يبدأ وزير الخارجية الإيرانى، اليوم السبت، جولة دبلوماسية فى محاولة لانقاذ الاتفاق النووى الذى انسحبت منه الولايات المتحدة بعد مخاوف دولية أثارها التصعيد العسكرى بين إيران وإسرائيل على الساحة السورية.
وتأتى جولة محمد جواد ظريف بعد يومين من ضربات إسرائيلية غير مسبوقة فى سوريا اسفرت بحسب المرصد السورى لحقوق الانسان عن مقتل 11 مقاتلا إيرانيا.
وقال متحدث ان ظريف سيزور على التوالى بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبى لاجراء محادثات حول الاتفاق النووى المبرم عام 2015 والذى تحاول الدول الاخرى التى وقعته، اى بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والمانيا، الحفاظ عليه.
وقبل مغادرته، أصدر الوزير الإيرانى بيانا عبر تويتر انتقد فيه "الادارة المتطرفة" للرئيس دونالد ترامب التى انسحبت من "اتفاق اعتبره المجتمع الدولى انتصارا للدبلوماسية".
ونبه إلى أن إيران مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم "على المستوى الصناعى من دون اى قيود" مطالبا الدول الأوروبية بتوفير ضمانات متينة لاستمرار العلاقات التجارية رغم العقوبات الاميركية التى اعيد العمل بها.
وقتل 11 إيرانيا جراء القصف الصاروخى والغارات الإسرائيلية فجر الخميس فى سوريا، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السورى لحقوق الإنسان السبت مشيراً إلى أنها أوقعت 27 قتيلاً على الأقل.
ولم تؤكد إيران اصابة مواقع لها، ويرى محللون انها تبدو مصممة على عدم الإنجرار إلى نزاع مفتوح مع إسرائيل، عدوتها اللدود التى رحبت بالانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى وإعادة فرض العقوبات الأمريكية.
وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمى بـ"الهجمات المتكررة للكيان الصهيونى على الأراضى السورية والتى جرت بذرائع مفبركة ولا أساس لها".
من جهته، انتقد البيت الابيض الجمعة "الافعال المتهورة" لإيران، محذرا من انها تشكل "تهديدا خطيرا" للاستقرار فى الشرق الاوسط.
وجاء انتقاد البيت الأبيض بعد ان اتهمت إسرائيل قوات إيرانية فى سوريا باطلاق 20 صاروخا على الجزء الذى تحتله من هضبة الجولان، ما أدى الى الرد الإسرائيلى.
وأضافت الرئاسة الأمريكية "هذا الاسبوع أطلقت قوات الحرس الثورى الإيرانى صواريخ على مدنيين إسرائيليين، كما اطلق وكلاء إيران فى اليمن صاروخا بالستيا على الرياض"، فى اشارة الى المتمردين الحوثيين الذين تقود السعودية تحالفا عسكريا ضدهم فى اليمن.
وتابعت أن ترامب تشاور الجمعة مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى و"قد ندد الزعيمان بالهجمات الصاروخية الاستفزازية للنظام الإيرانى انطلاقا من سوريا".
فى هذا الوقت، اعتبر دبلوماسيون أوروبيون فى طهران ان قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى قد ينسف أعواما من الجهود التى هدفت الى استئناف العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية.
وقالت دبلوماسية غربية لم تشأ كشف هويتها "نترقب اليوم كيفية رد المسؤولين الأوروبيين. إذا كان التوجه الأوروبى منسجما مع الموقف الأمريكى فان كل التقدم الذى أحرزناه منذ 2015 سيذهب إدراج الرياح".
لكنها لاحظت ان العديد من المشاكل بدأت قبل وقت طويل من قرار ترامب الثلاثاء، موضحة أن "اتخاذ الجانب الإيرانى للقرارات استغرق وقتا أطول من المتوقع والبنوك الدولية اظهرت ترددا فى العمل مع إيران والتراجع الأخير فى سعر صرف العملة الإيرانية جعل الامور اكثر صعوبة".
وعلى وقع تظاهرات مناهضة لقرار ترامب شهدتها طهران الجمعة، اعتبر خبراء ان إيران فى وضع دقيق، فهى تريد إبداء حزم فى وجه الولايات المتحدة وإسرائيل لكنها تحتاج فى الوقت نفسه لدعم الأوروبيين للحفاظ على الاتفاق النووى وابقاء المكاسب الاقتصادية الضئيلة التى حققتها.
وقال كريم اميل بيطار مدير الابحاث فى معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية لوكالة فرانس برس أن "إدارة روحانى لديها مصلحة فى إنقاذ ما تبقى من الاتفاق عبر اجراء مباحثات مع أوروبا والروس والصين وبالتالى محاولة ضبط التصعيد فى سوريا قدر الامكان وعدم المضى بعيدا فى ردها".
لكن حكومة الرئيس حسن روحانى تواجه سلفا تحديات سياسية واقتصادية فى الداخل ويعتبر كثيرون انها تعزو ذلك إلى العوامل الخارجية بدل الإقرار بسوء إدارتها.
وفى هذا السياق، اشارت الدبلوماسية الغربية الى القيود الأخيرة التى فرضتها طهران على التحويلات المالية إلى الاتحاد الأوروبى فى محاولة لإحتواء التراجع الكبير فى سعر صرف الريال، الأمر الذى تسبب بمشاكل كبيرة للجهات المستوردة.
وعلقت "المفارقة المزعجة هى عدم تحميل الحكومة الإيرانية مسؤولية القرارات السيئة التى اتخذتها أخيرا على صعيد الأعمال وتوجيه الانتقاد فقط إلى العقوبات" الغربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة