دخلت العقوبات الأمريكية على إيران حيز التنفيذ، بعد خطابات تهديد ووعيد وحملة تصريحات عنيفة متبادلة بين الإدارتين الأمريكية والإيرانية، مع إقرار حكومة حسن روحانى بأن هذه العقوبات ستؤثر حتما على الاقتصاد الإيرانى وتؤدى فورا إلى ضرر بالغ على حياة المواطنين البسطاء فى الجمهورية، وفق ما قاله وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريفن وفى خطابه ردا على العقوبات الأمريكية ظهر روحانى بخطة "اللا خطة" واكتفى فقط بتوجيه النقد إلى نظيره الأمريكى.
روحانى والعقوبات
هذه العقوبات جعلت الرئيس حسن روحانی يوجه كلمة إلى الشعب الإيرانى تحمل عددا من الرسائل إلى الداخل والخارج على حد سواء، ولئن كانت الكلمة تستهدف المجتمع من الداخل إلا أنها ركزت على تفنيد الخطاب الأمريكى أو حرب العلاقات العامة التى شنتها واشنطن ضد النظام الإيرانى فى الأشهر الأخيرة.
وللنيل من خطاب ترامب قال روحانى إن الدعوة إلى الحوار لا معنى لها مع العقوبات وأن دعوة رئیس الإدارة الأمريكیة للحوار دون شرط مع إیران إما للاستهلاك المحلی أو لشن حرب نفسیة ضد الشعب الإیرانی، ولم يشر روحانى إلى أى استهلاك محلى، أهو الاستهلاك المحلى الإيرانى أم الاستهلاك المحلى الأمريكى؟!
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية الرسمية عن روحانى فی حدیث مباشر للشعب عبر التلفزیون الإیرانی قوله إن من یدعو إلى الحوار هو نفسه الذی انسحب من الاتفاق النووی وإن الدعوة إلى الحوار لا یمكن جمعها بتاتا مع فرض العقوبات التی تستهدف أبناء الشعب، وهو ما يعنى فى تصور روحانى أنه لا حوار مع أمريكا بالمرة فى ظل توقيع العقوبات والانسحاب من الاتفاق النووى.
تعويضات أمريكية!
الرئیس روحانى ذهب بعيدا وطالب أمريكا بدفع تعويضات إلى الحكومة الإيرانية إذا كانت تريد التفاوض معها وقال بالحرف الواحد: "نحن لا نضع أى شروط للحوار مع أمريكا بشأن كیفیة تسدید التعویضات المترتبة علیها إلینا، ذلك أن الرئیس الأمريكی حاول بأسالیب مختلفة ممارسة الضغط على إیران وكان یعتقد أن الاتحاد الأوروبی سیسیر على نهجه وأن إیران ستنسحب من الاتفاق النووی بانسحابه منه".
وحلل روحانى أهداف ترامب الاستراتيجية وقال إنه كان يريد أن یأخذ ملف إیران إلى مجلس الأمن (فى إشارة إلى الحصول على قرار أممى بشن الحرب على إيران) لكن ما حصل كان خلافا لما كان یتوقعه فالاتحاد الأوروبی أثبت أنه متمسك بالاتفاق النووی رغم "أننا نتوقع من الدول الأوروبیة وروسیا والصین مواقف أكثر عملیة".
وأكد أهمیة تعزیز التعاون والتعامل مع العالم لإرغام أمريكا على التراجع عن موقفها الحالی وقال إن ترامب تراجع بالفعل خطوة إلى الوراء من خلال دعوته إلى الحوار، لكننا نؤكد ضرورة تراجعه خطوات حتى العودة إلى ما كانت علیه أمريكا لدى التوقیع على الاتفاق النووی وهذا ما سیضمن مصالح إیران وأمريكا نفسها والعالم أجمع.
موقفا روسيا والصين
روحانى نوه كذلك إلى موقفى الصین وروسیا بعد أن أعلنتا وبكل صراحة أنهما ستقفان بوجه الضغوط الأمريكیة وأنهما عازمتان على الحفاظ على اتفاقیاتها الموقعة مع إیران، مشيرا إلى الأهمیة التی تولیها إیران لعلاقاتها مع الدول الأسیویة "مع التطلع فى نفس الوقت إلى علاقات أوثق مع دول الاتحاد الأوروبی".
ولفت روحانى إلى أن جذور الكثير من المشاكل الاقتصادیة لا تعود لهذه الحكومة أو التی سبقتها بل ربما قد تعود إلى ما قبل الثورة لكن نحن فی الحكومة الحادیة عشرة، وهنا إشارة لا تخطئها عين على انتقاد روحانى لحكومة الرئيس محمود أحمدى نجاد تلك التى كانت توزع الأموال نقدا على المواطنين وزادت نسبة الفوائد فى البنود من 12 بالمئة إلى نحو 24 بالمئة فى بعض المصارف.
وأنهى روحانى خطابه بالقول: "اتخذنا الإجراءات اللازمة للحفاظ على استقرار سوق العملات الأجنبیة وبالفعل تمكنا من ذلك وكان الشعب كان واثقا كل الثقة من تحسن الوضع الاقتصادی لكن الاحتجاجات التی اندلعت قبل أشهر فی إحدى المدن والتی تخللتها بعض الدعوات إلى الفوضی إلى جانب التهدیدات التی أطلقها ترامب للتأثیر على الوضع الاجتماعی والاقتصادی، هی التی أثارت القلق بین الشعب وسببت ظهور بعض المشاكل الاقتصادیة".
على هذا النحو يبدو أن الإستراتجية الروحانى فى مواجهة العقوبات العقوبات الأمريكية، هى إستراتيجية دعائية فى المقام الأول ولم تتطرق إلى أى حلول عملية على أرض الواقع ولم يقدم الرئيس المعتدل أية خارطة طريق للحد من تفاقم الأزمات الاقتصادية المترتبة على العقوبات الأمريكية على بلاده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة