فيما تبدو كعاصفة شديدة قد تعصف بحكومة دولة الاحتلال الإسرائيلى وتهدد عرش رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، اندلعت أزمة تجنيد "المتدينيين اليهود" بالجيش الإسرائيلى مجددا، حيث نادت اللجنة الحاخامية التى تتخذ قرارات حزب "يهودت هاتوراة" اليهودى المتشدد فى الحكومة مشرعيها لمغادرة الائتلاف فى حال تقدم مشروع قانون يقترح تجنيد المتشددين فى الجيش.
وأدى الإنذار الأخير إلى قول مصادر رفيعة فى الائتلاف للقناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلى، إن خطر الانتخابات المبكرة مطروح من جديد، بعد أن كاد الخلاف حول المسألة يحل الحكومة قبل بضعة أشهر.
وطلبت لجنة "حكماء التوراة"، اللجنة المسئولة عن معظم قرارات الأعضاء "الحسيديين" – طائفة يهودية متشددة - فى حزب "يهدوت هتوراة"، 4 أعضاء الكنيست الحسيديين من أصل 6 مشرعى الحزب محاولة تغيير المشروع المقترح حاليا، والاستقالة من الائتلاف فى حال تقدمه بدون موافقتهم.
جنود متشددين فى الجيش الإسرائيلى من كتيبة "نيتسا يهوديا" يدرسون التوراة
فيما تطرق مصدر رفيع فى حزب "يهدوت هتوراة" خلال تصريحات خاصة صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى موعد شهر سبتمبر النهائى الذى حددته المحكمة للكنيست لتغيير قانون إعفاء من التجنيد ألغته المحكمة، قائلا: "سوف نطالب رئيس الوزراء نتنياهو بأن تطلب الحكومة تأجيل من محكمة العدل العليا".
وفى سبتمبر 2017، ألغت محكمة العدل العليا القانون الذى يعفى الرجال اليهود المتشددين الذين يدرسون التوراة من الخدمة العسكرية، قائلة أنه يقوض مبدأ المساواة أمام القانون، ولكن علقت المحكمة قرارها لمدة عام لتمكين إيجاد تدابير بديلة، ما يمنح الحكومة إمكانية تشريع قانون جديد.
رئيس حزب "يهدوت هتوراة" يعقوف ليتزمان
وفى السياق نفسه، أوضحت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن اعتراض "لجنة حكماء التوراة" الرئيسية ضد الاقتراح، الذى قدمته وزارة الدفاع، يتعلق بندائه بوقف تمويل المدارس الدينية والضغط عليها لتشجيع طلابها على التجنيد عبر عرض خدمات مالية.
ويعتبر الموقف متطرفا أكثر من الموقف الذى من المرجح أن يتبناه الأعضاء غير الحسيديين فى الحزب، أو أعضاء حزب "شاس" اليهودى المتشدد الشرقي، بحسب القناة العاشرة الإسرائيلية.
نتانياهو مع حاخامات يهود
وطالما كانت مسألة تجنيد اليهود المتشددين مسألة جدلية فى دولة الاحتلال، ويدور نقاش جار منذ عقود حول تجنيد الرجال الذين يدرسون فى الكليات الدينية "اليشيفا"، ضمن التجنيد الإجبارى مثل باقى المواطنين اليهود فى إسرائيل.
وقال رئيس حزب "يهدوت هتوراة" يعقوف ليتزمان، الأسبوع الماضى، إنه فى حال عدم المصادقة على الاقتراح المدعوم من قبل اليهود المتشددين للتعامل مع التجنيد حتى موعد 22 يوليو، قبل ابتداء عطلة الصيف فى الكنيست، سوف يغادر الحزب الحكومة، ما سيؤدى على الأرجح الى سقوطها.
وبعد إنذار نهائى مشابه أصدره حزب ليبرمان خلال موسم الشتاء فى الكنيست، توصل أحزاب الائتلاف إلى اتفاق فى اللحظة الأخيرة لتأجيل المصادقة على قانون نهائى حتى موسم الصيف الحالى، ولكن لم يتمكن حتى الآن التوصل إلى اتفاق تسوية، مع تعهد وزير الدفاع افيجادور ليبرمان بأن حزبه العلمانى “إسرائيل بيتنا” لن يخضع لمطالب شركائه اليهود المتشددين فى الائتلاف.
والاقتراح الجديد يحدد الحد الأدنى لأهداف سنوية لتجنيد اليهود المتشددين، الذى فى حال عدم ملاقاته سيؤدى إلى عقوبات مالية ضد اليشيفا التى يدرسون بها.
ويوصى الاقتراح تحديدا وضع أهداف جديدة للتجنيد فى الجيش والخدمة الوطنية، تعزيز سنوى فى عدد الأشخاص الذين يؤدون الخدمة، وعقوبات مالية كبيرة ضد المتهربين من التجنيد، وتعزيز الخدمات والمكافآت لمؤدى الخدمة.
وفى حال تبنيه، سيكون هدف عام 2018 أقل من 4000 مجند، مع ارتفاع هذا العدد بنسبة 8% سنويا لمدة 3 سنوات، و 6.5% لثلاث السنوات التالية، و5% لأربع سنوات إضافية.
وأن تكون نسبة التجنيد أقل من 95% من العدد المحدد، سيتم فرض عقوبات تتخذ شكل تقليص للتمويل الحكومى لليشيفا. والغرامات تكبر كل عام لا يتم التوصل الى الهدف به.
ولكن سيبقى هناك عدة إعفاءات لليهود المتشددين من قانون التجنيد العادى، مثل إلزام التجنيد ابتداء من جيل 24 فقط، وليس 18 مثل التجنيد العادى.
وتخلق التوصيات أيضا ثغرة قانونية محتملة، والتى يمكنها تضخيم أعداد المجندين عبر شمل الشبان الذى غادروا المجتمعات اليهودية المتشددة قبل جيل 18 فى الإعداد.
وفى وقت سابق من الأسبوع الماضى، دافع وزير الدفاع الإسرائيلى اليمينى المتشدد، أفيجاادور ليبرمان، عن قانون وزارته، قائلا إن الاقتراح منصف ويتبنى خط الوسط فى مسألة جدلية.
وأضاف وزير الدفاع خلال مؤتمر فى جامعة بار ايلان: "الاقتراح لا يتطابق مع مبادئى، وبالتأكيد ليس مبادئ رئيس حزب شاس أرييه درعى أو رئيس حزب يهدوت هتوراة يعكوف ليتزمان، ولكن هذا المشروع هو الحل، ربما افضل حل، لاحتياجات الجيش".
وقدمت الأحزاب اليهودية المتشددة مشروعى قانون موازيين حول التجنيد العسكرى، الأول:" قانون أساس شبه دستوري، ينادى للاعتراف بدراسة التوراة للمدى الطويل كخدمة وطنية مساوية للخدمة العسكرية"، والمشروع الثانى يجبر وزارة الدفاع إعفاء طلاب "اليشيفا"، ويتطرق إلى قانون الأساس المقترح عدة مرات فى دفاعه عن التدابير المقترحة.
وبحسب اتفاق شهر مارس الماضى، سيتم تعليق مشروع قانون تجنيد اليهود المتشددين حتى تقديم وزارة الدفاع توصياتها للتعديلات، التى سيتم التصويت عليها بعد ذلك فى الكنيست.
وعلى الجانب الآخر، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلى رؤساء الائتلاف الحكومى إلى تفادى تبكير موعد الانتخابات، على خلفية الأزمة التى أثارها قانون تجنيد طلاب المعاهد الدينية العليا.
ورأى نتنياهو وفقا لهيئة البث الإسرائيلية "مكان"، وجوب تمرير مشروع القانون فى الحكومة خلال أسبوعين، ليتم إقراره فى الكنيست بكامل هيئته قبل انتهاء دورته الصيفية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة