كان ثالث حكام مصر فى العصر الحديث، بداية من حكم أسرة محمد على باشا، هو عباس حلمى الأول، الوالى الذى تولى الحكم خلفا لعمه إبراهيم نجل محمد على فى فى 24 نوفمبر سنة 1848، بناء على نظام الحكم المتبع حينها داخل الأسرة العلوية بأن يتولى الأبن الأرشد من بين أبناء وأحفاد الوالى.
وتمر اليوم الذكرى 163، على اغتيال عباس حلمى الأول داخل قصره فى مدينة بنها، لينهى عصر من أكثر عصور الأسرة العلوية اتهاما بالرجعية وتوقف حركة النهضة التى بدأها جده الوالى، وسط حالة من الغموض وروايات بالمؤامرة حول أسباب الاغتيال، فما هى تلك الحكايات التى ظهرت عن مقتل الوالى، وكانت هناك مؤامرة من الأسرة عليه؟.
بحسب كتاب "البحث فى الأوراق القديمة" للكاتب مصطفى نصر، فأن مقتل عباس يحوى روايتان، إحدهما ذكرها إسماعيل باشا سرهنك فى كتابه "حقائق الأخبار عن دول البحار الجزء2" وتقول: إن عباس كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه ويصطفيهم، ويتخذ منهم خواص خدمه، ولهم عنده من المنزلة ما جعله يغدق عليهم الرتب العسكرية العالية، على غير كفاءة يستحقونها، وكان لهم كبير من غلمانه، يسمى خليل درويش بك، وقد أساء معاملة أولئك المماليك، فاستطاعوا عليه بالغمز واللمز، وخاصة لأنه صغير السن، فسخط عليهم وسكاهم إلى مولاه، فأمر بجلدهم، فجلدوا وجردوا من ثيابهم العسكرية، وألبسهم الخشن، وأرسلهم إلى الإسطبلات لخدمة الخيل، لكن مصطفى باشا أمين خزانة الوالى، أشفق عليهم، فطلب العفو عنهم، فاستجاب عباس وعفا عنهم، وردهم إلى مناصبهم، فجاءوا إلى بنها ليرفعوا واجب الشكر للوالى، ولكنهم أضمروا الفتك به انتقاما لما أوقع بهم، فائتمروا عليه مع غلامين من خدمة السراوى يدعى أحدهما عمر وصفى، والآخر شاكر حسين، واتفق الجميع على قتله، حيث كان من عادة عباس عند نومه أن يقوم على حراسته غلامان من مماليكه، وفى هذه الليلة كان الغلامان المذكوران يتوليان حراسته، فجاء المؤتمرون وهو نائم، قتلوا ثم أوعزوا إلى الغلامين بالهرب فهربا.
أما الرواية الثانية عن مقتل عباس الأول ترويها مدام أولمب إدوار فى كتابها "كشف الستار عن أسرار مصر" وخلاصتها: إن الأميرة نازلى هانم عمه عباس كانت فى الأستانة وأرسلت مملوكين من أتباعها لقتله، واتفقت وإياهما على أن يعرضا أنفسهما فى سوق الرقيق بالقاهرة كى يشتريهما عباس ويدخلهما فى خدمته، وكان المملوكان على جانب كبير من الجمال، مما يرغب وكيل الوالى فى شرائهما، فقد كانت الأوامر أن يختار الوكيل أشد الغلمان جمالا.
فجاء الغلمان إلى القاهرة ونزلا سوق الرقيق ورآهما مندوب الوالى، فرقه جمالهما، فاشتراهما وأدخلهما سراى مولاه ببنها، فأعجب عباس بهما، وعهد إليهما بحراسته ليلا، فما أن استغرق فى النوم، حتى انقضا عليه وقتلاه، وهربا إلى القاهرة ثم منها إلى الأستانة، حيث تنتظرهم مكافأة سخية من نازلى هانم على تنفيذ المؤامرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة