تقوم الدولة المصرية بدور صحيح تماماً، فيما يتعلق بمواجهة حرب الشائعات المستمرة على مصر، لإرباك الساحة الداخلية.
فالدولة المصرية لم تعد تتعامل مع ملف الشائعات باعتباره ملفاً ثانوياً، ولكن الملاحظ أن الدولة تتمتع بأعلى درجات اليقظة فى مواجهة حرب الشائعات المستمرة، هذه اليقظة فى الحقيقية تدفن هذه الشائعات فى المهد، وتواصل ملاحقتها حتى تنتهى تماماً، وينتهى تأثيرها السام على المواطنين.
هذه اليقظة مطلوبة وحتمية بكل تأكيد، لقد كنا نعانى فى الماضى من أن الشائعات التى تخرج على شبكات التواصل الاجتماعى لا يتم الالتفات إليها أو التعامل معها بالجدية المطلوبة، باعتبارها شائعات سخيفة، تراهن الدولة على قوة ومنطق المواطنين فى عدم تصديقها.
لكن فى الحقيقة، الأجواء المختلة والأوضاع المريضة، على شبكات التواصل الاجتماعى، بالإضافة للجهود التى يقوم بها خصوم هذه الدولة فى ترويج الشائعة، جعلت السكوت على أى من هذه الشائعات أمرا شديد الخطورة، يؤدى إلى نتائج مؤسفة فيما بعد.
إذ إن ثقافة القطيع المنتشرة لدى بعض الغاضبين على شبكات التواصل الاجتماعى، وتراجع وعى قطاعات متعددة من مستخدمى شبكات التواصل، ثم القوى التآمرية التى تروج لهذه الشائعات، تجعل من شائعة صغيرة غير منطقية خطرا كبيرا، ومصدرا من مصادر القلق والارتباك للرأى العام المصرى، ومن ثم فإن هذه اليقظة من أجهزة الدولة المصرية، من الحكومة ووسائل الإعلام ومركز معلومات مجلس الوزراء، فى نفى الشائعات أولاً بأول، هى فى الحقيقة موقف تستحق عليه الدولة المصرية التقدير، وتستحق عليه الأجهزة التى تواجه هذه الشائعات كل الشكر.
لدى هنا وجهة نظر يجب فقط أن نلتفت إليها فى الفترة المقبلة، فالحرب على الشائعات لا ينبغى أن تجعلنا فى النهاية فى موقع الدفاع دائماً، إذ إن خصومنا قد يريدوننا دائماً فى موقع الدفاع، ففى كل مرة ننجو من شائعة نخرج إلى أخرى، ننجو من معلومة كاذبة، ننطلق إلى تضليل آخر.
وبالتالى يتصور هؤلاء الذين يطلقون الشائعات أن هذه الحرب تستنزف قدراتنا المؤسسية والإعلامية للدفاع طوال الوقت عن تماسك الرأى العام المصرى، عبر موجة هذه الشائعات، ومن ثم فإننى أعتقد أننا علينا أيضاً فى إطار هذه اليقظة الإيجابية، أن ننظر إلى الأمر بطريقة ليست دفاعية فقط، ولكن نتعامل مع الأمر كذلك بطريقة هجومية، فنخطط لكيفية استهداف خصوم الدولة المصرية بنفس الطريقة، وبنفس الآليات.
صحيح أن الكذب والتضليل ليس من صناعتنا، لكن الصحيح أيضاً أننا يمكن أن نبتكر وسائل جديدة نواجه بها هذه الشائعات، دون أن يحصرنا الخصوم فى الدائرة الدفاعية فقط.
هناك لدى خصوم الدولة المصرية الكثير من الثغرات التى يمكن الرهان عليها و«تكبيرها»، هناك الكثير من الآليات عبر شبكات التواصل الاجتماعى التى يمكن أيضاً أن نستثمرها نحن فى ضرب الخصم ضربات مضادة، ليس بالكذب الذى يعتمده هذا الخصم طوال الوقت ضد مصر والمصريين، ولكن بالمعلومات الحقيقية وبالرصد الدقيق.
خذ مثلاً.. أن كثيراً من القنوات التى تطلق الشائعات ضد مصر وتمول من قطر وتصدر من تركيا، لديها الكثير من الثغرات والكثير من المشكلات التمويلية والكثير من الصراعات الداخلية، والكثير من قضايا التحرش، هذه القضايا يجب أن يتم إبرازها مرة أخرى وأن يواجه بها الفريق المريض المتآمر الخائن لبلاده، الذى يسهم فى ترويج الشائعة.
كذلك أن كثيرا من البلدان توجه سهام الشائعات السامة والتضليل ضد الرأى العام المصرى، يمكن أيضاً أن نخطط لكيفية الرد عليها بآليات هجومية من خلال شبكات التواصل الاجتماعى، وأعتقد أننا رغم احترامى وتقديرى وإعجابى بهذه اليقظة التى تقوم بها الأجهزة المصرية فى مواجهة الشائعات، أعتقد كذلك أننا فى حاجة أن نقوم بأدوار هجومية فى هذا الملف، ونعلن أولا بأول أسماء المضللين.
وربما يكون ما أعلنه السيد الرئيس قبل ذلك عن وجود 21 ألف شائعة فى ثلاثة أشهر، بمعدل 7 آلاف شائعة كل شهر، هو بداية هذا الطريق لفضح الأكاذيب.
الأمر لا يجب أن يقتصر فقط على أن نهاجم مطلق الشائعة أو ننفيها، ولكن علينا أيضاً أن نفضح أولا بأول هذه المسيرة، ونفضح أولا بأول هذه القوة التآمرية التى لا تتوقف أبدا عن إطلاق الأكاذيب ضد مصر.
اليقظة.. نعم اليقظة مطلوبة.. نعم اليقظة ضرورية.. نعم ما تقوم به الدولة المصرية رائع جدا، ولكن علينا أيضاً أن نغزوهم ولا يغزوننا.
//
مصر من وراء القصداليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة