أكرم القصاص

سيلفى مع ديناصور وحمار يتزوج برغوث.. الدنيا فى زمن «الشير»

الثلاثاء، 01 مايو 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زمان فى زمن الحواديت والأساطير، كان هناك من يصدق وجود عفريت برجل معزة، أو إنسان بذيل فأر. واليوم فى زمن التكنولوجيا هناك دائمًا بشر على استعداد لتصديق أن حمارًا تزوج نملة، وأن بعض البشر يمكن أن يلدوا أطفالًا بذيول فئران. أو يستمعون إلى صوت عفريت مسجل، أو يشاهدون «جن مصور».
 
مؤخرًا راج فيديو ولاقى إعجابًا كبيرًا ومشاركات بالآلاف، عن سائحة اقتربت من فوهة بركان وسقطت فيه وتحولت إلى دخان. انتشر الفيديو لكن موقع آخر قدم الفيديو وقال إنه مفبرك، وأن أصل القصة لنفس الفتاة سقطت فى البحر وليس فى بركان ولم تصب بسوء. وقدم أصل الفيديو، لكن ظل كثيرون يعجبون ويتشاركون بفيديو فتاة البركان.
 
وخلال الأيام الأخيرة انتشرت فيديوهات يختلط فيها الواقع بالأساطير، دويتو لأم كلثوم مع مطرب معاصر، ثم تسجيلات لأحاديث الموسيقار محمد عبد الوهاب مع مذيعات حاليًا أو وردة مع شيرين، وعشرات الأمثلة لعمليات تلفيق وفبركة لأحاديث وصور قديمة مع أخرى حديثة. 
 
ومثل فيديو البركان أو المطربين، عشرات الفيديوهات عن حوادث أو حالات إنسانية مثيرة خارج نطاق العقل، ومع هذا تجد من ينشرها ويصدقها. فيديوهات وصور عن أطفال برؤوس ضفادع، أو حيوانات برؤوس بشر، حمار برأس نملة، وصرصار يرتدى حذاءً ويلعب البينج بونج. وهناك فيديوهات وصور لديناصورات عادت من الانقراض، فى كهوف أمريكا اللاتينية، ولا مانع من «سيلفى مع الديناصور»، مصحوبة بتسجيلات لعفاريت تتكلم وأرواح ترقص. وحكايات عن مسوخ ناتجة عن زواج قط مع ضفدع، أو حمار مع برغوث، وهناك دائمًا من هو مستعد للتصديق و«الشير» بكل استمتاع.
 
وربما يتساءل البعض عما يمكن أن يستفيده شخص أو أشخاص من نشر وفبركة مثل هذه الفيديوهات، لكن الأمر يتعلق بالرغبة فى رفع المشاركات، واللايكات والاشتراكات فى هذه المجموعات، والتى تجذب إعلانات وأموال بشكل معقد.
 
ربما تكون مثل هذه الفيديوهات المفبركة عن الحوادث الغريبةأو الكائنات العجيبة هدفها المشاهدات واللايكات، وتعد نوعًا من «الفشر الافتراضى» غير الضار. لكن الأمر يتعدى التهريج إلى الجد، ويدخل فى الحملات الدعائية، لحالات إنسانية هدفها النصب، وهناك حالات إنسانية لمرضى بأشكال غريبة اتضح أنها مفبركة هدفها النصب باستدرار عطف المستخدمين. 
 
أيضًا هناك تزييف ضمن حملات دعائية هدفها السياسة. حيث يتم تزييف صور وفيديوهات ينتج عنها تعاطف وتقود إلى صراعات ومصادمات طائفيةأو تصنع تعاطفًا مع قضايا مزيفة. وما تزال هناك أنواع من الفيديوهات «الممنتجة» ساهمت فى إشعال الحروب الطائفية والكراهية المذهبية. بل أن الجدل والتحقيقات الدائرة فى أمريكا وأوروبا حول فيس بوك تتحدث عن التوظيف السياسى لمواقع التواصل الاجتماعى. وبالرغم من الحملات الدائرة والاتهامات، ووعود إدارة فيس بوك باتخاذ إجراءات لحماية الخصوصية، فإن هناك نوعًا من التلاعب لايتعلق فقط بانتهاك الخصوصية، ولكن بشيوع الفبركة والتزييف والتلاعب، من خلال مئات الفيديوهات التى تصنع مشاعر وتعاطفًا، بناءً على مشاهد غير حقيقية وبعضها تمثيلى صنع باحترافية. 
 
ولهذا فهناك حملات ومجموعات على فيس بوك تحاول مواجهة الفيديوهات والصور والبوستات المزيفة، تنشر الأصل والصورة، وتشرح كيفية الفبركة، وظهرت مؤخرًا حملة على فيس بوك مصحوبة بنماذج من الفيديوهات المفبركة يقول أصحابها«التكنولوجيا تطورت ويمكن تغيير أى شخص أو شىء وإبداله بشىء آخر.. لاتصدق كل ماينشر فنحن فى زمن التلاعب والتزييف التكنولوجى المرعب.. شاهد المقطع الأول المزيف والمقطع الثانى الحقيقى لا تصدق وتسرع فى إرسال كل ماتستلمه».
 
بالطبع فإن هذه الحملات كاشفة عن حجم التزييف، تؤكد تعقيد العالم الافتراضى لكنها أيضًا كاشفة عن حجم التحول فى عالم النشر والتداول الإخبارى. الذى يتجاوز الشك إلى واقع يفرض نفسه على الجميع ويجعل المزيف أكثر شيوعًا من الطبيعى والحقيقى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة