استطاع الدكتور جلال أمين، المولود فى عام 1935 أن يجعل من سيرته الذاتية "ماذا علمتنى الحياة" والتى صدرت طبعتها الأولى عن دار الشروق عام 2007، أداة لكشف المجتمع الذى نشأ فيه.
وفى الكتاب قارن بين ظروف نشأته وظروف نشأة والده ومن ثم أولاده وأحفاده، ويرجع الملاحظات الخاصة إلى ظواهرها وأصولها العامة فيربط الخاص بالعام ويتحول الفرد إلى مرآة عاكسة لمجتمعه، ويتحول كتاب السيرة الذاتية الى كتاب يتناول حياة أجيال بكاملها.
يتناول الكتاب بعض التفاصيل الشخصية ولكن بهذا الربط الحيوى والذكى مع الأسباب العامة، فعندما يتحدث عن أخوته الثمانية والاختلاف فى شخصية كل منهم رغم نشوئهم فى بيئة واحدة يكاد يرسم "بورتريه" لكل منهم بطريقة شديدة الذكاء والصراحة أيضا، ويتناول طبعا تحوله الفكرى العميق والهادئ من القومية فى بواكير شبابه إلى الاشتراكية إلى المادية الوضعية إلى أن وصل إلى مرحلته الأخيرة فى نظرته الإيجابية والمتعاطفة مع الدين عموما.
فى الكتاب مواقف كثيرة يقدمها الكاتب تجعل القارئ يستعيد حياته الخاصة ويحاول ربطها بالإطار العام الذى يعيش فيه.
والكتاب من أجمل ما كتب جلال أمين، وفيه يحكى عن الجيل الرابع من أسرته "أولاد الأحفال" فيقول "أتساءل ماذا كان سيكون شعور أبى لو علم أن واحدا من أحفاده سيكسب رزقه من الغناء بالإنجليزية، أغانى تروج لصابون أمريكى مشهور فى واحدة من القنوات العربية؟"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة