"كتبت هذه الرواية فى مدة خمسة عشر يوماً، كانت من أكثر لحظات عمرى قلقاً وعذاباً"، هكذا تحدث كاميلو كاشتيلو برانكو عن "حب الضياع"، والصادرة فى ترجمتها العربية حديثا عن المركز الثقافى العربى للنشر بالمغرب وترجمة المترجم المغربى سعيد بنعبد الواحد، وهى أشهر أعماله الأدبية وأعظم رواية حب فى الأدب البرتغالى الحديث، وقد كان برانكو ينتمى إلى الطبقة النبيلة، لكنه عاش حياة عاصفة وبوهيمية، تتجاوز أحياناً حياة أبطال رواياته، كتبها داخل زنزانة، حيث كان يقضى وراء قضبان السجن عقوبةً بعد واحدة من مغامراته الغرامية التى لا تعد ولا تحصى.
تحكى هذه الرواية قصة تيريزا الجميلة وسيماو المندفع، والخلافات المستمرة بين عائلتيهما التى تقف حاجزاً أمام حبهما وتمنع زواجهما، بيد أن العشق الذى يحركهما، والذى يزداد قوة مع تضافر العقبات والصعوبات، سرعان ما يؤدى بهما وبأقاربهما إلى دوامة مصير مأساوى تعبث به يد القدر، فتتوالى الأحداث، بين مواعيد سرية، وعزلة فى الدير، وجرائم قتل، وكمائن انتقام، أحداث تجعل من هذه الرواية نصاً كلاسيكياً يندرج ضمن روائع الأدب الأوروبى فى القرن التاسع عشر.
وبحسب المترجم فالرواية مستوحاة من حياة برانكو الشخصية، وخاصة قصة عمه سيماو أنطونيو بوتيليو، ذلك أن الأخير دخل سجن مدينة بورتو بعد اتهامه بالزنا وتحريض إحدى النساء على عصيان زوجها، مشيرا إلى أنها أكبر رواية حب فى تاريخ شبه الجزيرة الإيبيرية، لهذا ترجمت هذا العمل بمتعة كبيرة وأنا استحضر كل ما قرأته من أعمال رومانسية سواء فى الأدب الغربى.
فى روايته هذه، ينبش المؤلف عن القاع السفلى للريف البرتغالى، كاشفا عن كائنات بشرية تتخبط فى مستنقعات الأعراف الدينية والاجتماعية، ليصور ما تفرضه قيود هذه الأعراف على حياة البشر هناك، ومن خلال قصة حب صاخبة، يختزل الروائى الريف البرتغالى بجميع إشكالياته، ذلك أن قصة الحب هذه تفضح ما هو مخبوء خلف الأبواب المغلقة، وتعرى هذه المجتمعات المنافقة والمحافظة والتى لا تتورع فى التخلص مما يزعجها.
حب الضياع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة