سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يونيو 1983.. وفاة محمود المليجى.. «أبرع من أدى دوره بتلقائية أمام الكاميرا.. وصاحب النظرة التى خاف منها الجميع»

الأربعاء، 06 يونيو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يونيو 1983.. وفاة محمود المليجى.. «أبرع من أدى دوره بتلقائية أمام الكاميرا.. وصاحب النظرة التى خاف منها الجميع» محمود المليجى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان المخرج هانى لاشين يواصل العمل من أجل الانتهاء من فيلمه «أيوب»، وحسب روايته فى أكثر من لقاء على القنوات الفضائية، فإنه كان يجلس على ترابيزة ومعه من أبطال الفيلم، محمود المليجى وعمر الشريف وآخرون، استعدادًا لتصوير أحد المشاهد، وفجأة وبلا مقدمات تحدث المليجى مع الشريف قائلا: «يا أخى الحياة دى غريبة، الواحد بينام ويصحى، وينام ويصحى، وينام ويشخر»، ثم أسند رأسه على يديه وبدأ فى التشخير، فصفق الحاضرون بحرارة وضحكوا على ما ظنوه تمثيلا رائعا من «المليجى»، دون أن يكون مطلوبا فى الفيلم، ولما أطال، التفت إليه عمر الشريف قائلا: «إيه يا محمود.. خلاص»، لكن محمود لم يرد، وكانت المفاجأة التى زلزلت الجميع هى موته يوم 6 يونيو «مثل هذا اليوم 1983» عن عمر يناهز الـ73 عاما «مواليد 22 ديسمبر 1910»، و750 فيلما و74 مسرحية.
 
بدت هذه النهاية الغريبة كما لو كانت شاهدة على أن المليجى كان يعيش أدواره الفنية منذ أن بدأ التمثيل فى فرقة «فاطمة رشدى» عام 1930 بأدوار صغيرة يتقاضى عليها 4 جنيهات فقط، ثم قام ببطولة أول أفلامه «الزواج» عام 1933، وانطلق حتى أصبح «الشرير الأعظم فى تاريخ الشاشة إلى أن سطع نجم فريد شوقى ليتقلص دوره لحسابه»، حسب قول سناء البيسى فى «شرير الشاشة - محمود المليجى - الأهرام 31 مارس 2007».
 
جاء تحوله الكبير مع لقائه بيوسف شاهين فى فيلم الأرض عام 1970 الذى جسد فيه دور محمد أبوسويلم، أعظم أدواره على الإطلاق، وأحد الأدوار الاستثنائية فى تاريخ السينما المصرية، ثم أصبح من أبطال أفلام شاهين «الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، حدوتة مصرية، إسكندرية ليه»، واختاره فى هذه الأفلام لأنه يراه: «أعظم الممثلين المصريين على مر التاريخ»، ويؤكد: «أبرع من يؤدى دوره بتلقائية لم أجدها لدى أى ممثل آخر، كما أننى شخصيا أخاف من نظرات عينيه أمام الكاميرا».
 
يذكر الناقد محمود عبدالشكور فى كتابه «كنت صبيا فى السبعينيات» عن «دار الكرمة - القاهرة»، أنه شاهد حلقة من برنامج «نجوم وأفلام» على شاشة التليفزيون المصرى إعداد وتقديم يوسف شريف رزق الله والناقد سامى السلامونى، استضاف فيها المخرج يوسف شاهين، والتقى مع ممثله المفضل محمود المليجى.. قدم شاهين نموذجا لقدرات المليجى التشخيصية، طلب منه أن يلقى عبارة محددة متقمصا طريقة وأداء عدة شخصيات قدمها فى أفلام شاهين، وعلى رأسها طبعا خالد الذكر محمد أبوسويلم، ويعلق عبدالشكور: «كان أداء المليجى مذهلا، بدا كما لو كان نموذجا للقدرة السريعة على استحضار أدواته، ومن تلك المدرسة التى تأخذ الشخصية إلى عالمها وليس العكس، إنه يضيف من أسلوبه هو إلى أداء الشخصية، ثم يخرج بسهولة من حالة إلى حالة، عكس أصحاب مدرسة التقمص الكامل الذين يستغرقون وقتا طويلا سواء فى التحضير والاندماج، أو فى الخروج من جلد الشخصية».
 
أما عن نظرات عينيه المخيفة أمام الكاميرا فتذكر سناء البيسى: «كان صاحب عيون حذر الممثلون بعضهم البعض من التطلع إليها أثناء التصوير‏، فمن ينظر فى هاتين العينين لابد أن يتلعثم ويتعثر وتضيع منه كلمات الحوار‏.. عيون جعلت النجمة الشابة ترتجف وتنخرط فى البكاء ليوقف المخرج التصوير وينتحى بها جانبا يسألها ما بها فتقول‏: ‏خايفة من الأستاذ محمود‏، ‏وتفر زبيدة ثروت مرتعدة الأوصال فى مشهد جحظت فيه عيناه ليهدئ حسين رياض من روعها قائلا‏: ‏إوعى تخافى منه‏، ‏لأنه شخصيا لو شاف فرخة بتندبح حيغمى عليه‏‏».
 
تضيف «البيسى»: «صاحب العيون بليغة الأداء تتجسد على سطحها صورة الشر‏، ‏وعلى الجانب الآخر تعكس الانكسار ومهانة الضربة القاضية‏، وتلك النظرة المنكسرة قال عنها الكاتب والمخرج رأفت الميهى‏: ‏إن نظرة عينى محمود المليجى فى نهاية فيلم‏ «‏غروب وشروق‏» ‏مع سعاد حسنى حولت مجرى أحداث الفيلم لتجعله من فيلم مؤيد للثورة إلى فيلم ضد الثورة ورجالها‏، فلقد حدث أن الكاميرا فى مشهد النهاية ركزت على نظرة المليجى الذى كان يلعب دور رئيس البوليس السياسى فى لحظة انكساره وهو يودع ابنته سعاد فى طريقه إلى السجن‏، ومن شدة الاندماج وبلاغة تصويره للحظة الانكسار تلك شعرنا نحن فى العرض الخاص بأننا تعاطفنا مع شخصية رئيس البوليس السياسى الظالم‏، واضطررنا إلى حذف هذه اللقطة حتى لا تحدث أزمة ويصبح الفيلم ضد الثورة.. واكتفينا بلفتة منه تجاه الابنة ثم المغادرة منكسا دون أن يرفع عينيه إلى الكاميرا بنظرة الأسد الجريح».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة