد أبو بكر مزهر، بدعوى الحفاظ عليه.
الدكتور محمد عبد اللطيف، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، من جانبه رفض التعليق على الأمر وذلك وفقا لعدد من التقارير الصحفية، والتى أكدت أن القرار الذى ظل سريا كما نبه مجلس الوزراء، ذهب لمكتب الدكتور محمد عبد اللطيف مساعد وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية الذى أحاله للجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية المنعقدة فى 4 أبريل الحالى أى قبل الإعلان عن واقعة سرقة الحشوة النحاسية بمسجد أبو بكر مزهر مصحوبا بمذكرة فيما يختص بالإجراءات اللازم اتخاذها لتنفيذ القرار، موضحة أن الـ115 قطعة المنتظر نقلها تتمثل فى "19 مشكاة بخلاف مشكاوات مسجد الرفاعى سيتم الانتهاء من نقلها نهاية أبريل الحالى 15 كرسى مقرئ ينتهى من نقلها فى نهاية مايو المقبل، وعدد 13 ثرية يتم الانتهاء من تسجيلها نهاية يونيو على أن تنقل لمخازن متحف الحضارة مع نهاية أغسطس وأخيرًا المنابر وعددها 55 منبرًا فيتم الانتهاء من تسجيلها نهاية أغسطس، وحسب الجدول التى أعدتها اللجنة المسئولة بالوزارة فإن كل القطع سيتم إنجاز توثيقها وتفكيكها ونقلها نهاية العام.
تفكيك منبر مسجد أبو بكر مزهر
تصريحات وزيرى بنفى كل ما مضى جاءت متضاربة مع الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، الذى أكد خلال اجتماعه مع لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، بأن الوزارة بدأت بالفعل تسجيل الآثار والمقتنيات مع بداية 2017، موضحا أن هناك 55 منبرا سيتم توثيقها وتسجيلها ونقل ما يمكن نقله منها، لكن فى حقيقة الأمر ما تم نقله منبر واحد، ويرجع هذا لعدد من الاعتبارات التى تتمثل فى أن هناك بعض المساجد مغلقة، وهناك بعض المنابر ضخمة، وأخرى يصعب نقلها من باب الحفاظ عليها.
الدكتور خالد العنانى وزير الآثار
ورغم ما أثير على عدد كبير من المواقع الإخبارية، وما تم تداوله مع موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، حيث عبر عدد كبير من الأثريين والفنانين التشكليين عن القرار المزمع تنفيذه، إلا أن موقع الوزارة يبدو ملتبسا وغير واضح وكان آخرها البيان الذى أصدرته الوزارة حول اجتماع عقد أمس بين الوزير ورؤساء القطاعات بالوزارة، خلال الاجتماع تم التأكيد على عدم نقل أى منبر إلا بعد توثيقه توثيقا علميا وتسجيله فى سجلات قيد الآثار وعرضه على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية لتحديد الحاجة إلى نقله مِن عدمه، على ألا يتم نقل أى منبر أثرى إلا حال الضرورة القصوى التى تهدد أمن وسلامة المنبر فقط، وأن تعرض حالة كل منبر على حدة على اللجنة الدائمة التى تقرر بقاءه فى مكانه أو نقله فى حالة الضرورة، على أن يكون العمل فى حالة النقل تحت إشراف الإدارة المركزية للصيانة والترميم (القاعدة فى حالة النقل أن يكون للعرض بأحد المتاحف وليس للتخزين).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة