رمضان على 55 سنة، حكاية زمن رسم خريطته على وجه رجل لونته شمس كورنيش الإسكندرية طوال سنوات عمره، يبيع الترمس والفول، على عربة خشب قديمة. عم رمضان لا يكتفى فقط ببيع الترمس والفول على كورنيش عروس البحر المتوسط، بل يعيش مع كل قصصه وقصص المواطنين وزوار البحر.
يقول عم رمضان: تعلمت العمل كبائع متجول على عربة الترمس، وراثة عن أبى الذى أخذها عن جدى، ولا أعلم غيرها، فقد كنت أنزل مع والدى نبيع الترمس، على الكورنيِش، حتى كبرت ولا أعرف عملًا آخر أقتات منه.
ويضيف عم رمضان: أعمل كل يوم من الساعة الثالثة عصرًا وحتى الخامسة فجرًا، وباقى الوقت، أقوم بصنع الترمس وتدميس الفول فى المنزل، حتى يخرج للمواطنين طازج، ويحبون شراءه.
ويقول عم رمضان: أبيع طبق الترمس بثلاثة جنيهات فقط، ولا أزود سعره على المواطن لأن الناس "غلابة" ولم يعد أحد حمل أى زيادة أخرى، فعلى الرغم من الزيادة الواقعة على، والتى تجعلنى أبيع طبق الترمس بـ10 جنيهات، ولكنى لا أفعل لأنى أرى الناس وهى تتحدث مع نفسها على الكورنيش بسبب غلاء الأسعار، وأشاهد حالات انتحار كثيرة، هربًا من ظروف المعيشة الصعبة.
ويضيف بائع الترمس: أوقات كتير ناس بتطلب منى ترمس من غير فلوس، ولا أستطيع الرفض لأن الرزق على الله، وحتى أسعد من يرغب فى تناول الترمس الذى صنعته بيدى، بكل حب، فأنا أحب عملى كثيرًا ولا أخجل منه، ولذلك أمهر فى أدائه.
حكايات شاطئ الإسكندرية، لا تخفى عن عم رمضان الذى يعايشها طوال مكوثه على البحر فى سنوات عمره الـ55 فيقول: أكثر ما يصادفنى باستمرار، هن الفتيات المراهقات اللاتى يهربن من بيوت أسرهن سواء من القاهرة أو المحافظات المحيطة، فأجدهن يجلسن على الكورنيش فأحاول التقرب منهن خشية أن يتحدث معهن شباب سيئو الأغراض، وأحضر لهن أطباق الترمس، ليحكين كل الظروف التى يمررن بها، وفى النهاية أوصلهن لمحطة قطار، وأدفع عنهن التذكرة، حتى أتأكد من عودتهم لمنازلهن.
ويكمل عم رمضان: البائعون على كورنيش الإسكندرية، ليسوا مجرد باعة، ولكنهم منقذون أيضًا فالكثير من الحوادث التى تحدث على الكورنيش، نحن أول من نسعفها، ونحضر المياه، أو نتصل بالإسعاف وشرطة النجدة، بالإضافة غلى منع الكثير من محاولات الانتحار، وكذلك نمنع حالات السرقة بالإكراه التى تكون على البحر ليًلا، ونمنع التعرض للإناث والتحرش بهن.
ويقول عم رمضان: بعد كل ما نفعله ونقوم به، وبعد ارتباطنا بالبحر، تأتى إدارة المرافق، بمديرية أمن الإسكندرية، أو التابعة للحى، وتسحب العربات مننا، لمنعنا من الوقوف على الكورنيش.
ويتابع رمضان: أحصل فى نهاية كل يوم على 100 جنيه أو 200 حسب الرزق والموسم، وأعود بهم حامدًا الله، وربيت بهم أولادى الثلاثة زوجت بنتين، وتبقى الثالث الذى تخرج، ولم يجد عملًا له.
وعن ذكرياته مع الإسكندية يقول عمر رمضان: أنا اشتغلت الشغلانة دى أيام "المليم"، وكنت فى إسكندرية مختلفة تمامًا، الأجانب كانوا فى كل مكان، والبيوت مكنتش عملاقة، كانت كلها فلل وقصور، ولا السلوكيات وأخلاق الناس كانت كده، أبسطها عدم احترام الشباب لكبار السن، حتى لو كانوا من ذويهم، أو أولياء أمورهم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة