حوادث الخطف والتعدى أصبحت فى تزايد مستمر والضحية غالبا طفل.. الأمر الذى تداوله الرأى العام فى الشهور الأخيرة حتى أعلن النائب أمين مسعود عضو مجلس النواب عن اقتراح سيتقدم به للبرلمان فى أكتوبر المقبل وهو تغليظ عقوبة خطف الأطفال لتصل إلى الإعدام.
الحديث عن تغليظ عقوبة خطف الأطفال ليس جديدا ففى يناير 2018 وافقت اللجنة التشريعية فى البرلمان على تغليظها لتصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 289 من قانون العقوبات لسنة 2018 على أنه: "كل من خطف بنفسه أو بواسطة غيره من غير تحيل ولا إكراه طفلًا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، ومع ذلك يُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه".
الأمر الذى جعل النائب إيهاب الطماوى أمين سر اللجنة التشريعية بالبرلمان يؤكد لـ"اليوم السابع"، على أنه لا مجال لتغليظ عقوبة خطف الأطفال أن كانت بالفعل تصل للسجن المشدد أو الإعدام.
مع ذلك فإن التعديلات من هذا النوع عادة ما تتجاهل جريمة خطف من نوع أخر وهى خطف الأبناء على يد الأب أو الأم.. الأمر الذى يجعل الطفل ضحية مرتين الأولى ضحية خلافات الأب مع الأب والثانية ضحية عملية الخطف نفسها.
هذه الجرائم ليست نادرة ولا قليلة ففى 2018 فقط كانت هناك قضيتان تحديدا من هذا النوع تسببت فى ضجة الأولى كانت فى فبراير 2018 عندما قام الأب ويدعى "جورج.أ" فى المرج بخطف ابنه البالغ من العمر 3 سنوات لمعاقبة زوجته بسبب الخلافات المتكررة بينه وبينها خاصة وأنها حاضنة الطفل ووجهت له النيابة تهم "خطف طفل وترويعه وتعريض حياة طفل للخطر".
وبعدها بشهر واحد كانت هناك جريمة مشابهة فى الفيوم، حيث قام أب بخطف ابنه وأخفاه فى منزل أحد أصدقائه بمدينة 6 أكتوبر وبعدها عاد الأب ليدعى أن الطفل مخطوف من قبل مجهولين والغرض من كل هذا الحصول على فدية مالية كبيرة بحيث يجبر أفراد العائلة على دفع المال بينما هم يظنون أنهم يتعاونون لإنقاذ الطفل.
وبعد كشف الجريمة تمت إعادة الطفل لعائلته وضبط الأب الذى اعترف بالجريمة بكل تفاصيلها قبل تحويله للنيابة.
حتى الآن لا يوجد فى قانون العقوبات نص صريح لعقاب الأب أو الأم فى حالة قيام أحدهما بخطف الأبناء بل يتم العمل أحيانا بمبدأ سلامة النية كان يدفع أب التهمة عن نفسه بأنه كان يحاول رؤية طفله إذا منعته الأم من زيارته فى حالة طلاقهما مثلا وعندها يقول الأب أنه "لم يخطف الطفل بل كان يريد رؤيته وليس إيذائه أو أنه كان سيعيد الطفل لأمه بعد رؤيته وقضاء وقت معه".
وسيلة أخرى للهرب من هذه الجريمة هى أن لجوء الأب أو الأم الخاطفين لحجة الجنون ويتم تحويل الأب الخاطف أو الأم الخاطفة لمستشفى الأمراض بدعوى أن ابتعاده عن الطفل سبب له مشاكل نفسية أو لم يكن يسيطر على افعاله ولا مسئول عنها.
أما المادة التى تحدثت عن خطف الطفل من قبل والديه فكانت المادة 292 من قانون العقوبات وهى ضعيفة جدا مقارنة بحجم الضرر الذى يمكن أن يتعرض له طفل مخطوف حيث تسمى المادة الخطف فى هذه الحالات باعتباره "منع تسليم طفل لمستحق رعايته" وتنص على "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة أو بغرامة لا تزيد على خمسين جنيهًا مصريًا أى الوالدين أو الجدين لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده إلى من له الحق فى طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو حفظه".
الجريمة قد لا تقف عند إخفاء طفل فى مصر فقط بل ربما يقوم الأب أو الأم بتهريب الطفل خارج البلاد إذا ما أراد وبهذا تصعب عملية إعادة الطفل إذا كانت عائلته لا تعرف إلى أين ذهب أصلا.
وقال النائب إيهاب الطماوى أمين سر اللجنة التشريعية بالبرلمان، لـ"اليوم السابع"، إن اللجنة لم تتأخر فى مناقشة أى تعديلات لحماية أمن الأطفال وكل ما يتطلبه تقديم قانون فى هذا الشأن هو أن يتقدم به 10% من النواب.
وأشار الطماوى، إلى أنه يجب التفرقة بين جرائم خطف الأطفال مع هتك العرض أو القتل التى تنتشر حاليا وبين خطف أب أو أم لطفلهما مع ذلك لا يوجد ما يمنع بالفعل تغليظ العقوبة فيها بما يحقق ردعا لمنع يخطف طفلا من حاضنه خاصة إذا كانت العقوبات الموجودة الآن ضعيفة.
بينما يرى النائب عبد المنعم العليمى، عضو اللجنة التشريعية فى البرلمان، أن عقوبة خطف الطفل من قبل الأب أو الأم وتعديل هذه العقوبة تتطلب الرأى الشرعى لأنه إذا كان الأمر يتعلق بالأسرة أو الأحوال الشخصية فإن تعديلات القوانين الخاصة بها تحتاج لموافقة الأزهر حتى تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
لكن ما هو رأى الشريعة الإسلامية فى هذا القضية؟
بحسب الشيخ أحمد المالكى عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فإن الأصل فى الشريعة الإسلامية أن تكون حضانة الأطفال للأم أما إذا تزوجت تنتقل الحضانة للأب، وأجمع الفقهاء على أن الحاضن لا يمنع الطرف الأخر من رؤية الطفل وإذا منع يكون فى حكم الشريعة "ظالما" ويسرى هذا على الأب الذى يأخذ الطفل من والدته أو الأم التى تأخذ الطفل من والده، مع ذلك لا يسمى هذا بالخطف فى الشريعة، والعقوبة فى هذه الحالة بيد القانون وليس الشرع، وأضاف وليس لمن له الحضانة من الأبوين منع الآخر من رؤية الأولاد وإلا كان ظالما أيما ظلم؛ وقاطعٌ للرحم.. قال الله تعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ أن تَوَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) محمد/22، 23، وقال النبى صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ ).
حتى الآن لا توجد إحصائيات دقيقة بعدد حالات خطف الأطفال لكن بعض المنظمات الحقوقية رصدت تزايد فى حالات خطف الأطفال من 856 حالة خطف وطلب فدية فى 2012 إلى 1700 حالة فى 2014 وأخر رقم رسمى كان فى 2015 من خط نجدة الطفل والرقم كان 412 حالة فقط ولم تصدر بعدها إحصائيات رسمية.. على أن هذه الأرقام كلها كانت خطف أغراب أو عصابات للأطفال ولم تذكر أى شئ عن خطف الطفل من قبل أحد الوالدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة