على حزين يكتب: الأرملة والقطط

الجمعة، 11 يناير 2019 12:00 م
على حزين يكتب: الأرملة والقطط قطط – صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لما رأيتُ الأرملة الشابة تنظر للقطط ويدها قد يبست على شىء ما تمسكه وكأن فى الأمر ما يروقها ويشدّ انتباهها أيقنتُ أنى بصدد أمرٍ ما سيحدث بلعت ريقى بصعوبة كتمت أنفاسى حتى لا ترانى انزويت متخفياً أتابع المشهد عن قرب القطة تهز ذيلها تموء تثنى رأسها القط يقترب منها ببطء تنفر فى وجهه تضربه بقبضتها الواهنة الضعيفة يتلاشها يبتعد عنها قليلاً تموء تهمُّ بالانصراف يعترض طريقها تموء بصوتٍ هزيل متموج متقطع والأرملة تضع ما فى يدها للفِراخ.

تجلس فى زاوية ما تنظر باهتمام تباعد ما بين رجليها يتمطى القطة النفور تتثاءب تمد قدميها حتى يلتصق بطنها بالأرض القط يفعل مثلها تماماً تتلوى تحك ظهرها تتثاءب تلعق بلسانها الخشن ذيلها وشيئاً ما أخر فى جسدها تزغر للقط الأسود المتكور بعيداً بازدراء والأرملة قد أغمضت عينيها وطأطأت رأسها، ابتسمت تأَوَّهَت وكأن المشهد قد أعجبها وراق لها تقعى فى صمت مطبق تترقب عن كثب القطة تمد قدميها والقط فى الهدوء الذى يسبق العاصفة كتمثالين من الحجر فى أحد المعابد الفرعونية القديمة هكذا هُيَّئ لى، تتنهد الأرملة فى حرقة يدها على خدها والأخرى تمسك بعود من الحطب اليابس القط يصدر صوت عشوائياً ممطوطاً كانسان بدائى فتحاكيه القطة البيضاء تُعدل الأرملة فى جلستها وهى تحدق فى صمت وحيطة، وحذر.

القطة تقترب من القط، المتكور مكانه بجوار كومة الخص تقف أمام فى صمت تستدير حوله والأرملة تخط خطوطاً مستقيمة، وأخرى مستديرة، متداخلة ثم تغيب فى زفرة حامية طويلة ويدها على صدغا الذى وردته الشمس.

"قبل أن يتوفى زوجها مذ ثلاثة أعوام تقريباً كنت أراها بالفساتين الملونة، القصيرة، اللاصقة، كعارضة ازياء كــ"مليكان" بجسدها الممشوق، الطويل، عود فارع فرنساوى بشرتها البيضاء وشعرها الكثيف المتموج.. منهدل على كتفيها، يزين قورتها، الامعة وكانت لا تكف عن المعاكسات، والضحكات المثيرة،والنظرات المشعة كالليزر أما اليوم فقد تغير كل شيء البريق المشع من العينين، الواسعتين انطفأ والوجه الجميل الساحر فقد جاذبيته والعطر النافذ، اختفى والضحك توقف والفساتين، صارت سوداء حتى أصبحت كالغراب الناعق بائسة يائسة تعيسة مكتئبةحزينة ومنطوية على نفسها ونادراً ما تسمعها وهى تضحك أو تتحدث مع أحد".

 

القطان يعتركان القطة تقفز تجرى، تصعد جدارا، الخص والقط النفور خلفها تلف تدور يتبعها يلحق بها يعتركا من جديد نظرت لساعة معصمى .. كانت تشير إلى الواحدة ظهراً أغلقت الكتاب الذى كنت اتصفحه وضعته على الارض وتركت الأرملة والقطط نزلت صنعت كوباً من الشاى كشرى ثم عدت إلى مكانى جلست حيث كنت دون أن تشعر الأرملة أشعلت سيجارة وظلت أتابع المشهد الأرملة، والقطط وأشعة الشمس الدافئة أشحط نفسا عميقاً من سيجارتى المشتعلة أعقبها برشفة شاى فجأة يثب القط على القطة برهة يطبق فيها على عنقها بأنيابه القطة ترمى رأسها تتلوى تحته وهى مستسلمة له تماماً تذكرت الارملة كانت جالسة بلا حركة وكأن حواسها قد تعطلت فجأة فأصبحت كحجر البهت ساهمة متسعة الحدقتين تنظر للقطة التى تحك رجليها الخلفية افتعلتُ السعال انتبهت تلفتت نحوى بسرعة، مدهشة وعيناها ملئت علامات تعجب، واستفسار طوحت برأسى بعيداً صفرت ابتسمت فأطرقت فى خجل.

 

"أراها من زمنٍ ليس بالقريب تنزوى تجلس، القرفصاء فى زاويتها المعروفة تحدث نفسها وقتاً ثم تنضى عنها ثيابها قطعة قطعة ثم تصنع مع نفسها ما تريد بعيداً عن عيون الصغار وهى تعلم جيداً اننى أراها ولكنها تتجاهلنى، وحين شعرت بوجودى أنفلت هاربة تنزل على مهلٍ وهى تنظر وأنا أتبعها ببصرى تغيب الشمس الدافئة والقطط ولكن الأفكار من رأسى لم تغيب فأمسكت الكتاب من جديد قرأت وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله "قل أعوذ برب الناس".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة