أستاذ قانون جنائى: نحتاج لدراسة أبعاد وأسباب انتشار الظاهرة للقضاء عليها
مازلت ظاهرة التنقيب عن الآثار تنتشر كل يوم أكثر وأكثر، رغم تكثيف الأجهزة الأمنية لحملاتها لضبط المهربين والمنقبين عن الآثار، خاصة من الفترة التى تلت ثورة 25 يناير والتى تم نهب فيها أكثر من ثلث أثار مصر بحسب عالم الآثار العالمى الدكتور زاهى حواس.
الدكتور زاهى حواس
آخر وقائع التنقيب عن الآثار، كانت فى محافظة الفيوم، حيث تم حبس 7 متهمين فى واقعة التنقيب عن الآثار بمنطقة الكنز الأثرية، بقرية هوارة المقطع، التى لقى فيها عامل مصرعه، 4 أيام على ذمة التحقيق، وسرعة ضبط متهم آخر هارب، مع حبس خفيران بهيئة الآثار، 4 أيام، وإخلاء سبيل فرد أمن بالمنطقة بضمان وظيفته.
وفى القليوبية، ألقت الأجهزة الأمنية، القبض على تشكيل عصابي مكون من 8 أفراد للتنقيب عن الآثار في حارة درب السوق بجوار المسجد الكبير بقرية ميت حلفا بقليوب، والذين قاموا بأعمال حفر أسفل منزل بعمق 8 أمتار، كما لقى شخصين مصرعهما وأصيب ثالث بجروح وكدمات، أثناء تنقيبهم عن الأثار بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وتبين أنهم أثناء التنقيب عن أثار إنهالت عليهم الحفرة بها ماء فلقى مصرعهما غرقاً مما أدي لوفاة الاثنين وإصابة الثالث.
فيما استعانت اخصائية اجتماعية بـ5 عمال للتنقيب عن الآثار أسفل منزلها بمحافظة أسيوط، وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض عليها وعلى العمال بحوزتهم أدوات الحفر، والعثور على حفرة "قطر 2 متر وعمق 2 متر"، وبمواجهتهم أقروا بارتكابهم الواقعة.
اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يؤكد أن حلم الثراء السريع يٌوقع بضعاف النفوس فى مكائد النصابين، خاصة فى مجال التنقيب عن الآثار، الذى يعرف بكثرة حيل النصابين ومداعبتهم لغريزة الطمع لدى البعض، ومن ثم النصب عليهم وإيهامهم بتحقيق ثروات طائلة من الآثار.
وأضاف نور الدين، لـ "اليوم السابع"، أن وسائل النصب وإقناع المواطنين بالتنقيب عن الآثار تعددت وتطورت فبعد أن كانت برسائل مجهولة عبر الهاتف المحمول، تخبرك بالعثور على الآثار، وجدنا الآن انتشار جهاز فى المناطق الشعبية يزعم من خلاله النصاب قدرته على اكتشاف الآثار قبل بدء أعمال التنقيب ويتراوح سعر الكشف عن الآثر من 25 ألف جنيه وحتى 50 ألف جنيه.
اللواء محمد نور الدين
وعن أساليب النصب أوضح نور الدين، أنه خلال فترة عمله كمديرًا لأمن الأقصر، كانت هناك أساليب عدة للنصب على المواطنين ونهب أموالهم بزعم التنقيب عن الآثار، فمثلا إحدى العصابات كانت تحفر لأعماق كبيرة وتبنى غرف مزينة برسومات فرعونية ويضعون أباريق ذات قشرة ذهبية، ويوهمون الضحية بأنها المقبرة وللحصول على باقى الكنز يجب أن يدفع ملايين الجنيهات وهو طبعا يصدقهم لأنه شاهد بنفسه.
وأكد نور الدين، أن النصاب على يقين بأن ضحيته لن يبلغ عنه الأجهزة الأمنية خوفا من التورط فى المساءلة القانونية، وبالتالى ينصب عليه وهو مطمئن، مشيرًا إلى أنه خلال فترة بالأقصر، تم ضبط عدة قضايا تنقيب عن آثار وخلال التحقيقات تبين مثلا أن البعض يذبح طفله ليقدمه قربانا للفراعنة من أجل الحصول على الكنز، وهو قمة الجهل والتخلف والبعد عن الدين.
فيما تؤكد الدكتورة فوزية عبد الستار، أستاذ القانون الجنائى، أن ظاهرة التنقيب عن الآثار انتشرت للحد الذى يستوجب دراسته، قائلة:"القانون وحده لا يكفى لمواجهة هذه الجريمة، خاصة وإن كانت العقوبة مشددة ورادعة، ولكننا نحتاج لعمل دراسات مثلا فى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، للوقوف على الأسباب التى أدت لانتشار هذه الظاهرة بكل أبعادها لنعرف أسبابها ومن ثم معالجتها.
الدكتورة فوزية عبد الستار
يتفق معها الدكتور محمد الكحلاوى، أمين عام الاتحاد العام للأثريين العرب، الذى يؤكد أنه يجب على الدولة وضع خطة مكبرة للقضاء على هذه الظاهرة تشترك فيها وزارات الآثار والداخلية والثقافة، بالإضافة إلى الأزهر والكنيسة، وذلك بتوعية المواطنين بخطورة تهريب أثار البلد إلى الخارج وخطورة التنقيب عنها خاصة أسفل المنازل التى تتعرض فيما بعد للانهيار بسبب أعمال الحفر.
وأكد الكحلاوى، أن الأساطير والخرافات المتعلقة بالتنقيب عن الآثار مثل ذبح الأطفال وجلب الزئبق الأحمر لتقديمها للجان لسهولة عملية التنقيب أصبحت من الوسائل القديمة للنصب، والآن أصبح النصابين يستخدمون طرق جديدة مثل الاتيان بأحد الدجالين من دولة المغرب والزعم بأنه المتخصص الوحيد فى الكشف عن الآثار وتوريط الضحية فى التكفل بإقامته فى أفخر الفنادق لمدة معينة ثم اصطحابه للمكان الذى يزعمون فيه وجود آثار وعمل أعمال سحر وشعوذة لإقناع الضحية بوجود آثار، وربما وضعوا بعضًا من القطع الأثرية لإكمال عملية النصب.
الدكتور محمد الكحلاوى
وأضاف الكحلاوى، أن هناك أيضًا أن هناك جهاز يتم شراؤه من الخارج يبدأ سعره من 50 ألف جنيه ويصل إلى مليون جنيه، حسب قدرات الجهاز فى الكشف عن الآثار الموجودة تحت الأرض وهو بالفعل يحدد المادة الموجودة أسفل الأرض.
وأكد أمين عام الاتحاد العام للأثريين العرب، أنه بحسب الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، فى مؤتمر الأثريين العرب الخامس عشر عام 2015، فإن 35% من تراث مصر تم نهبه منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن.