روحانية مختلفة تشعر بها عند سماعك للابتهالات الدينية نظرًا لروعة كلماتها المنتقاة بعناية، ولعلك تشعر بذلك عند سماعك "مَوّلاى إنّى ببابك قَد بَسطتُ يَدى.. مَن لى ألوذ به إلاك يا سَندى؟.. أقُوم بالليّل والأسّحار سَاهية.. أدّعُو وهَمّسُ دعائى.. بالدموع نَدى.. بنُور وجهك إنى عائد و جل..ومن يعد بك لَن يَشّقى إلى الأبد..مَهما لقيت من الدُنيا و عَارضها..فَأنّتَ لى شغل عمّا يَرى جَسدي.. تَحّلو مرارة عيش رضاك.. و مَا أطيق سخطاَ على عيش من الرغد.. من لى سواك..؟ و من سواك يرى قلبي؟.. ويسمَعُه كُل الخلائق ظل فى الصَمد.. أدّعوك يَاربّ فأغّفر ذلّتى كَرماً.. و أجّعَل شفيع دعائى حُسن مُتَقدّي.. وأنّظُر لحالي..فى خَوّف و فى طَمع.. هَلّ يرحم العَبّد بعد الله من أحد؟.. مَوّلاى إنّى ببابك قَد بَسطتُ يَدي..مَن لى ألوذ به إلاك يا سَندي؟".
جاءت ابتهال "مولاى يا مولاى"، كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى، وبصوت قيثارة السماء الشيخ سيد النقشبندى، صاحب الصوت المتميز الذى ينقلك إلى عالم آخر بروحانية نقية، وكان ذلك بداية اول تعاون مع الملحن الراحل بليغ حمدى والذى لحن له فيما بعد عدد من الابتهالات الدينية.
يعود الفضل فى التعاون بين الشيخ النقشبندى والملحن بليغ حمدى، للرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى كان يعشق الإنشاد الدينى، حيث انه كان يرتبط بالشيخ النقشبندى لعلاقة صداقة وقتما كان السادات رئيسا لمجلس الأمة، وكان ذلك من خلال الدكتور محمود جامع.
ولمعرفة أصل الحكاية فرواها الإذاعى الكبير وجدى الحكيم قائلا:" إن السادات قال لبليغ حمدى: " عاوز أسمعك مع النقشبندى "، وكلف الحكيم بفتح استوديو الإذاعة لهما، وعندما سمع النقشبندى ذلك وافق محرجا وتحدث مع الحكيم بعدها قائلا: "ماينفعش أنشد على ألحان بليغ الراقصة"، حيث كان النقشبندى قد تعود على الابتهال بما يعرفه من المقامات الموسيقية، دون أن يكون هناك ملحن، وكان فى اعتقاد الشيخ أن اللحن سيفسد حالة الخشوع التى تصاحب الابتهال، ولذلك كان رد الشيخ: على آخر الزمن يا وجدى "هاغنى"؟ فى إشارة إلى أن الابتهال الملحن يجعل من الأنشودة الدينية أغنية.
طلب الشيخ الجليل من الحكيم الاعتذار لبليغ، ولكن استطاع الحكيم أن يقنعه بأن يستمع إلى ألحان بليغ، واصطحبه إلى استوديو الإذاعة واتفق معه على أن يتركه مع بليغ لمدة نصف ساعة وأن تكون بينهما إشارة يعرف منها الحكيم إن كانت ألحان بليغ أعجبت النقشبندى أم لا.
ويكمل وجدى الحكيم قائلا: "اتفقنا أن أدخل عليهما بعد نصف ساعة فإذا وجدت النقشبندى خلع عمامته فإن هذا يعنى أنه أعجب بألحان بليغ وإن وجدته ما زال يرتديها فيعنى ذلك أنها لم تعجبه وأتحجج بأن هناك عطل فى الاستوديو لأنهى اللقاء ونفكر بعدها فى كيفية الاعتذار لبليغ، فدخلت فإذا بالنقشبندى قد خلع العمامة والجبة والقفطان. وقال لى: " ياوجدى بليغ ده جن ".
وفى هذا اللقاء انتهى بليغ من تلحين "مولاى انى ببابك" وتتبعها 5 ابتهالات أخرى، دون أن يتقاضى الاثنان أجرا على الإطلاق، وتصبح هذه الابتهالات علامة من علامات شهر رمضان الكريم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة