سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 مايو 1926.. الحكم بإعدام «محمد فهمى» منفذ أخطر عمليات ثورة 1919.. وبراءة باقى المتهمين فى «الاغتيالات السياسية»

الجمعة، 25 مايو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 مايو 1926.. الحكم بإعدام «محمد فهمى» منفذ أخطر عمليات ثورة 1919.. وبراءة باقى المتهمين فى «الاغتيالات السياسية» ثورة 1919

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خيم الصمت التام على الجمهور الذى ازدحمت به قاعة محكمة الجنايات وخارجها صباح 25 مايو «مثل هذا اليوم عام 1926»، وفقًا لأحمد شفيق باشا فى «حوليات مصر السياسية - الحولية الثالثة»، وذلك لحظة نطق رئيس المحكمة «كيرشو» - إنجليزى الجنسية - الحكم، معلنًا الإعدام شنقًا للمتهم الأول محمد فهمى على الطوخى، وبراءة محمود أفندى عثمان مصطفى، والحاج أحمد جاد الله، والدكتور ماهر، والأستاذ محمود فهمى النقراشى، والأستاذ حسن كامل، وعبدالحليم البيلى.
 
كان الحكم فى قضية «الاغتيالات السياسية» التى نفذتها جمعية سرية ضد عناصر للاحتلال الإنجليزى، وحسب الدكتور محمود متولى فى كتابه «مصر وقضايا الاغتيال السياسى»: «جمعت أشخاصًا من مهن مختلفة، كان فيها الحقوقى، والضابط والميكانيكى والطالب والنجار، ولكل منهم عمل يقوم به لخدمة غرض الجماعة، ومن أبرز أعضائها شفيق منصور ومحمود إسماعيل، ومحمد فهمى على «النجار» الذى شارك فى عدة حوادث كلفته بها الجمعية، ورسم خططها شفيق وإسماعيل، والضابط مصطفى حمدى الذى كان ضابط بوليس ورفت لأسباب سياسية، وتوفى فى صحراء حلوان أثناء تدريبه مع أحمد ماهر على تفجير بعض القنابل هناك»، ويؤكد مصطفى أمين فى كتابه «الكتاب الممنوع - أسرار ثورة 1919»، أن هذه الجمعية هى «الجهاز السرى لثورة 1919»، وكان عبدالرحمن بك فهمى رئيس هذا الجهاز، وبعد اعتقاله تولى أحمد ماهر الإشراف عليه، وانضم محمد فهمى إليه فى نوفمبر 1921.
 
ظل الجهاز على سريته المتقنة، وبوصف متولى: «كان ينفذ عملياته بمهارة عظيمة وإرادة ثابتة وأعصاب هادئة، حتى كشف شفيق منصور عنه أثناء التحقيقات فى قضية اغتيال سردار الجيش المصرى وحاكم السودان سيرلى ستاك يوم 19 نوفمبر 1924»، ووفقًا لشفيق باشا: «ألقت النيابة القبض على بعض كبار الموظفين الوطنيين، وبعض رجال الوفد مع نفر آخرين، وأودعتهم السجون على ذمة هذه القضية، ثم استغرقت فى محكمة الجنايات خمسًا وثلاثين جلسة».
 
حازت القضية اهتمامًا سياسيًا وشعبيًا فى مصر وبريطانيا، ويقول شفيق باشا: «استقبل الناس النطق الحكم بضجيج عال وهتاف مرتفع وتصفيق حاد، وانتشر الناس كالجراد فى الشوارع المحيطة بالمحكمة وميدان باب الخلق، وفيما توجه الذين حصلوا على البراءة إلى سعد زغلول فى بيت الأمة، ظل فهمى فى سجنه انتظارًا لرد فضيلة المفتى، فماذا فعل هذا البطل الذى ولد فى مدينة طوخ بمحافظة القليوبية يوم 8 فبراير عام 1895، وحصل فيها على دبلوم المدارس الصناعية، قسم النجارة، وعمل فى مدرسة التلغراف بالقاهرة؟».
 
يؤكد مصطفى أمين: «كان بارعًا فى الهرب وتضليل البوليس، يعمل يومًا نجارًا، ثم يصبح بعد ذلك حدادًا، يومًا يرتدى ملابس فلاح، ويومًا يرتدى بنطلونًا، وعلى الرغم من مجهودات المخابرات البريطانية لم يستطع أحد أن يعرف من هو هذا الشاب الأسمر الذى يقوم بأخطر العمليات فى ثورة 1919، التحق بخلية شفيق منصور، لكنه لم يكتف بالانضمام إلى خلية واحدة، فكان عضوًا فى عدة خلايا تابعة للجهاز، كان يضرب بالرصاص، ويحصل على المعلومات، ويوصل الرسائل، ويعرف كثيرًا من أسرار هذا الجهاز، ويضطر أن ينقطع عن عمله فلا يكسب مليمًا واحدًا فى ذلك اليوم، ولا يأكل رغيفًا وطبقًا من الفول طوال اليوم، ويسمع السلطات العسكرية تعلن عن مكافأة ألف جنيه، وخمسة آلاف جنيه، وعشرة آلاف جنيه، لكن لا يدلى بمعلومات عن الجهاز السرى، كان يقرأ هذه الإعلانات التى تلصقها السلطات العسكرية البريطانية، ويضحك ويمضى يبيت ليلته بدون عشاء».
 
كان نصيب «فهمى» وحده 15 اتهامًا، يذكرها مصطفى أمين، منها: فى يوم 20 ديسمبر 1921 بشارع السد، قسم بولاق بالقاهرة، قتل العسكرى البريطانى «بروكول» بعيار نارى، وفى 18 فبراير 1922 بشارع قصر العينى قتل مستر «الدرد براون»، وفى 24 مايو 1922 فى شارع الفلكى قتل البكباشى «كيف»، أحد كبار ضباط البوليس الإنجليزى، وفى سنة 1923 قتل ضباطًا وجنودًا بريطانيين وأشخاصًا آخرين بإلقاء قنابل عليهم.
 
يؤكد «أمين»: «كان فهمى هو الذى صنع مخبأ القنابل والمسدسات لخليته السرية، وجعله فى بيت محمود إسماعيل الذى فتشته المخابرات البريطانية وضباط البوليس الإنجليزى عشرات المرات دون أن يصلوا إليه.. كانت أرضية المرحاض مساوية لأرضية دورة المياه، والأولى من الأسمنت، فصنع على هذا الاتساع صندوقًا من الخشب تثبت أرضيته بأرضية المرحاض، وكان ارتفاعه حوالى 75 سنتيمترًا، بجوانب من الخارج وجوانب داخلية حول الفتحة التى توازى فتحة المرحاض الأصلية، وغطاء هذا الصندوق من الخشب، ومفصول عن الصندوق بمسامير قلاووظ، وتفك المسامير ويرفع الغطاء عند وضع أو أخذ القنابل بداخل الصندوق، ثم يغلق وتربط المسامير القلاووظ، ولا تستطيع العين المجردة أن تعرف أن دورة المياه فيها مخبأ سرى، أو أن فيها مسامير قلاووظ».
اعترف «فهمى» بارتكاب عملياته، فكان الحكم عليه بالإعدام، فكيف استقبل هذا الحكم وفقًا لما ذكرته الصحافة يوم 26 مايو 1926؟.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة