يعد النشيد الوطنى الجزائرى "قسما" أحد أشهر الأناشيد الوطنية فى المنطقة العربية وربما العالم أجمع، ذلك النشيد الذى يثير غضب الحكومة الفرنسية منذ أكثر من 60 عامًا وإلى الآن.
وإن كان شهرة النشيد عند المصريين تأتى كونه من تلحين الفنان والموسيقار الكبير محمد فوزى، فإن "قسما" جاء من كلمات الشاعر الجزائرى الراحل زكريا مفدى الشهير بشاعر الثورة، والذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ110، إذ ولد فى 12 يونيو 1908م، ببلدة ببنى يزقن، ولاية غرداية.
بدأت مشاركات واهتمامات "مفدى" السياسية والثورة، منذ كان طالبا فى الجمهورية التونسية، وسرعان ما أصبح ناشطا فى صفوف جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين، كان عضوًا أساسيًا فى حزب نجم شمال أفريقيا، وكان عضوًا فى حزب الشعب، وكان عضوًا فى حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، انضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطنى الجزائرى.
وبجسب موقع "المرادية" الجزائرى، فإن "مفدى" مع اندلاع الثورة التحريرية الكبرى انخرط فى أولى خلايا جبهة التحرير الوطنى بالجزائر العاصمة، وألقى القبض عليه وعلى زملائه المشكّلين لهذه الخلية، وأودعوا السجن بعد محاكمتهم، وبقى هناك لمدة ثلاث سنوات من 19 أبريل 1956م إلى 1 فبراير 1959م، وبعد خروجه من السجن فر إلى المغرب، ومنه انتقل إلى تونس، للعلاج على يد فرانز فانون، مما لحقه فى السجن من آثار التعذيب، وبقى هناك حتى وفاته فى 17 أغسطس 1977م، بتونس، ونقل جثمانه إلى الجزائر، ليدفن بمسقط رأسه ببنى يزقن.
ولما كانت شهرة الشاعر الراحل مرتبطة بالنشيد الوطنى الجزائرى، فإن بداية فكرة النشيد ظهرت عام 1956، بعد طلب عبان رمضان من مفدى زكريا كتابة نشيد وطنى يعبر عن الثورة الجزائرية، وخلال يومين فقط جهز شاعر الثورة "قسماً بالنازلات الماحقات"، وانتقل شاعرنا، والذى مات منفيًا بتونس، إلى تونس لنشره فى صفوف جبهة التحرير، وفى العاصمة التونسية قام الموسيقار التونسى على السرياتى بتلحينه، إلا أن لحن التريكى لم يكن فى مستوى قوة النشيد، وهو ما دفع بمفدى زكريا، تنفيذًا لأمر عبان رمضان، بنقله معه إلى القاهرة لإعادة تلحينه من جديد، وقد تبرع الموسيقار المصرى محمد فوزى بتلحين النشيد "هدية للشعب الجزائرى"، واقتنعت أخيراً جبهة التحرير باللحن الجديد، واعتبرته قويًا وفى مستوى النشيد، وكان ذلك عام 1957، وتم اعتماده كنشيد وطنى رسمى للجمهورية الجزائرية عام 1963.
وطالبت فرنسا بحذف مقطع "يا فرنسا" لكن المجاهدين الجزائريين رفضوا لأنها لم تعترف بجرائمها المرتكبة فى الجزائر وهو لا يزال مقطعًا من النشيد الوطنى الرسمى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة