يظل كل ما يتعلق بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن موضع اهتمام وذا بريق خاص، وهذا أمر منطقى لأسباب كثيرة أن الإرهابى المقتول من قبل القوات الأمريكية فى 2 مايو 2011 كان يتمتع بكاريزما خاصة تجذب الأنظار إليه رغم أفعاله الوحشية وتسببه فى مقتل آلاف الأبرياء من المدنيين، وحتى عملية تصفيته مازال كثير من الجدل يُحيط بها، وأخرها ما تم تداولها عن مصير الطبيب الباكستانى شكيل أفريدى الذى ساعد وكالة الاستخبارات الأمريكية "سى أى إيه" فى إنجاز مهمتها.
من هو أفريدى؟
ويرجع أصل حكاية الطبيب الباكستانى إلى ما بعد عملية تصفية بن لادن بفترة قليلة، فقد أشارت وسائل الإعلام الأمريكية أن نجاح مهمة اغتيال أخطر إرهابى على الكرة الأرضية اعتمد كثيرًا على مساعد الطبيب أفريدى بعدما قام بعمل حملة مزعومة للتلقيح ضد التهاب الكبد فى أبوت أباد وهى المدينة التى كان يختبئ بداخلها بن لادن مع أسرته، وعبر تلك الحملة حصل على عينات للحمض النووى.
ورغم الاعترافات العلنية لكل من وزير الدفاع الأمريكى الأسبق، ليون بانيتا ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون آنذاك أو بمعنى أدق فى عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بدور أفريدى فى القضاء على بن لادن لكن الأزمة أن المهمة الأمريكية الخطيرة أجريت دون علم السلطات الباكستانية!، مما أدى لوجود اضطرابات كبيرة فى العلاقات بين البلدين وكان من ضمن توابع تلك الحالة المتوترة بين أمريكا وباكستان هو صدور قرار من محكمة باكستانية بإيداع أفريدى السجن بداعى علاقته مع متشددين، ولم يتم مراعاة دوره فى عملية تصفية بن لادن مثلما أراد مسئولو الولايات المتحدة الذى أجروا محاولات عدة للإفراج عنه منذ ذلك الحين لكنهم لم ينجحوا حتى الآن.
فى الساعات الماضية، أفات وكالة أنباء سبوتنيك الروسية أن الطبيب أفريدى تم نقله من سجن فى ولاية بيشاور فى باكستان، إلى موقع مجهول جراء تسرب معلومات عن خطة لتهريبه. ونقلت سبوتنيك عن مصدر مطلع قوله "علمت الاستخبارات المشتركة الباكستانية فى نهاية شهر ديسمبر2017، بخطة لتهريب الطبيب من سجن بيشاور وتم إحباطها"؟، مشيرًا إلى أن أحد المخبرين العاملين لصالح الاستخبارات الباكستانية، كشف معلومات عن عملية التحضير للهروب من السجن، وبأن هناك من أبدى اهتماما بمخطط السجن ذاته، ولذلك، "تم نقل أفريدى إلى مكان آمن ومجهول".
مناوشات أمريكية / باكستانية
ويعتبر نقل أفريدى إلى مكان مجهول من آخر المناوشات بين النظامين الباكستانى والأمريكى بعدما صدر حكم على الطبيب الباكستانى فى عام 2012 بالسجن لمدة 33 عامًا عقب إدانته بالانتماء لجماعة عسكر الإسلام لكن تم إلغاء الحكم فى عام 2013 بداعى أن القاضى تجاوز صلاحياته القانونية، وذلك وفقا لتقارير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، فيما تم تخفيض الحكم عشر سنوات فى وقت لاحق بعدما هددت الولايات المتحدة بقطع المساعدات عن باكستان فى عام 2016.
وقد أجرت الولايات المتحدة فى السنوات الماضية عدة محاولات من أجل الإفراج عن أفريدى إلا أنها كلها قوبلت بالرفض وآخرها فى يناير 2017 ووفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز أن وسائل إعلام باكستانية نقلت عن وزير القانون القانون قوله لمشرعين إن طبيبا باكستانيا مسجونا يعتقد أنه ساعد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى الوصول إلى زعيم تنظيم القاعدة لن يطلق سراحه أو يسلم للولايات المتحدة.
وأضاف التقرير الذى نشرته وكالة الأنباء أن وزارة الخارجية الباكستانية كانت غاضبة للغاية من قول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى وقت لاحق أنه قادر على إرغام باكستان على الإفراج عن أفريدى خلال دقيقتين. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسئولين الأمريكية دائمًا ما يصفون الطبيب الباكستانى بـ"البطل".
اللافت فى واقعة الطبيب الباكستانى أنه لا يواجه فقط أزمة تمسك الحكومة الباكستانية بحبسه وتحديه للمطالب الأمريكية بالإفراج عنه بل أن هناك أعين فى الخارج تريد الثأر منه نظرًا لما فعله فى زعيم تنظيم القاعدة، والدليل أنه فى 18 مارس 2015 تبنت حركة طالبان الباكستانية وجماعة "جند الله" الجهادية اغتيال سميع الله أفريدى المحامى السابق له، وذلك بالرغم من إعلان المحامى فى وقت سابق عن رغبته فى الانسحاب من القضية بسبب تلقيه تهديدات بالقتل.
وطبقا لما أذاعته وكالة فرانس 24 أن مسئول كبير فى الشرطة المحلية قال إن مسلحين أطلقوا النار على سيارة المحامي عند مغادرته قرية ماثرا للعودة إلى منزله فى بيشاور شمال غرب باكستان. وبعدها تبنت حركة طالبان الباكستانية وجماعة جند الله الجهادية المحلية تصفية المحامى،وقال ناطق باسم طالبان باكستان إحسان الله إحسان "قتلنا سميع الله أفريدى لأنه دافع عن شاكيل أفريدي وسنستهدف كل المحامين الذين يدافعون عنه".
الآن وبعد نقل الطبيب الباكستانى إلى مكان مجهول بعدما ظل طيلة سبع سنوات فى زنزانة انفرادية فى سجن بيشاور تطرح أسئلة نفسها.. هل تستسلم الولايات المتحدة وتترك بطلها بحسب وصف المسئولين فى إدارتها؟ أم أنها ستجرى محاولات أخرى للإفراج عنه خصوصا أن ترامب قد وعد بهذا الأمر إبان حملته الانتخابية؟، والسؤال الآخر هل تخفى أمريكا أفريدى بعد الإفراج عنه خصوصا أن بقائه داخل باكستان ولو لحظة بعد خروجه من السجن شبه مستحيل لأن أبتاع بن لادن لم ينسوا ثأرهم!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة