أكرم القصاص

مسلسلات خفة اليد.. الجمهور مش عاوز كده

الخميس، 07 يونيو 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مولد الدراما المسلسلاتية الرمضانية هناك أكثر من 30 عملا، تسجل نوعا من التخمة، لكنها أيضا تشكل زحاما فى الكم، لا يقابله كيف يعبر عن حالة إبداع، نحن نشاهد نجوما كبارا مثل يحيى الفخرانى فى «بالحجم العائلى»، أو عادل إمام فى عوالم خفية، وهناك نجوم مثل ياسر جلال يكرر فى رحيم ما سبق له تقديمه فى ظل الرئيس، أو مصطفى شعبان يقدم جديدا فى أيوب، بينما يلمع هذا العام عملا مثل  «ليالى أوجينى» الذى يمثل قماشة جديدة، تجمع بين الرومانسية والتاريخ الحديث، وإن كانت وقعت فى فخ التطويل والمط. 
 
وتبقى الجرعات الغالبة فى المسلسلات هى خلطات منقولة من صفحات الحوادث بحذافيرها، أو خلطة أكشن مع مافيا مع صراعات، أغلب أبطالها الأثرياء مجرمون وأعضاء عصابات أو فقراء يعملون عند الأغنياء، وأبرز ما يلفت النظر فى النظر إلى المسلسلات والدراما هذا العام، أن أغلبها تخاصم الواقع أو تبتعد عن المصريين وتعالج قضايا بعضها موجود فى المجتمع، لكن أغلبها لا علاقة فعلية له بالمواطنين الذين يسيرون فى الشوارع أو يعيشون فى أحياء ومدن وقرى مصر. 
 
التعامل مع الواقع لا يعنى نقل ما يجرى فى المجتمع بحذافيره، لكن التعامل بخيال يعبر عن واقع يعيشه المواطنون، وعندما نشير إلى أعمال ملحمية مثل ليالى الحلمية، المال والبنون، أو بوابة الحلوانى أو حتى «رأفت الهجان»، نحن نتحدث عن دراما من لحم ودم، تعالج ما يعيشه البشر فى المجتمع والصراعات التى يخوضها الناس حول المال أو السلطة، فى الصعيد أو بحرى، وهناك أعمال مثل بوابة الحلوانى تتعامل مع التاريخ الحديث بشكل درامى يسلط الأضواء على مراحل مهمة فى التاريخ الحديث. 
 
كل هذه الأمثلة تعنى وجود سياقات روائية أو قصصية تقوم عليه الأعمال الدرامية والمسلسلات، ولهذا فإن شهر رمضان كانت دائما تميزه أعمال مهمة فى تاريخ الدراما، تعالج أحداثا وصراعات وعلاقات يمكن رؤيتها، انعكاسا لما يدور فى الحياة اليومية، مع تسليط الأضواء على النفس البشرية من خلال نماذج شريرة أو خيرة أو تجمع بين الخير والشر، حيث لا يوجد فقط أبيض وأسود، لكن هناك درجات متعددة للأفكار والصراعات. 
 
 يمكن القول، إن أعمالا كبيرة مثل «ليالى الحلمية أو أبو العلا البشرى أو بوابة الحلوانى»، هى فى الأصل أعمال روائية أنتجها أدباء وروائيون استندوا إلى بناء روائى، وليس فقط مجرد رص للمشاهد، كما يحدث الآن، حيث نرى أعمالا فيها مشاهد معمولة جيدا، لكنها لا يمكن أن تعلق فى ذاكرة المشاهد بعد انتهاء الحلقة زو العمل.
 
وعندما نتحدث عن الروايات فقد كانت هناك دائما مسلسلات تقوم على أعمال روائية كبرى مثل أعمال نجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس، سواء فى السينما أو التليفزيون، وكانت تحمل قدرا من التسويق والفكرة، وبالطبع بعد نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ظهرت أجيال من الروائيين لهم أعمال روائية تصلح لأن تكون مسلسلات، لكن هذه الأعمال بالطبع قد تحتاج إلى مجهود فى الكتابة وتحويلها للتليفزيون وتحتاج إلى خبرات ربما لا تكون متوفرة لدى قطاعات من منتجى الدراما تفضل العمل الملفق والمنقول من مشاهد مستوردة أو محلية وإعادة وضعها فى قالب مسلسلاتى، وهى عملية تتطلب خفة يد وبعض الصنعة فى الدمج وتغيير الترتيب، وإن كان من الصعب ونحن فى عصر المعلومات أن تمر خدع المخرجين أو المؤلفين الذين يسرقون مشاهد أو أجزء من مسلسلات بالخارج أو سرقة فكرة رئيسية، وإعادة انتاجها بشكل جديد.
 
والنتيجة لهذا التلفيق هى ظهور نوعيات من المسلسلات عبارة عن هجين من كل فيلم أو مسلسل مشهد مطبوخة تغطيها الصنعة والتصوير أو المعارك والصراعات الدموية، وبعض التوابل المسلسلاتية المعروفة التى يمكن أن تمر على المشاهد المتعجل وسط زحام من الأعمال الدرامية، وتحت دعاوى أن «الجمهور عاوز كده»، ترتكب أكبر جرائم الدراما والمسلسلات، لأن الجمهور ليس هو الذى ينتج ويكلف، ونفس الجمهور الذى ينسبون إليه إعجابه بأعمال تافهة أو مسروقة هو نفسه الذى أعجب ومنح الثقة لأعمال مثل مسلسلات أسامة أنور عكاشة أو محفوظ عبدالرحمن ومحمد صفاء عامر، وبالتالى فلا يمكن اتخاذ الجمهور شماعة لتعليق الأعمال الرديئة، خاصة أن بعض الأعمال الرديئة التى شاهدناها التى رافقتها حملات تسويقية ضخمة، لم تسجل نجاحا على العكس من أعمال نجحت، بالرغم من أنها بلا حملات تسويق،  ولا يمكن أن يطلب الجمهور هذه الخلطات.
 
كان الجمهور دائما هو الحجة التى يعلنها منتجو أفلام المقاولات فى الثمانينيات من القرن العشرين، عندما انطلقت هوجة أفلام المخدرات والأكشن التافهة، وكانت أفلاما يتم تصويرها فى عدة أيام وتزدحم بالمعارك الساذجة أو المخدرات والرقص الشرقى، وتخلو من أى سيناريو، أو حوار أو مضمون، كانت هذه الأفلام ذات تكاليف منخفضة، ويراهن منتجوها على الفيديو أو التوزيع الخارجى، وكانت تزدحم بأخطاء فادحة، ووجدت هذه الأفلام من يدعمها ويدافع عنها بحجة أن «الجمهور عاوز كده»، ولم يكن الجمهور له علاقة بهذه الموجة التى انحسرت فى السينما، لكنها ظلت مستمرة فى الدراما، خاصة فى بعض الأعمال التى ترفع شعارات الكوميديا وهى أعمال مبتذلة وإفيهات وهراء درامى، وأيضا تظهر روح المقاولات، فى أعمال تكرر وتنحت المشاهد والأفكار، وفى النهاية تزعم أن هذا ذوق الجمهور، بينما الجمهور لا علاقة له بهذه المنتجات الدرامية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة