الحكاية أكبر من ثعابين البحيرة.. جزيرة هيسا النوبية تعانى من خطر الكوبرا..وشاب يتولى مسئولية مكافحتها.. فقرة قديمة بالسيرك تكشف عن ندرة تخصص السموم بالمحافظة.. ومؤسس المركز القومى للسموم: لدينا فقر فى المنظومة

الجمعة، 13 يوليو 2018 08:30 م
الحكاية أكبر من ثعابين البحيرة.. جزيرة هيسا النوبية تعانى من خطر الكوبرا..وشاب يتولى مسئولية مكافحتها.. فقرة قديمة بالسيرك تكشف عن ندرة تخصص السموم بالمحافظة.. ومؤسس المركز القومى للسموم: لدينا فقر فى المنظومة الثعابين فى قرية البحيرة
كتب محمد سالمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بكثير من الترقب والاهتمام تابع الجميع حالة الخوف والفزع التى سيطرت على أهالى قرية منية السعيد التابعة لمركز المحمودية بمحافظة البحيرة فى ظل انتشار الثعابين السامة داخل الأراضى الزراعية وزحفها على المنازل، ما أسفر على  وفاة أحد الأهالى، ومن هنا بدأت الأزمة تتكشف أمام الرأى العام، وتدفقت على وسائل الإعلام من كل حدب وصوب، سيل لتصريحات المسئولين لا ينتهى، لكن هل تم حل الأمر بشكل نهائى؟.. الإجابة لا قطعاً.

المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة فى تصريحات إعلامية قللت من الضجة المثارة، مشيرة إلى إن شخصا واحد فقط فى المحافظة توفى نتيجة لدغة ثعبان والسبب أنها لم يذهب لأخذ المصل الوقائى وجلس فى المنزل لمدة 12 ساعة، مضيفة أن الأزمة بالمحافظة لا تستدعى القلق، لاسيما أنه يوجد ثعابين فى كافة أنحاء مصر.

ثعابين البحيرة.. جرس إنذار

إلى حد كبير فإن حديث محافظ البحيرة عن وجود الثعابين فى كافة أنحاء مصر صحيح لكنه يستدعى طرح عدة تساؤلات، هل هناك استعدادات لمواجهة تلك الزواحف السامة فى كافة المحافظات؟ هل يوجد مستشفيات مجهزة لاستقبال حالات اللدغات أم أن الوضع يقتصر على القاهرة والمحافظات الكبرى كالإسكندرية المتوافر بها مستشفيات ذات إمكانيات؟ والسؤال الأهم هل تخصص علاج السموم يلقى أهمية التى يستحقها أم لا؟.

للإجابة على التساؤلات السابقة، يمكن الاستعانة بواقعة جديدة بطلها الثعابين والكوبرا أيضًا للتأكيد على أن الأمر ليس مجرد حالة لقرية فى محافظة إنما وضع يحتاج لتخطيط فى لكل الجوانب لتفادى وقوع أزمات بالمستقبل قد تكون عواقبها وخيمة!.

البحيرة

اصطياد الثعابين فى البحيرة 

 

الواقعة الجديدة تتمركز فى جزيرة هيسا أقدم الجزر الواقعة وسط نهر النيل، وتتكون من ستة نجوع يحمل كل منها اسم إحدى القبائل النوبية الأساسية، وتعتبر من أقرب الجزر إلى السد العالى، وتتميز بطبيعتها الخلابة مما يجعلها مقصدًا سياحيًا لكثير من زائرى محافظة أسوان.

جزيرة هيسا.. والتوغل داخل الأزمة

ورغم تشبيه الكثيرون لـ"هيسا" باللوحة الفنية الخلابة فإن ظهور الثعابين السامة والكوبرا الخطرة يعكر هذا الصفو، ومنذ عامين تقريبًا عثر محمد صالح أحد شيوخ الكبار للجزيرة على ثعبانين من نوع الكوبرا مما أشعره بالقلق كثيرًا على الكبار والصغار بالجزيرة، وتوجه على الفور إلى مبنى محافظة أسوان للشكوى من الأمر، خصوصا أنه لا يوجد مكان قريب للعلاج إذا حدث لا قدر لدغ لأى من السكان، وبالفعل استجابة المحافظ آنذاك وأنشأت وحدة صحية لكنها منذ هذا الحين لم يتوافر بها أى أمصال للعلاج من اللدغات السامة، واقتصرت محتويات الوحدة على الأدوية للمشاكل الصحية الشائعة".. هكذا يروى الشاب أحمد نجل الشيخ أحمد صالح.

بكل تأكيد كان أهالى هيسا سعداء بإنشاء وحدة صحية على جزيرتهم، لكن بقيت مشكلة الكوبرا كما هى دون حل، إلا أن أحمد نجل الشيخ محمد صالح، قرر مواجهة هذا الأمر خصوصا أنه يهوى تربية الحيوانات ويجيد التعامل مع مثل هذه الزواحف.

الثعابين

الشاب أحمد يتعامل مع أحد الثعابين 

أحمد صاحب الـ 22 عامًا، يقول :"تواجد الثعابين والكوبرا فى جزيرتنا خطر لعدة أسباب فى مقدمتها السمية الشديدة لتلك الزواحف بكل تأكيد، ثم عدم وجود رعاية طبيبة لهذا النوع من الأزمات الصحية، إضافة إلى غياب الوعى عن الأهالى فى التعامل مع مثل هذه الأمور تمسكه بالعادات والتقاليد القديمة فى بعض الأوقات والتخاريف كبعث الثعبان مجددًا بعد قتله، لذا يتركوه يرحل بعيد عنهم".

ويحكى الشاب صاحب الـ 22 عامًا عن وقائع تسببت فيها الكوبرا فى رعب الأهالى بالجزيرة خلال الفترة الماضية، وأبرزها مهاجمة واحدة منها لسيدة، ولولا ستر الله لكانت العواقب الوخيمة، أيضًا بالأيام الماضية حكى له عمه عن عثوره على كوبرا فى مركبه وقد استطاع إبقائها بعيدة عنه، وليس هذا فحسب إنما هو نفسه كان يستعد للجلوس على النيل ليفاجئ بكوبرا تهاجمه لولا قدرته على اصطيادها لتطور الوضع لمشكلة أكبر.

خبرة الشاب النوبى فى التعامل مع الزواحف والحيوانات عمومًا جعلته ملجأ لأهالى الجزيرة والاتصال به دومًا لاصطياد الثعابين والكوبرا التى يشاهدوها، وهنا يقول أحمد :"أحيانًا أتلقى اتصالات فى أوقات مختلفة سواء الصباح الباكر أو فى منتصف الليل من أهالينا بالجزيرة يتصلون بى من أجل التعامل مع كوبرا شاهدوها، خاصة أن المشكلة فى الكوبرا تحديدًا أنها تواجه لا تهرب وأقل واحدة فيهم حجما بالقرية يصل طولها إلى متر ونصف مما يشكل رعبا للكثيرين".

تواجد الكوبرا فى أحد الجحور
تواجد الكوبرا فى أحد الجحور

ويضيف الشاب النوبى :"المشكلة التى تقابلنى دومًا أن الكثيرين من الكبار هنا يتمسكون بالعادات القديمة الخاصة بعدم جواز قتل الثعابين، وكذلك عدم الفهم للتعامل مع حالات اللدغ بشكل صحى"، مضيفًا :"المشكلة الأكبر أنه لا يوجد مكان يتوافر به الرعاية الصحية الخاصة بمثل هذا الحوادث حتى فى أكبر المستشفيات فى محافظة أسوان نفسها، فى بعض الأوقات لا توجد أمصال وإن توافرت لا يتواجد طبيب لديه القدرة على التعامل معها بشكل صحيح".

فى الفترة الماضية، حاول الشاب النوبى الاستعانة ببعض المتخصصين فى صيد الحيوانات البرية وبعض مروضى الأفاعى لتخليص الجزيرة من الكوبرا والثعابين السامة المنتشرة فى أرجائها، لكن الوقت لم يسعفه بحسب وصفه إلا أنه يتمنى توفير الرعاية الصحية المناسبة لهذا النوع من الحوادث فى محافظة أسوان وتدريب أطباء على التعامل مع مثل هذه الحالات، خاصة أنه هناك حالات لدغ من ثعابين وزواحف سامة تحدث من وقت لآخر بالقرب من بحيرة ناصر، وفى أحيانًا لا تجد العلاج المناسب لها.

القصة أكبر من الحالات الطارئة

جزيرة هيسا ليست سوى مؤشر لعواقب يمكن أن تحدث فى محافظة أسوان أو أى منطقة أخرى بالجمهورية لا تتوافر بها الرعاية الطبية، ومنذ عام تقريبا كانت هناك واقعة تدلل على ضرورة الانتباه لتخصص السموم فى مصر وحدثت فى أسوان أيضا، أثناء تقديم السيرك القومى لعرض بالمحافظة.

الواقعة تمثلت فى تعرض الكابتن يسرى كوبرا للدغة بسيطة أثناء تجهيزه للعرض مما دفع إدارة السيرك لنقله المستشفى للاطمئنان عليه واعطائه المصل اللازم تحسبا لحدوث اى حالة تسمم جراء اللدغة.

ويسترجع الكابتن يسرى الواقعة، قائلا :"عندما وصلت المستشفى لم تكن الأزمة فى توافر المصل من عدمه، إنما فى تواجد طبيب لديه القدرة على التعامل مع مثل هذه الحوادث".

ويضيف الكابتن يسرى :"من خلال خبرتى الممتدة لقرابة 25 عاما فى التعامل مع الزواحف والعقارب السامة، أدركت ان اللدغة ليست خطيرة وبناء عليه رفضت تناول المصل لأن الطاقم الطبى هناك لم يقم بأبسط خطوة وهى إجراء اختبار الحساسية للتعرف على مدى تقبلى للمصل من عدمه تحسبا لتعرضى لأى مضاعفات ولم يقم بأى تحاليل، القصة ليست مجرد مصل وينتهى الكلام إنما لابد من تواجد طبيب سموم متخصص".

وتابع مروض الافاعى حديثه، قائلا :"بشكل عام لا يمكننى القول أن ما حدث فى أسوان حالة عامة فى مصر كلها، خاصة أنه يوجد مستشفيات لديه قدرة فائقة على التعامل حالات اللدغ مثل قسم السموم فى مستشفى الدمرداش، وكذلك المستشفى الجامعى بالإسكندرية، إنما المشكلة فى وجهة نظرى تتركز فى بعض القرى والأماكن البعيدة نسبيا مثلما حدث فى محافظة البحيرة".

ويشير الكابتن يسرى إلى نقطة هامة هى أن حوادث اللدغ متواجد فى مصر منذ سنوات لكن لم يكن هناك تركيز إعلامى على المشكلة بالقدر الكاف، وأن ما حدث فى قرية البحيرة هو ما لفت الأنظار إلى المشكلة، مضيفا :"أطالب كل الجهات فى مصر سواء وزارة البيئة أو الصحة بالاهتمام بعدة نقاط أبرزها مكافحة تلك الزواحف السامة والاستعانة بالمتخصصين فى التعامل معها، وعدم ترك المواطنين البسطاء فريسة لها، وكذلك الاهتمام بتخصص السموم وعدم اقتصار الموضوع على توفير أمصال فقط بالقصة أكبر من ذلك بكثير".

الحل الجذرى للأزمة

الشىء اللافت للنظر من خلال متابعة أزمة ثعابين البحيرة، أن الكثيرين علقوا على مسألة توفير الأمصال، فهل المشكلة كلها تتلخص فى هذا الأمر، أم أن تخصص السموم فى مصر كلها يحتاج إلى إعادة نظر، وهنا يقول الدكتور محمود محمد عمرو، مؤسس المركز القومى للسموم: "قبل القول أو حديث عن توافر الأمصال لابد من الانتباه إلى أشياء أخرى أننا لدينا نقص فى مراكز السموم وفى كوادر السموم ومشكلة فى الوعى بأهمية تخصص السموم".

ويضيف مؤسس المركز القومى للسموم: "إذا تم توفير الأمصال اللازمة أين هيئة التمريض التى ستعطيه المريض، ومن هو الطبيب الذى سيكتبه وسيحدد النوع دون الآخر، وما هى الأماكن التى سيأخذ فيها المريض المصل أو الدواء اللازم".

ويتابع محمود محمد حديثه قائلًا: "القصة ليست مجرد توفير دواء من عدمه بل المشكلة أننا لدينا فقر فى كل المنظومة"، مضيفا: "سأعمل مثل لتوضيح وجهة نظرى وهو إذا تعرض شخص للدغة من قبل ثعبان أو عقرب، وكان لديه حساسية وتم إعطائه مصل بدون دراية يمكن ان يموت حتى لو كانت اللدغة غير قوية أو ذات تأثير كبير، لأن التعامل الصحيح هنا أن يحصل هذا الشخص على أدوية مهبطة للحساسية أولا ثم بعد ذلك إعطائه المصل الوقائى".

ويوضح مؤسس المركز القومى للسموم بقصر العينى وجهة نظره فى تدارك الوضع الحالى قائلا:" الحل الأول فى رأيى هو زيادة حملات التوعية للجميع بداية من الأطباء وطواقم التمريض ثم بعد ذلك المواطنين أنفسهم، وحتى الإعلاميين لابد أن يكون لديهم وعى أولا ليتمكنوا من نشره فيما بعد بين الملايين"، مضيفا: "لابد من إعطاء دورات تدريبية وحتى الأطباء المتخصصين بالمجالات المختلفة ليكون لديهم دراية بالتعامل مع الامصال المختلفة وكيفية إعطائها للمصابين فى الحالات المتعددة"، لافتا إلى أنه لابد من إعطاء اهتمام أكبر لمنظومة السموم فى مصر كلها.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة