"كتب التراث" ونقاشيات الحديث الممتد عن ما بداخل هذه الكتب وكيف يدرس الأزهر علوم التراث والثوابت لطلابه، ويعلمهم أصول الدين وعلوم الشريعة الإسلامية، ومسائل الحوار مع الأخر، كانت ولا زالت محور اهتمام نخبوى وشعبى وسجال الكتاب ما بين افتخار الأزهر بها، واتهام كتاب لها باحتوائها على ما سمى بألغام ونصوص مرفوضة دعت "اليوم السابع" إلى تقصى طريقة تدريس الأزهر لكتب التراث والفكر.
وتختلف كلية العلوم الإسلامية النظام الموحد للجامعة بتدريس الكتاب الموحد حيث تدرس دون كتب بل بنظام الشرح حسب المنهجية والبحث الحر من الكتب، والمناقشات الحرة.
الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بالأزهر، وأستاذ العقيدة الإسلامية، وطلابه الوافدين من دول العالم، كان محور ارتكاز معايشة "اليوم السابع" بقاعات الدراسة، و ورش عمل حول الفكر الإسلامى وشبهات المستشرقين فى كتب التراث، وذلك لتخصيص الكلية وقت للنقاش بمكتبة الكلية وتحليل النص الدينى فى مواجهة انتقادات المستشرقين، والحديث عن الآخر فى الإسلام، وأن يتم فى المكتبة لجلب الكتب المناسبة فى النقاش والمقارنات.
المناقشة شهدت البحث فى نصوص كتبت فى موسوعة "دائرة المعارف الإسلامية"، طالب يقرأ والأستاذ يسأل باقى الطلاب عن قبول الفكرة أو الرد عليها ثم يشرح من أقوال الأئمة، ومن نصوص القرآن والحديث النبوى.
البداية
البداية كانت من مكتبة كلية العلوم الإسلامية للوافدين، "ايقونة السجال الفكرى" التى تحتوى على كتب التراث وكتب أخرى مضادة لها وهى كتب المستشرقين التى تهاجم الشريعة الإسلامية فى مجملها تختلف مع الأكثرية وتؤيد القليل.
وفى مكتبة الكلية دارت حلقة نقاشية بدأت بقراءة نصوص من كتاب والرد عليها، رصدتها "اليوم السابع" بالفيديو والصور والمواد الصوتية، فى سجال ما بين الأستاذ وطلابه.
كلية العلوم الإسلامية تلغى نظام الكتاب الموحد
وفى رحلة "اليوم السابع" لتقصى مراحل الإعداد العلمى والفكرى للطلاب وخاصة الأجانب الموفدين من بلدان العالم للعودة إليها مرة أخرى بعد دراسة مدتها 5 سنوات واحدة تمهيدية لتصحيح اللغة نطقا وكتابة و4 دراسة متخصصة للعمل كدعاة وبعضهم يعمل بالأعمال القنصلية والدبلوماسية والقيادية ببلدانه، كشفت الملابسات والمعايشة عن وقف الكلية لنظام الكتاب الموحد الذى يتم توزيعه على الطلاب وتوقف بيع الكتب بينما تسمح للأساتذة بإهداء الكتب للطلاب إذا أراد الأستاذ، بل يتم نقاش القضايا حسب التسلسل العلمى بالتنقيب فى كتب التراث وما يضاهيها من كتب وأبحاث للمستشرقين وبحث الاختلاف بينهما من ناحية الشرع والعقل.
الأديان فى الهند ركيزة أساسية فى النقاش حول قبول العقل للإسلام ورفضه لنقيضه
اختارت الحلقة النقاشية الحرة فى العقائد والأديان التى شهدتها مكتبة الكلية خلال المعايشة قضية الأديان فى الهند، والتى تشهد أكبر عددا للأديان والمعتقدات السماوية والأرضية، لتأتى النقاشية من باب إثارة العقل وعقد المقارنات بين الأديان وتقديس الأشياء والتبعية لها ما بين عبادة الحيوان أو الجماد كالأصنام والعبادة فى الإسلام.
الدكتور عبدالمنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بالأزهر، أكد أن الأديان فى الهند تتضمن طقوس لأهم دين هناك وهى أن يعبد الإنسان بقرة، متسائلا: هل البقرة قالت لمن يعبدها أقيمو الصلاة؟ هل قالت: حجوا بيت الله؟، هل قالت لهم صوموا رمضان؟، فكيف بإله أعبده وهو ليس له منهج وشريعة؟!، أى إليه هذا؟.. فهذا هو العالم المتحرك فما بالك بعالم الأصنام التى تعبد وهى لا تتحرك أصلا؟ مؤكدا فى رد على ذلك بأن الإسلام جاء ليحرر العقول، ويحرر الإنسان ويعطيه الصفة التى منحها له الله رب العالمين، فى قوله تعالى ولقد كرمنا بنى آدم.
الوطن من الإيمان والمستشرق عدوك الذى يجب أن تحاوره بالعقل واليهود الأكثر عداوة
تناولت المحاضرة، التى أجريت على مائدة مستديرة قضية الوطن، وأنها من الدين حيث كان النبى الكريم يحب الوطن ويقول عن مكة وهى وطنه: "والله إنكى لأحب بلاد الله إلى الله وأحب البلاد إلي ولولا أن أهلك أخرجونى ما خرجت منها أبدا"
منهج المستشرق من دراسة بلاد الشرق هو صد الناس عن الإسلام وتشويهه
وأكدت الحلقة النقاشية أن المستشرق يهتم بدراسة بلاد الشرق لصد الناس عن الإسلام وتشويهه، ثم تشكيك الأمة والمسلمين فى دينهم وجعل القيم الغربية فى المرتبة الأولى وقيم الإسلام فى المرتبة الثانية.
وأكدت ، أن مستشرقى الغرب وضعوا كتاب "دائرة المعارف الإسلامية" وهو كتاب يشرح الإسلام من وجهة نظر المستشرق الذى يلصق بالدين التهم ويدفع إليه الشبهات لتشويهه لصد الناس عنه وإعلاء الحضارة الغربية، وهذه المراجع للأسف هى التى تمثل التكوين الفكرى الغربى تجاه الإسلام والتى يتزود بها الغربييون لمعرفة دين المختلف، من كتب تخطف دور علماء المسلمين وتأويل ديننا بشروحاتهم المكذوبة.
المستشرق يتهم النبى فى دينه بالكذب على الوحى وسرقة الرسالة من أديانهم للصد عن الإسلام
وحسمت الحلقة، موقف المستشرق وهدفه من تأليف الكتب عن الإسلام حيث تقف ركيزة كتب المستشرق على أن النبى محمد لم ينزل عليه وحى وأن يكذب فى هذا الشأن وأنه بنى رسالته على كتب الأنبياء السابقين فكيف نترك أدياننا إليه، وأن القرآن من تأليف النبى محمد، وقد قال بهذا جوزيف شخت الذى أكد أن القرآن ألفه محمد بالاستعانة ببعض الناس.
النبى قد يصيب فى الأمور الدنيوية وقد لا يصيب فى المسائل الدينية وتناول الأحاديث يتأثر بالمتغيرات ولا نقاش فى الثوابت
وأكدت النقاشية أن النبى قد يصيب فى الأمور الدنيوية ولا يصيب فى المسائل الدينية وأن تناول الأحاديث يتأثر بالمتغيرات الزمنية والمكانية ولا نقاش فى الثوابت، حيث هى ثوابت وأصول لا تتغير، فالميراث مثلا قضية محسومة بأنصبة شرعية الله تبارك وتعالى حسمها، وأن دراسات الأزهر تتناول ما يسمى بعلم الفرائض وهى المواريث، ونص عليه القرآن وباتت قطعية الثبوت لا نقاش فيها، حيث لا اجتهاد مع النص.
أشهر تغيير فى تناول حديث الرسول هو منع كتابة الحديث ثم الأمر بكتابته
وتناولت الحلقة النقاشية أشهر تغيير فى تناول حديث الرسول هو منع كتابة الحديث النبوى ثم الأمر بكتابته من قبل الرسول نفسه، والتجديد ثمة الإسلام، مالم يضرب الثوابت، وقد يتناول الثوابت لكن فيمن يتوفر فيهم صفة التجديد وقد يكون المجدد فرد أو مؤسسة، وإذا خالف أستاذ منهج الأزهر ينبه عليه ويحاكم علميا واذا استمر يتم إبعاده عن الطلاب، كما حدث من قبل الدكتور أحمد منصور الأستاذ بكلية اللغة العربية الذى قال بالعمل بالقرآن فقط، حيث إن الأزهر ليس لفتوى "ما يطلبه المستمعون".
مساحة الخلاف مع المختلف والعلاقة بالآخر
وقال "فؤاد" للطلاب: مبدئكم فى الحوار مع الآخر المختلف فى الفكر والدين يكون على المساواة والاحترام القائم على مبدأ " وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"، حتى لا تشعر الآخر بأن خطابك له خطابا فوقيا، وهذا الخطاب أمر الله به نبيه فى مخاطبة من يرفض رسالته، حيث يجب أن تقبل وتحتوى الآخر وأن لا تنفره منك، وقدم له الكلمة الطيبة، ولا تنفره ولا تتجاهله، وعليك أن تقعده بجوارك، حيث إن الحوار المنفر هو حوار المتطرفين والمتشددين ولم يرد عن الرسول أن يرد على أحد باستفزاز أو نكران أو تجهيل أو تقليل ومن يفعل ذلك فهو مخالفة للمنهج الوسطى، الذى يفرض عليك أن تسمتع لمخالفك وأن تناظره بمنهج سمح، وأن لا تهاجمه، وأن لا تحتقره.
وقال فؤاد: هناك فلسفات خاطئة فى تناول كتب التراث، حيث إن هناك علوم الحديث وعلوم التفسير، وخلال تناولنا للأحاديث يجب أن نبحث فى فقه المتغيرات فبعض الأحاديث نزلت لسبب ويتم تناولها فى غير ما يناسبه، فيجب أن نضبط المسألة من أبواب فقه النوازل وفقه المتغيرات، وفقه الافتراضات، وقبل الاجتهاد حتى فى حياته من قبل أهل الرأى.
وشدد "فؤاد" على احترامه لعقول الطلاب مؤكدا أنه يعتز بطلابه ويهتم بهم أكثر من أبنائه، وذلك لأنهم غرباء يحتاجون إلى رعاية ودعم، أما أبنائه فيرونه ليل نهار.
وأضاف فؤاد، أن هؤلاء هم أذرع الأزهر بالخارج وفى بلدانهم الأم، وأئمة ووعاظ يراهن عليهم الأزهر فى نشر الوسطية ودعم التعايش، وقبول الآخر، ومحاربة التطرف.
وقال فؤاد: هؤلاء جاؤوا إلى مصر العظيمة، مصر الأزهر كي يتعلموا فوجب على الجميع مساعدتهم فهم أبناء مصر وأبناء الأزهر قبل أن يكونوا أبناء بلدانهم ولست وحدى من يقوم بدعمهم بل الجميع، فمصر كعبة العلم، وهؤلاء الطلاب هم سفراء العلم وسفراء الأزهر بالعالم.
وأضاف فؤاد، أن قناعته وبحثه كطالب ثم أستاذ وعميد ومحاضر أنه لم يجد فى المذاهب والأديان ما يضاهى الأديان، بل الجميع يحتاج للإسلام