نهاية زمن الشيوخ.. "الحلقة الثالثة".. محمد حسين يعقوب.. نهاية صاحب أول «استاند أب كوميدى» سلفى.. قصة يعقوب للحصول على لقب «عدوية الخطاب السلفى» بالأداء الشعبى.. و«الأفورة» جعلته شيخا «مكيروباصيا» بامتياز

الخميس، 20 سبتمبر 2018 10:00 ص
نهاية زمن الشيوخ.. "الحلقة الثالثة".. محمد حسين يعقوب.. نهاية صاحب أول «استاند أب كوميدى» سلفى.. قصة يعقوب للحصول على لقب «عدوية الخطاب السلفى»  بالأداء الشعبى.. و«الأفورة» جعلته شيخا «مكيروباصيا» بامتياز نهاية زمن الشيوخ
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
 
0000
 

- «يعقوب شو».. فشل فى أن ينافس حسان والحوينى على الصف الأول وسقط فى المواجهة مع شيوخ الدعوة السلفية وتحول إلى فقرة كوميدية فى دول الخليج

 
- تعرية يعقوب بدأت بيد شباب التيار السلفى والإخوان الذين فضحوا تناقضاته وتلاعبه بالفتوى وتهربه من اتخاذ مواقف حاسمة فى الأوقات الصعبة
 

- غزوة الصناديق كانت رصاصة فى منتصف جبهة الشيخ الكوميدى كشفت عنصرية السلفيين تجاه المصريين وأحرجت تيارات الإسلام السياسى أمام الشعب وحولته من شيخ إلى «إفيه»

- عناوين خطبه تفضحه وهى «الإسعاف الاعتكاف عقد احتراف العناية المركزة ساعة لقلبك وساعة لربك أهوال يوم القيامة وحكم الاستمناء»

- يعقوب خطب فى السلفيين قبل 25 يناير يحذرهم من السياسة وأفتى بحرمانية المظاهرات ثم هاجم مبارك بعد التنحى ثم تحول إلى سياسى يدعم حازم صلاح أبو إسماعيل ويؤيد مرسى ويحشد الناس فى طوابير الانتخابات

وإن بحثوا له عن توصيف لن يجدوا، لا يجوز وضعه فى قائمة الأجلاء، ولا يصح تصنيفه فى قائمة أصحاب العلم، هو فقط مؤدى «شو» جيد، جعل من المنبر مسرح وكان أشهر «ستاند أب» كوميدى بنكهة دينية.
 
حتى فى تلك اللقطة خاب سعى محمد حسين يعقوب، لم تكن نكته حاضرة ولاذعة يجوز أن يتفاخر بها شباب التيار الإسلامى كما كان الحال من قبل مع عبدالحميد كشك، هو مجرد مؤدٍ صوتى يملأ فراغا فى أرواح السلفيين وشباب الإسلاميين ويوهمهم بأنهم قادرون على الإبداع ولا يعانون فقرا فيه كما يصفهم أبناء التيارات الأخرى، لذا كان من الطبيعى أن يغزو محمد حسين يعقوب أسواق شرائط الكاسيت لا بعلمه ولا بخطبه المداعبة للمشاعر الدينية، بل عبر مؤثرات صوتية ترافق قصصه وحكاياته وطريقته التى تشبه إلى حد كبير أداء كوميدينات أفلام المقاولات فى السبعينيات والثمانينيات.. «صلى إنت مبتصليش ليييييييييه»؟!
 
على عكس ما تتوقع كان الطلب على محمد حسين يعقوب فى تلك الفترة الزمنية كبيرا، الرجل مضحك، لا يتكلم فى السياسة، لا يشتبك دينيا فى قضايا ذات علم وفقه، هو فقط مسلٍ، وهذا الأداء كان مرحبا به فى زمن تخيلت الأنظمة العربية أن صفقتهم بإطلاق يد الوعظ السلفى رابحة بسبب البعد عن السياسة.
 
كان شرائط حسين يعقوب فى قائمة الأكثر مبيعا ولكنها دوما خلف محمد حسان بخطوات، كانت دعواته لإلقاء الخطب والدروس فى دول الخليج العربى كثيرة، ولكنه لم يكن مثل القرضاوى وعبد المقصود والحوينى مرحبا به فى الأوساط العليا، حيث مجالس الحكام والرؤساء وكبار الشيوخ، لأنه لا أحد حتى السلفيين أنفسهم كانوا يرون فى الرجل عالما أو فقيها دينيا، هو فقط بالنسبة لهم صاحب فقرة تجذب حولهم الجماهير، فلما لا، دعموه وعاش فى ظل محمد حسان والحوينى ولكنه لم يرضَ، وحينما زاحمهم فى زمن الثورتين احترق أسرع مما احترقوا، لأن نكاته التى تضحك أبناء عشيرته من المريدين أغضبت منه كبائر العشائر الإسلامية بعد أن وضعتهم فى مواجهة مع باقى التيارات السياسية الأخرى التى تعاملت مع نكتة حسين يعقوب الخاصة بغزوة الصناديق بأنها جرس أنذار ينبه الجميع لعنصرية التيار الإسلامى وشيوخ السلف، ويؤسس لمنهج عنصريتهم ضد المجتمع والرغبة فى إزاحة الجميع، أرادها حسين يعقوب نكتة تمنحه شهرة فى عصر الثورة بين السلفيين والإخوان، فارتدت إلى صدره وصدرهم. 
 
أزمة محمد حسين يعقوب أنه لم يكن محنكا ولا ذكيا، مهاراته كلها محصورة فى الأداء الذى يعتبره أبناء التيارات الإسلامية كوميديا ودما خفيفا وما هو بذلك، لذا سقط سريعا لأن تناقضاته مفضوحة، لم يدخل معركة إلا وخسرها، ولم يقرر تحييد نفسه والصمت هربا من اتخاذ موقف مثلما حدث وقت الثورة ثم فض اعتصام رابعة إلا ونسوه كأنه لم يكن، بل وفضحوه بأفلام صنعها السلفيون والإخوان بأنفسهم ليصفوه بالشيخ الجبان والمنافق، أحرق نفسه بالتلون والتناقض والهرب من اتخاذ مواقف واضحة، ثم أحرقه أهله بفضحه، ثم جعله أبناء التيارات الأخرى رمادا بكشف تناقضاته وفضائحه.
 
محمد-حسين-يعقوب1
 
كان محمد حسين يعقوب أسرع الشيوخ سقوطا مثلما كان أسرعهم صعودا إلى الأضواء، كان مبالغا بالفطرة، «أوفر» بلغة هذا العصر، شديد ادعاء الزهد، بينما كل تفاصيل حياته وتصرفاته تكشف تمسكه بالدنيا وهرولته خلف زينتها، يحدث الناس عن الزهد الحياة وشهواتها ورغباتها وتكشف الصدف والتحقيقات أنه عبد شهواته يتزوج كما لو كان طفلا يبدل لعبه، يطالب الفقراء بالصبر ويعدهم بالجنة بينما كانت شهرته بين أقرانه أنه صاحب الفيلات والولائم، يخطب فى الناس واعظا عن الحنان والمودة، بينما تفضحه واقعة شهيرة اعتدى فيها على أطفال صغار داخل المسجد أحدثوا بعضا من الضجة لم يستصيغها الرجل الذى يريد من مريدوه الخضوع أسفل قدمه، وهو يتلو عليهم قصصه.
 
صديق لنا كان حديث العهد بدروس الشيوخ، يحضر هنا وهناك، ويأتى إلينا حاملا حكايات يقصها بدهشة وتعجب وانبهار، فى بداية الألفينات مدينة 6 أكتوبر تمثل لمن لا يملكون سيارات خاصة سفرا ومشقة، ومع ذلك كان حريصا على حضور دروس الشيخ يعقوب فى المسجد، يحدثنا عن النور الساطع من وجهه، وعن قدرته على جذب انتباه جميع الحضور بأدائه الساخر، حتى ذات مرة عاد صديقنا تائها صامتا لا يحكى ولا يتكلم، نسأله عما حدث فى درس اليوم وهل قال شيخك يعقوب نكتة جديدة، يرد بكلمات غير مفهومة، حتى عاد بعض دقائق غاضبا وهو يقول: «إزاى أصدق راجل بقاله شهرين بيخطب فينا عن الزهد وضرورة الإنفاق بسخاء عن الفقراء وأنا أراه يدخل إلى منزله قبل الدرس فى موكب من السيارات الفارهة، حظى كان وحش إن روحت المرة دى بدرى قلت أصلى العصر، وأنتظر فى المسجد للمغرب حتى موعد حضور الدرس وشوفت بعينى الموكب، وشوفته وهو بينهر البواب وبيعامله وحش، الأبشع إنهم أجلوا إقامة الصلاة حتى نزول الشيخ ووصوله، وبدل ما يتعجل علشان إقامة الصلاة مد إيده للناس تبوسها، وبدل ما يخطف إيده ويقول أستغفر الله كان بيمد إيده للناس تبوسها»، ثم صمت صديقى تماما وكانت تلك شرارة حرق محمد حسين يعقوب بين مريديه، يقول ما لا يفعل، ويطلب من الناس الإيمان بما لا يؤمن به هو.
 
حالة حسين يعقوب تختلف عن كثير من شيوخ التيار السلفى، هو شيخ بالوراثة، لذا كان الناس يضحكون حينما تجرأ محمد حسين يعقوب وبدأ يخطب ويتكلم فى السياسة، ويعدد مساوئ الحكم فى عهد مبارك بالكلام عن توريث المناصب، «وابن الفنان يصبح فنانا وابن القاضى قاضيا، وكانوا عاوزين ابن الرئيس يبقى الرئيس»، كان الناس يضحكون لأن القائل هنا تطبيق حى لتلك الفكرة، فكرة التوريث.
 
ابو-اسحاق-الحويني
 محمد حسين يعقوب الذى ولد فى ضواحى إمبابة، كان والده من المؤسسين للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية فى المعتمدية، لم يدخل الأزهر، لم يدرس العلم الشرعى، حصل على دبلومة المعلمين، ولأنه ابن الشيخ فلان سافر إلى السعودية، وحضر مجالس بعض شيوخ المملكة، ثم عاد إلينا من هناك شيخا سلفيا، يخطب فى المساجد، ويشارك فى سباق تعبئة شرائط الكاسبت التى تمتلأ بالمؤثرات الصوتية الخاصة بالجنة والنار، وأصوات السيوف وتملأ الأرصفة بأغلفة يطل منها الثعبان الأقرع والدود ونار جهنم.
 
سلك يعقوب طريقه وأصبح هو النسخة الشعبية للخطاب الدينى السلفى، وكان طبيعى أن تسمع أن الخطبة الفلانية هى لؤلؤة الشيخ يعقوب وأسماء خطبه وشرائطه على النحو التالى «الإسعاف، الاعتكاف عقد احتراف، العناية المركزة، ساعة لقلبك وساعة لربك، أهوال يوم القيامة، وحكم الاستمناء وأسبابه وعلاجه»، وأن تأتى تعبيراته فى الخطب على نفس الوتيرة بشكل جعله نجما شعبيا تسبب فى ظهور جيل جديد من السائقين الملتحين، طمع يعقوب فى الشهرة أكثر فقرر دخول معارك مع الفنانين والمشاهير والسخرية منهم.
 
التناقض وتلوين الفتاوى وتزويرها حسب المصلحة كان سقطة يعقوب الكبرى، لم يكن يلعبها بحرفنة مثل باقى شيوخ التيار السلفى، هو مثلا كان يهاجم التليفزيون بضراوة ويحرمه حرمانية مطلقة، ثم فجأة وجده الناس يملأ شاشات الفضائيات الدينية، يخطب فى الناس قائلا بأن الدعوة إلى الله جهاد وواجب شرعى، ثم فجأة تخرج أنباء عن أموال بمئات الآلاف يتلقاها الشيخ نظير ظهوره الدعوى فى الفضائيات الدينية التى كان يدعو الناس للتبرع من أجل استمرارها.
 
احترق يعقوب بنار الثورتين وسقط من فوق منبره مثل باقى الشيوخ، كان صامتا فى زمن مبارك يحرم التظاهر والخروج على الحاكم، صامتا مع بداية الثورة لا ينصفها ولا حتى ينصح أهلها، حتى ضج منه شباب التيار السلفى، وطالبوه بالإعلان عن موقفه ولكنه لم يفعل، وحينما استقر الأمر وبات واضحا عن 25 يناير أسقطت نظام مبارك خرج محمد حسين يعقوب مهللا مهاجما مبارك ووصفه بالظالم والطاغية الذى عطل تنفيذ الشريعة الإسلامية، وحارب أبناء التيار الإسلامى لخدمة أعداء الدين، ولأن الله يمهل ولا يهمل، ظهرت على الساحة كل أحاديث وفيديوهات محمد حسين يعقوب التى مدح فيها مبارك ووصفه بالحكيم، بل وهاجم المقاومة الفلسطينية حينما هاجمت حماس مبارك، ليظهر حسين يعقوب متناقضا، وتاجر دين يمنح فتواه لصاحب المصلحة إن كان على وفاق مع السلطة أفتى بعدم جواز الخروج على الحاكم، وإن كان أحدهم يملأ جيبه من الخارج أفتى بأن الجهاد ضد الحاكم الظالم واجب شرعى.
 
محمد-مرسي-طولى
 
ثم كانت السقطة الكبرى التى حرقت ورقة محمد حسين يعقوب تماما، أثناء استفتاء مارس للتعديلات الدستورية، كانت مصر فى تلك الفترة تلملم شتات نفسها، ويسعى كل عاقل فيها لنبذ ورفض فكرة الاستقطاب السياسى والدينى، وكان كل أهلها يتضرعون لله حتى تخرس الأصوات التى تحول المعارك السياسية إلى معارك دينية، وكان على رأسهم محمد حسين يعقوب الذى خطب فى الناس قائلا وبسخرية وشماتة ومحرضا وداعما للعنف وتقسيم المجتمع المصرى قائلا: «هذا ليس استفتاء هذه غزوة صناديق مبارك لنصرة دين الإسلام، والتصويت بنعم هو انتصار، و«كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم يقولون لنا بيننا وبينكم الصناديق، وقالت الصناديق للدين «نعم»، الدين هيدخل فى كل حاجة، مش دى الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللى مش عاجبه، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا»، ثم أمعن حسين يعقوب فى حرق نفسه حينما دعم العنف والتطرف وتقسيم المجتمع قائلا: «القضية ليست قضية دستور، انقسم الناس إلى فسطاطين، فسطاط دين فيه كل أهل الدين والمشايخ، كل أهل الدين بلا استثناء كانوا بيقولوا نعم، وقصادهم من الناحية التانية «ناس تانية»، وقال: «شكلك وحش لو ما كنتش فى الناحية اللى فيها المشايخ».
 
أكاذيب حسين يعقوب لا تتوقف، واحتراق الرجل داخل أروقة التيار السلفى كان أسرع من احتراقه فى الخارج، لأن مريديه الذين سمعوه وهو يخطب فيهم قائلا: «إحنا مش سياسيين ولا عايزين منها حاجة، ووعد أقطعه أمام الله لن أنضم ولا أدعم، هم أنفسهم الذين سمعوه يتدخل فى السياسة بالتحريض على التصويت فى الاستفتاء ثم بالدعاية للمرشح حازم صلاح أبوإسماعيل، ثم بتأييده للرئيس الإخوانى محمد مرسى».
 
نفس الكذب والتلون أعاده محمد حسين يعقوب حينما سعى لمساندة الإخوان واعتصامهم الإرهابى فى النهضة ورابعة، وأجرى مداخلات لدعم الإخوان وإرهابهم فى قناة الجزيرة قائلا: إن ما يحدث فى مصر معركة ضد الإسلام والمسلمين، ولابد أن يكون للإسلام جنود تدافع عنه، ثم اختفى وتوارى الرجل بعد هزيمة الإخوان تماما، وعاد ليطل من جديد، متلاعبا بورقة التسامح ورفض العنف والتطرف، ولكن لعبته لم تفلح، كانت ورقته قد احترقت تماما، وأصبح عاريا أمام الناس وعاريا تماما أمام جموع أبناء التيار السلفى والإخوان الذين سخروا منه بفيلم تم إعداده خصيصا، وأذاعته على فضائية مكملين ليصفوه فيه بالشيخ المتلون والأراجوز، ثم سرعانا ما اكتملت فضيحته حينما هاجمه شيوخ الدعوة السلفية، واصفين إياه أنه غرر بالشباب وله العديد من المواقف الكارثية، وقال فى بيان صدر عنهم إن حسين يعقوب مواقفه عجيبة ومريبة ومتلونة، فلا هو مع الدعوة السلفية، ولا هو مع الإخوان، ولا وقف فى رابعة، ولا وقف ضدها، ولا دعم مؤسسات الدولة، ولا خرج ليثور ضد ما يظنه باطلًا، ولكنهم غفلوا فى بيانهم عن إخبار الناس بأن حسين يعقوب لم يكن سوى فقرة كوميدية يتراقص صاحبها مثل أراجوز، هدفه تحقيق أكبر قدرة من المصالح والشهرة لنفسه بدعم من ظنوا أنه شيخا سلفيا سيجذب حول دائرتهم العديد من الشباب وجمهور المناطق الشعبية.
 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة