بأسلوب اللصوص وقطاع الطرق، قام نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بسرقة ونهب قوت غالبية سكان مدينة "عفرين" السورية، بالسطو على حوالى 18 مليون شجرة زيتوت، والتى تشكل مصدر رزقهم الأساسي بل يكاد الوحيد.
فيوما تلو الأخر، تتزايد انتهاكات القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بحق أهالى المدينة التى احتلها الديكتاتور العثماني، فمع مرور عام على بدء الهجوم العسكرى عليها واحتلالها لاحقا فى مارس 2018 الماضي، ترتفع حالات السرقة والنهب.
يأتى ذلك فى ظلّ عدم اهتمام إعلامى وحقوقى دولي، رغم تهجير أكثر من 300 ألف من سكان "عفرين" الأصليين وتوطين عشرات الآلاف فيها مكانهم، إضافة لأكثر من 2500 مُعتقل، والاستيلاء على المُمتلكات عبر عمليات النهب والأتاوات والاتجار بالمُعتقلين وفرض فدىً مالية مُقابل الإفراج عنهم.
سهول عفرين الخصبة تنتج أحد أفضل أنواع زيت الزيتون فى سوريا، وقد تعرضت تلك السهول للسرقة والنهب من الحكومة التركية والجماعات المسلحة التابعة لها.
حدائق الزيتون فى عفرين
وكانت أشجار الزيتون التى يتجاوز عددها فى عفرين 18 مليون شجرة، تمثل 70% من دخل أبناء المنطقة ذات الغالبية الكردية.
وأوضح الاقتصادى جلانك عمر، أحد أبناء عفرين، لموقع "أحوال" التركى المناهض للنظام الحاكم فى أنقرة، أن المنطقة أنتجت هذا العام 270 ألف طن من الزيتون وهو ما يمثل 30 % من إنتاج سوريا.
وبلغت القيمة السوقية لهذا الإنتاج حوالى 150 مليون دولار حسب تقديره، ولم يحصل المزارعون سوى على ثلث هذا المبلغ.
يذكر أن عدد المهجرين من أبناء المنطقة بسبب العملية العسكرية التركية لا يقل عن نصف سكان المنطقة، وكل الممتلكات التى تركها هؤلاء وعلى رأسها حقول الزيتون باتت ملكاً للجماعات المسلحة.
ووفقا لتقرير سابق نشرته هيئة "بى بى سي"، فقد استولت الفصائل المسلحة على جزء كبير من محصول الزيتون بقوة السلاح وقامت ببيعه إلى التجار الأتراك، بينما منعت القوات التركية والجماعات المسحلة إخراج الزيت من المنطقة، مما أدى إلى تدهور الأسعار لدرجة أن سعر صفيحة الزيت (16 لترا) فى عفرين تبلغ 14 ألف ليرة سورية (حوالى 30 دولار) بينما فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة السورية تتجاوز الضعف.
وكانت صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية، قد نقلت عن نائب فى البرلمان السويسرى قوله إن تركيا قامت بسرقة زيت الزيتون من سوريا وبيعه فى الأسواق الأوروبية على أنه من إنتاج تركيا.
وقال النائب برنارد جوهل "فى عفرين الواقعة تحت الاحتلال التركى تتعرض كروم الزيتون للتدمير من قبل الجيش التركى والمليشيا الموالية له. والزيت الذى سرقوه يتم بيعه إلى إسبانيا وعملية البيع مستمرة".
وحسب موقع صحيفة "بابليكو" الإسبانية على الإنترنت، فإن الحكومة التركية تستخدم عدداً من الشركات الوسيطة لتصدير الزيت الذى يتم الاستيلاء عليه من الفلاحين الأكراد فى عفرين إلى إسبانيا.
ونقل الموقع عن مصادر محلية قولها إن الزيت المنهوب يتم خلطه بالزيت التركى قبل أن يصدر بأسماء وهمية، وقدّر الموقع قيمة الزيت المنهوب من قبل تركيا من عفرين بنحو 70 مليون يورو، وربع ذلك المبلغ حصة الجماعات المسلحة المتمركزة فى عفرين.
وقد اعترف وزير الزراعة التركى فى شهر نوفمبر 2018 باستيلاء تركيا على محصول الزيتون فى عفرين وبيعه، وجاء اعتراف الوزير ردّاً على اتهام رئيس حزب الشعوب الديمقراطى لتركيا بنهب محصول زيت الزيتون فى عفرين.
وقال الوزير التركى خلال جلسات للبرلمان التركى حول موازنة عام 2019 "إننا فى الحكومة نريد أن نضع أيدينا على موارد عفرين بطريقة أو أخرى، كى لا تقع هذه الموارد فى يد حزب العمال الكردستاني".
ونقل الصحفى التركى فهيم تاشتكين عن نائب لحزب الشعب الجمهورى التركى المعارض فى البرلمان قوله إن 50 ألف طن من زيت الزيتون تم تهريبه من عفرين إلى تركيا.
وأكد ذلك النائب عن حزب الشعوب الديمقراطى نور الدين ماجين بقوله "إن المسحلين لم يكتفوا بتهريب 50 ألف طن من زيت الزيتون من عفرين بل قاموا بتدمير حقول الزيتون أيضا".
ويعمل التجار الذين يشترون إنتاج الزيت من الفلاحين الأكراد تحت إشراف الجماعات المسلحة المنتشرة فى عفرين والشراء يتم بنصف السعر السائد خارج عفرين، ويقومون بنقل الزيت إلى تركيا مباشرة، ويتم إدخال قسم من هذا الزيت إلى المناطق الأخرى فى سوريا عبر معابر حدودية مع تركيا تسطير عليها المعارضة.
وجاء فى تقرير كتبه مصطفى أبوشمس فى موقع الجمهورية التركي المعارض أواخر العام الماضى حول موسم الزيتون فى عفرين "قام كل فصيل بوضع يده على المنطقة التى سيطر عليها، ثم إحصاء الممتلكات والأشجار التى تعود ملكيتها للمنتمين إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، عن طريق المكاتب الاقتصادية للفصائل وعن طريق مخاتير القرى الذين حددوا الملكيات.
ومع حلول موسم الزيتون قامت الفصائل باستئجار عمال لقطاف محصول هذه الأراضي، وعصره أيضاً فى المعاصر التى باتت تابعة لها بدورها بوضع اليد، ثم بيعها فى السوق لصالح الفصيل".
ولم يتوقف الأمر على مقاسمة أبناء المنطقة مصدر رزقهم بل وصل الأمر إلى إجبار الفلاحين على بيع ما تبقى لهم من محصولهم من الزيت الى الجماعات وبالأسعار التى يفرضها المسلحون.
فعلى سبيل المثال قام فصيل "جيش الإسلام" الذى جاء من الغوطة الشرقية بشراء 100 ألف عبوة من زيت زيتون سعة 16 لترا ( 1600 طن تقريبا) فى بلدة المعبطلى فى عفرين لوحدها وبنصف سعر السوق المحلى تقريبا حسب المرصد السوى لحقوق الإنسان.
ولم يقتصر الأمر على الاستيلاء على قسم كبير من موسم الزيتون، بل أفادت تقارير عديدة، بعضها من مصادر مقربة من أوساط المعارضة، بقيام المسلحين بقطع آلاف أشجار الزيتون وبيعها حطباً فى تركيا بهدف الكسب المادي.
المرصد السورى لحقوق الإنسان (ومقرّه لندن)، أصدر بدوره تقريرا شاملا حول الانتهاكات التركية وفصائل المُعارضة السورية التابعة لها بحق أهالى عفرين. وطالب المرصد المجتمع الدولى العمل الحثيث والجاد من أجل إعادة سكان منطقة عفرين إلى موطنهم وتأمين الضمانة لحياتهم وعدم المساس بهم.
ودعا الجهات الفاعلة فى المجتمع الدولى للضغط على تركيا لفتح الحواجز أمام الراغبين بالعودة إلى عفرين، وضبط فصائلها التى لم تترك ممتلكات صغيرة أو كبيرة إلا ونهبتها، وتمارس يومياً الانتهاكات بحق سكانها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة