فى مثل هذا اليوم.. ذكرى حريق لندن الكبير بستينيات القرن السابع عشر × 20 صورة

الأحد، 02 سبتمبر 2018 06:43 م
فى مثل هذا اليوم.. ذكرى حريق لندن الكبير بستينيات القرن السابع عشر × 20 صورة حريق لندن الكبير
كتب محمد رضا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"حريق لندن"، جملة تستدعى للأذهان سريعًا الحريق الهائل الذى اشتعل فى برج جرينفيل يوم 14 يونيو 2017، مخلفًا ورائه عشرات القتلى والمصابين، إلا أن تاريخ مدينة الضباب ملئ بالحرائق الهائلة على مر العصور، وفى السابق كانت الحرائق تنشب بسبب تخطيط المدينة المعتمد على المنازل الخشبية، والتى يكون بها المدفئة جزء أساسى من أثاث المنزل للتدفئة فى ظل الطقس شديد البرودة الذى يسود جميع أنحاء البلاد فى فصل الشتاء.

رسم تفصيلى لحريق لندن الكبير
رسم تفصيلى لحريق لندن الكبير

 

المناطق التى طالها الحريق مظللة باللون الوردى
المناطق التى طالها الحريق مظللة باللون الوردى

 

تاريخيًا هنالك ما يعرف بـ"حريق لندن الكبير"، وهو حريق ضخم اجتاح المناطق الرئيسة فى العاصمة البريطانية، لندن، واستمر من يوم الأحد الثانى من سبتمبر سنة 1666 حتى يوم الأربعاء الخامس من الشهر نفسه، حتى هدمت النيران مدينة لندن القديمة التى بُنيت فى القرون الوسطى، والتى يحيطها سور لندن الرومانى الأثرى، وكادت النيران حينها أن تلحق بحى وستمنستر الأرستقراطى، وقصر الملك تشارلز الثانى (قصر وايت هول)، وغالبية المناطق العشوائية الفقيرة، كذلك التهمت النيران حوالى 13000 منزلاً، و87 كنيسة رعوية، وكاتدرائية القديس بولس القديمة، وطالت أيضًا غالبية مبانى المدينة الخاصة بالهيئات والسلطات الرسمية.

وتشير التقديرات إلى أن الحريق تسبب فى هدم مساكن 70 ألف من السكان، البالغ عددهم حينها 80 ألفًا، إلا أنه لم يُحدد عدد الضحايا من الوفيات، والذى يقال أنه كان محدودًا للغاية، إذ بلغت حالات الوفاة المُثبتة المسجلة 6 حالات فقط، غير أن هذا الزعم فُند مؤخراً استنادًا إلى أن حالات الوفاة من بين الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى لم تسجل، إلى جانب أنه من الممكن للحرارة الكبيرة المنبعثة من الحريق أن تتسبب فى تحول العديد من الضحايا بالكامل إلى رماد، ما يحول دون التعرف على أية بقايا لهم.

بانوراما مدينة لندن فى سنة 1616
بانوراما مدينة لندن فى سنة 1616

 

الملك تشارلز الثانى
الملك تشارلز الثانى

 

استخدام "خطاطيف الحرائق" لمكافحة حريق فى مدينة تيفرتون
استخدام "خطاطيف الحرائق" لمكافحة حريق فى مدينة تيفرتون

 

ولم يمر وقت طويل فى ذلك اليوم - بعد منتصف الليل يوم الأحد الثانى من سبتمبر - حتى اشتعل الحريق فى مخبز توماس فارينور (أو فارينوى)، فى شارع بادينج لين، وما لبث أن انتشر غربًا عبر مدينة لندن، ويرجع تعطل إجراءات مكافحة الحرائق، والتى تمثلت وقتها فى إقامة حواجز للنار عن طريق أعمال الهدم، إلى تردد السير توماس بلودورث، عمدة مدينة لندن حينها، فى اتخاذ قرار مناسب للموقف، وما إن صدرت أخيرًا أوامر بإجراء أعمال هدم واسعة النطاق مساء الأحد، حتى كانت الرياح قد عززت بالفعل النيران وتحويلها إلى عاصفة نارية كانت كفيلة بأن تقهر الحواجز، إذ اندفعت النيران يوم الاثنين إلى قلب المدينة.

وإلى جانب ذلك، شاعت فى هذا الوقت الاضطرابات فى المدينة، حيث انتشرت شائعات تقول بأن مجموعة من الأجانب المشتبه فى أمرهم تقوم بإضرام الحرائق، واشتبه الفقراء وسكان الشوارع أكثر ما اشتبهوا فى الفرنسيين والهولنديين، أعداء إنجلترا إبان الحرب الإنجليزية الهولندية الثانية التى كانت لا تزال دائرة آنذاك، ما نتج عنه تعرض مجموعات كبيرة من المهاجرين للعنف، ومنهم من أعدم دون محاكمة.

إعلان عن سيارة إطفاء الحريق ذات العجلات المستخدمة فى القرن السابع عشر
إعلان عن سيارة إطفاء الحريق ذات العجلات المستخدمة فى القرن السابع عشر

 

مقدار الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الأحد الثانى من سبتمبر
مقدار الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الأحد الثانى من سبتمبر

 

صموئيل بيبس
صموئيل بيبس

 

وبحلول يوم الثلاثاء، كانت النيران قد انتشرت فى أغلب أجزاء المدينة، وحطمت فى طريقها كاتدرائية القديس بولس، وتخطت نهر فليت لتهدد بلاط الملك تشارلز الثانى فى وايت هول، فى الوقت ذاته الذى تظافرت فيه جهود مكافحة الحرائق، ويرجع نجاح عمليات إخماد الحريق إلى عاملين رئيسين هما، الانخفاض الشديد فى حدة الرياح الشرقية، وكذلك استخدام حامية برج لندن، البارود لتكوين حواجز نارية فعالة من شأنها أن تحول دون انتشار النيران بصورة أوسع فى اتجاه الشرق.

وخلّف الحريق آثارًا اجتماعية واقتصادية بالغة، فقد شجع الملك تشارلز الثانى السكان على النزوح من لندن والإقامة فى مناطق أخرى، وذلك بسبب خوفه من ثورة اللاجئين اللذين نُهبت ممتلكاتهم، وعلى الرغم من هذا الاقتراح وغيره من الاقتراحات الخطيرة، أعيد بناء مدينة لندن طبقًا لخطة الطرق ذاتها، والتى كانت قيد الاستخدام قبل اندلاع الحريق.

جريدة لندن جازيت صورة طبق الأصل من تقرير عن الحريق الكبير
جريدة لندن جازيت صورة طبق الأصل من تقرير عن الحريق الكبير

 

مقدر الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الاثنين الثالث من سبتمبر
مقدر الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الاثنين الثالث من سبتمبر

 

جون إفلين
جون إفلين

 

وفى ذلك الوقت تدفقت خطط وتصميمات إعادة بناء المدينة بشكل شامل، بتشجيع من تشارلز الثانى، وإن كان تم العمل على واحدة من تلك الخطط، لنافست لندن مدينة باريس فى بهائها وقتها، وبالفعل حاول الملك مع سلطات المدينة الرسمية التيقن قانونيًا ممن "يمتلك بالفعل المبانى والأراضى"، للتفاوض مع الملاك حول تعويض تقدمه الحكومة لهم لتنفيذ ما تنطوى عليه تلك الخطط الهندسية من إعادة هيكلة واسعة النطاق للمدينة، لكنهم تخلوا عن الفكرة لما رأوها غير عملية، ومن بين مقدمى خطط إعادة بناء المدينة جون إفلين، وكريستوفر رن، وروبرت هوك، وفالنتين نايت، وريتشارد نيوكورت.

لوحة زيتية تصور النيران فى بوابة لدجيت فى أقصى غرب المدينة
لوحة زيتية تصور النيران فى بوابة لدجيت فى أقصى غرب المدينة

 

مقدار الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر
مقدار الدمار التقريبى بحلول مساء يوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر

 

ويذكر هنا أنه بحلول ستينيات القرن السابع عشر، كان يمكن القول أن لندن أصبحت المدينة الأعظم اتساعًا فى بريطانيا، كما بلغ تعداد سكانها حينها ما يقدر بنصف مليون نسمة، وقد وصفها الكاتب الإنجليزى جون إفلين، مقارنًا بينها وبين مدينة باريس فى بهائها الباروكى – آنذاك - بأنها عبارة عن "مجموعة مزدحمة من البيوت الخشبية غير الاصطناعية، فى الشمال"، كما أشار إلى وجوب الحيطة مما تشكله المبانى الخشبية من خطر الحريق، ونبه كذلك على مشكلة الازدحام، وأراد الكاتب الإنجليزى من وراء وصف المدينة بـ"غير الاصطناعية" الإشارة إلى كونها معدومة التخطيط المسبق، وكذلك توحى بمظهر زائف وغير مكتمل للعمران، وهى نتيجة طبيعية للنمو السكانى والتمدد العمرانى، خاصة وأن لندن عاشت 4 قرون كمستعمرة رومانية، وإلى جانب ذلك انتشرت المدافئ المفتوحة والأفران واستخدام الشموع ومخازن المواد القابلة للاشتعال، وكلها أسباب أدت إلى سرعة انتشار الحرائق وتفاقم آثارها، حيث أنه وقتئذ لم يكن هناك نظام شرطة أو إدارة مطافئ.

جيمس دوق يورك
جيمس دوق يورك

 

جيمس شيرلي
جيمس شيرلي

 

وعقب الحريق، تملك الناس تحفز تام لإيجاد كبش فداء يلقون عليه مسؤولية الحريق، ولهذا لم يجدوا غضاضة فى قبول اعتراف الساعاتى الفرنسى روبرت هوبرت – على شهرته بين الناس ببساطة قدراته الذهنية - بأنه يعمل كجاسوس للبابا، وأنه من بدأ الحريق الكبير فى وستمنستر، ثم عدل ذلك الاعتراف بآخر ادعى فيه بأنه المسؤول عن إشعال النيران فى المخبز فى شارع بادينج لين، وعلى الرغم من بعض الشكوك حول إذا ما كان قادرًا على المثول أمام المحكمة، فقد تم إثبات التهمة على روبرت، وأُعدم شنقًا فى بلدة تاى برن يوم الثامن والعشرين من سبتمبر 1666، وظهر بعد إعدامه أنه لم يصل إلى لندن من الأساس، إلا بعد أن انقضى يومان من بداية الحريق.

وتجدر الإشارة إلى أن السبب وراء هذه الادعاءات التى تلقى بتهمة الحريق الكبير على الكاثوليك هى البروباجاندا السياسية التى عمل عليها معارضو حكم الملك تشارلز الثانى الموالى للكاثوليك، التى قامت غالبًا إبان فترة المؤامرة البابوية وأزمة الاستبعاد، فى أواخر حكم تشارلز الثانى، بينما رأى الهولنديون الحريق الكبير كنوع من القصاص الإلهى لحريق هولمز، وهو حادثة إحراق الإنجليز لبلدة هولندية أثناء الحرب الإنجليزية - الهولندية الثانية.

رثاء اللندنيين لضحايا الحريق
رثاء اللندنيين لضحايا الحريق

 

السير كريستوفر رن
السير كريستوفر رن

 

تصميم جون إفلين لإعادة بناء مدينة لندن
تصميم جون إفلين لإعادة بناء مدينة لندن

 

تصميم كريستوفر رن لإعادة بناء المدينة
تصميم كريستوفر رن لإعادة بناء المدينة

 

نصب حريق لندن الكبير من تصميم كريستوفر رن وروبرت هوك
نصب حريق لندن الكبير من تصميم كريستوفر رن وروبرت هوك

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

استاذ محمد رضا احييك على هذا الموضوع الهادف

وياريت اليوم السابع تكتر من المواضيع التاريخية بالرسوم التوضيحية زي موضوع الاستاذ محمد الرائع بجد استفدت جدا وشكرا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة