هنا عاش العراب.. رحلة البحث عن منزل أحمد خالد توفيق فى طنطا.. كره الشهرة والألقاب فعاش حياته إنسانًا بسيطًا.. صاحب محل بقالة يتذكر مواقفه معه وأحد جيرانه يروى تفاصيل ليلة وفاته.. صور وفيديو

الأربعاء، 04 أبريل 2018 10:32 م
هنا عاش العراب.. رحلة البحث عن منزل أحمد خالد توفيق فى طنطا.. كره الشهرة والألقاب فعاش حياته إنسانًا بسيطًا.. صاحب محل بقالة يتذكر مواقفه معه وأحد جيرانه يروى تفاصيل ليلة وفاته.. صور وفيديو منزل الكاتب الدكتور أحمد خالد توفيق
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"العراب.. كلمة مرعبة.. كلمة مش بتاعتى.. روب واسع عليا".. هكذا علق الكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، على اللقب الذى منحه إياه الجمهور، أو الدراويش من جمهوره، مصطلح كان بمثابة صدمة لمن لا يحب الأضواء أو الشهرة، وإن كانت تمنحه فى بعض الوقت لذة من نهر السعادة، ذاك النهر الذى يهرب منه لانشغاله الدائم بتفكيره فى آلامه.

رحل الدكتور أحمد خالد توفيق، مساء يوم الاثنين، فى القاهرة، أثناء تواجده فى مستشفى عين شمس؛ للاطمئنان على الحالة الصحية لقلبه، رحيله الذى مثل صدمة لعشاقه من جماهير القراءة، كان له أثر واضح عبرت عنه عدسات المصورين خلال تشييع جثمانه فى مسقط رأسه، وكيف رافقه هذا الجمهور العريض من مسجد السلام، وحتى مثواه الأخير، فى مقابر قحافة.

"اليوم السابع" قام برحلة البحث عن منزل الكاتب الدكتور أحمد خالد توفيق، سعيًا لتكريم اسم الراحل ولأدبه من خلال شهادات جيرانه، الذين عاشوا معه فترة من الزمن، ورصد مواقفه التى يتذكرون بعضها له، لكن الأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق.

فى البداية علمنا بأن أحمد خالد توفيق، يسكن فى أحد الشوارع المتفرعة من شارع رئيسى، هو حسن رضوان، كان الوصول إليه سهلاً للغاية، أما منزل صاحب اليوتوبيا، فكان على العكس، ليس لأننا لم نكن نعرف فى البداية اسم الشارع، والذى توصلنا إليه من خلال نجله، الذى استشعرنا الحرج فى محادثته هاتفيا فى مثل هذه الأوقات، خاصة بعدما فقدنا الأمل فى أن يجيب على اتصالاتنا المتكررة أحد مؤسسى الصفحات التى تحمل اسم أحمد خالد توفيق على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".

فى طريقى إلى الشارع الذى عاش فيه أحمد خالد توفيق، افترضت وفقًا للظرف الراهن، أن أجد ما يشير إلى أن هناك حالة وفاة فى هذا الشارع، وفى طريقى كانت الصدفة أننى مررت من هنا ثلاث مرات، فى كل مرة كنت أطرح على صاحب محل جزارة شهير الأسئلة نفسها: "تعرف فين بيت الجمال القريب من شارع البحر؟"، "تعرف فين بيت الدكتور أحمد خالد توفيق اللى صلوا عليه اليوم فى مسجد السلام وجنازته حضرها عدد كبيرا وصورها على الفيس؟"، فى كل مرة كنت أطرح عليه السؤال يجيب بالنفى، حتى سألته: "أين شارع ثروت"، فقال: "هو ده؟" ازدادات دهشتى، وامتنعت عن الخوض فى أى حديث مكتفيًا بوصف نجل العراب، حتى وصلت إليها، بحثت عن أى دليل، صوت القرآن الكريم، مثلا، فلم أجد، فذهبت إلى محل بقالة كان على يمينى.

 

التقيت بالحاج إبراهيم السبكى، عرفته بنفسى، وما أبحث عنه فى هذا الشارع، فقال: "تقصد الأستاذ أحمد؟ هو البيت ده؟"، من هنا مكثنا لما يقرب من ساعة، كان أول ما لفت انتباهى، هو كلمة الأستاذ، وليس الدكتور أو الكاتب، فكان أول تعليق من "عم إبراهيم": كان إنسانا فوق الوصف، لم أعرف أنه كاتبا إلا حينما رأيته فى إحدى القنوات الفضائية، ثم ظهوره مؤخرًا مرة ثانية، ولا أظن أنه كان يهتم بمثل هذه الأمور".

يتذكر "عم إبراهيم" أنه منذ حينما جاءت إليه طالبة فى المرحلة الإعدادية، وتركت له "كراسة" وطلبت منه "لما تشوف أستاذ أحمد خليه يوقع لى هنا"، وبالفعل حينما مر الدكتور أحمد خالد توفيق على "عم إبراهيم" فى اليوم التالى، وأعطاه كراسة الطالبة يقول: ابتسم وسألنى عن اسمها وكتب لها فى الكراسة".

أسأله عما يتذكره من مواقف له مع العراب، فيروى أن أحمد خالد توفيق رآه ذات مرة وهو يدخن، فسأله: أنت بتدخن؟، ليجيب: "خفافى"، ليكمل: "انت تعرف إن الجسم محتاج نيكوتين، بس سيجارة واحدة فى اليوم.. بس مين بقى اللى بيلتزم"، يقصد نفسه لأنه كان شرها فى التدخين.

أكرر نفس السؤال بحثا عن حكايات أو مواقف أخرى، فيقول لى: كان إنسانا بسيطا، لا أذكر أننى أراه كل يوم، وفى الغالب يكون يوم الجمعة بعد عودته من الصلاة، لكنه دائما ما كان يتصل بى، ليسألنى عن بعض الأشياء إذا ما كانت لدى حتى لا يشتريها من محلات أخرى "كان بيحب مصلحة المحل ده أوى ولما كان يسافر إلى القاهرة يتصل ويقولى لى اشحن ويسألنى حسبنا كام فاقوله مابكتبش وراك يا أستاذ أحمد".

ينشغل "عم إبراهيم" بالزبائن من الأطفال والشباب الذين يقطعون حديثنا بعض الدقائق، ويعود لأسأله: "بس هو ليه ما فيش أى حاجة تقول إنه فى حالة وفاة هنا"، يقول: "شوف الشارع ده كله كوم وبيت الأستاذ أحمد كوم تانى، عمرنا ما سمعنا من حس أو مشكلة ناس فى منتهى الرقى والأخلاق نعرفهم كلهم، شوف هو فجأة كده الله يرحمه اسأل أى حد عنه لا يكمن يقولك كلمة وحشة فى حقه".

يقطع حديثنا طالب فى كلية طب طنطا، دخل ليشترى بعض الأغراض، فعرفه "عم إبراهيم" علىّ، ومن اتسعت الرؤية، فعرف ما جئت من أجله، وقبل أن يبدأ حديثه طلبته من مثلما طلبت من "عم إبراهيم" أن أقوم بتصوير حديثه "فيديو" أو التقاط صورة فوتوغرافية له، فرفض أيضًا، لكنه وافق على التسجيل بشرط ألا أذكر اسمه كاملا، فقط أول حرفين "ح.إ" وكانت له وجهة نظره: "أنا مين علشان صورتى أو اسمى يظهر مع الدكتور أحمد، هو نفسه لم يكن محبًا للشهرة"، وبعد محاولات عديدة لإقناعه بكتابة اسمه ظل يكرر "لا تذكر اسمى بعد إذنك" حتى انتهى حديثنا، على أمل أن أتواصل معه بعدما أصل إلى إجابة السؤال الذى ينتظره مثل جماهير قراء العراب.

يتذكر "ح.إ" حينما أتى من القاهرة للعيش فى طنطا مع أسرة والدته من أجل دراسة الطب، منذ عامين، يقول: قبل ذلك كنت أعرف الدكتور أحمد خالد توفيق بالتأكيد، قرأت له أعماله وبخاصة ما وراء الطبيعة، ومنذ أن أتيت إلى طنطا، وتصادف أننى أسكن معه فى نفس الشارع وعلى بعد بيتين منه لم أره كثيرًا، وذات مرة رأيته وكان بمفرده يسير فى الشارع، فكرت فى أن أذهب إليه وأسلم عليه، وربما التقط صورة معه، لكننى تراجعت".

أسأله: "لماذا؟"، فيبتسم ويقول: "كان ماشى وشكله منسجم، مبتسم، ويبدو إنه كان بيتأمل، محبتش اقطع استمتاعه ولحظته، هو أصلا لم يكن محبًا لفكرة إنه مشهور".

نتذكر معًا أحداث ليلة الاثنين، وما شهدته مواقع التواصل الاجتماعى من بوستات نفى وتأكيد لرحيله، فيروى لى، كيف مكث عدد من الشباب "على الرصيف" أمام منزله فى انتظار ما يزيدهم يقينا ويريح قلوبهم بأنه لم يمت، يقول: ظللنا أمام بيته ننتظر أن نسمع صوتا يصرخ أو شىء، أى شىء يقول يعبر حتى عن رحيله، ولكن لم نسمع أى صوت، حتى اليوم فى جنازته، كان ابنه صامتًا، لم يبك إلا حينما دخل المسجد".

دار الحديث بينى وبين صديقنا "ح.إ" حول روايات الدكتور أحمد خالد توفيق، وتوقعت أنه إن لم يكن يعلم، فسوف تبدو عليه الدهشة إذا ما علم بأن العراب قبل رحيله، كان قد انتهى من كتابة مجموعة قصصية "أفراح المقبرة" لدار الكرمة، وسوف تصدر تزامنًا مع عيد الفطر، فوجدته يسألنى عن أعمال أخرى ينتظر أن يعرف أخبارًا حولها، فوعدته فى حالة وصولى إلى أى إجابة سأبلغه.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد خالد

الحاجة الوحيدة المختلفة

تقرير مختلف جدا خلى الناس اللى مش عارف ليه بنقول عليه عرابنا وابونا الروحى يعرفو هو ازاى كان انسان مش كاتب متكبر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة