قضية فساد اقتصادية دولية جديدة، تُفتح ملفاتها لتطيح بأحد أقطاب صناعة السيارات فى العالم، هو رجل الأعمال اللبنانى الفرنسى البرازيلى كارلوس غصن، المتهم بارتكاب جريمة التهرب الضريبى، والذى يحاول تبرئة نفسه، بالترويج لفكرة وقوعه ضحية "المؤامرة والخيانة"، من قادة مجموعة "نيسان"، التى ترأس مجلس إدارتها قبل الإيقاع به فى فخ الفساد، وتقديمه للمحاكمة فى اليابان.
كارلوس غصن يخرج عن صمته ويكشف أسرار تورطه فى تهمة التهرب الضريبى
كارلوس غصن، الذى فُتح ملف فساده، فى منتصف شهر نوفمبر 2018، لفت الأنظار إليه بشكل كبير مرة أخرى خلال الساعات الماضية، بعدما خرج عن صمته ليتحدث ويكشف كثير من المعلومات الخاصة بالقضية المتهم فيها بالتهرب الضريبى، وذلك فى أول حوار صحفى له منذ إلقاء القبض عليه، واحتجازه فى سجن باليابان، والذى أجرته معه صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية اليابانية، ووكالة "فرانس برس" للأنباء.
بداية، أكد رجل الأعمال كارلوس غصن - صاحب الجنسيات الثلاث – المحتجز فى اليابان للاشتباه بارتكابه مخالفات مالية، أنه ضحية "مؤامرة وخيانة" من قادة مجموعة "نيسان" المعارضين - على حد قوله - لمشروعه الذى يهدف إلى دمج شركة "رينو" وشريكيها اليابانيين، مضيفًا "أنا أواجه جيش يقف ضدى".
وقال كارلوس غصن - فى المقابلة التى أجريت معه خلال احتجازه فى السجن اليابانى - إنه ليس لديه أى شك بأن الاتهامات الموجهة ضده يقف وراءها مديرو "نيسان" المعارضون لتعزيز اندماجها مع شريكها فى التحالف الفرنسية "رينو"، مشددًا على أن الاتهامات الموجهة له بارتكاب مخالفات مالية جزء من مخطط لتشويه سمعته، مضيفًا أن المحادثات المتعلقة بالاندماج بين شركتى رينو ونيسان لصناعة السيارات، كانت بدأت فى نهاية 2017.
كارلوس غصن: ناقشت اندماج نيسان ورينو مع الرئيس التنفيذى للشركة اليابانية
ولفت رجل الأعمال كارلوس غصن، إلى أنه ناقش مع هيروتو سايكاوا الرئيس التنفيذى لنيسان، فى سبتمبر، خططًا لدمج الشركتين، ولكن مسئولين تنفيذيين فى "نيسان" لجئوا إلى "التآمر والخيانة" لإفشال تلك الخطط، بينما رد ناطق باسم "نيسان"، على الفور، قائلاً إن "الرئيس التنفيذى الحالى هيروتو سايكاوا، سبق أن نفى بشكل قاطع فكرة انقلاب"، وقال "إن السبب الوحيد لتسلسل الأحداث هذا هى مخالفات ارتكبها "غصن" وكبير مساعديه كيلى"، وأضاف أن تحقيقًا أجرته "نيسان"، كشف عن أدلة ملموسة ومقنعة عن مخالفات، وبأن اهتمام الشركة ينصب على التصدى بشكل حازم لأماكن الضعف فى الإدارة التى سمحت بحدوث هذه المخالفات.
واللافت هنا أن كارلوس غصن، الذى مازال رهن الاحتجاز بعد إلقاء القبض عليه وتوجيه اتهامات له تتعلق بخيانة الثقة وعدم الإفصاح عن راتبه الكامل، قاد "نيسان" لتجاوز أزمتها قبل 20 عامًا، وكان الدفع نحو وجود ارتباط أكبر بين "نيسان" و"رينو"، بما فى ذلك الاندماج الكامل - على الرغم من التحفظات القوية فى الشركة اليابانية - جزءًا من رؤيته للنهوض بالمجموعة.
كارلوس غصن
القضاء اليابانى يرفض الإفراج عن كارلوس غصن بكفالة مالية
وفى إطار أزمته أمام المحاكم اليابانية، فإن القضاء رفض مرات عدة، طلبات قدّمها محاموه لإطلاق سراحه بكفالة مالية، وأشار القضاء إلى خطر فراره أو إخفاء أدلة أو العبث بها، ولكن كارلوس غصن، قال مرارًا عديدة، "لن أهرب، وسأدافع عن نفسى، وجميع الأدلة لدى "نيسان"، و"نيسان" تمنع جميع الموظفين من التحدث إلىّ"، لذلك أعرب محامى "غصن"، أن من غير المرجح الإفراج عن موكله قبل إجراء محاكمة، وهو ما قد لا يحدث قبل 6 أشهر نظراً إلى تعقيدات القضية.
فيما قال غصن، فى حواره، "كان هناك مشروع لدمج الشركات الثلاث"، مؤكدًا فى الوقت ذاته، أن المشروع كان يهدف إلى ضمان الاستقلالية تحت شركة قابضة واحدة، وأضاف "وصف الناس القيادة القوية بالدكتاتورية مشوّهين الحقيقة للتخلّص منى"، وردًا على سؤال بشأن ظروف توقيفه، قال غصن، إن "الوضع يختلف من يوم لآخر"، لكنه أضاف أن صحته بخير، بينما قال أفراد من أسرته، إن ظروف احتجازه فى غاية الصعوبة، بل حتى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، انتقدها ووصفها بـ"القاسية".
رجل الأعمال الفرنسى كارلوس غصن
فرنسا تنفى تقديم طلب دمج شركتى رينو ونيسان
وعلى الجانب الفرنسى، خرج وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى برونو لى ماير، فى تصريحات، يوم الاثنين الموافق 21 يناير الجارى، نفى خلاله تقديم بلاده طلب لدمج شركتى رينو الفرنسية، ونيسان موتور، خلال محادثات مع الحكومة اليابانية، بعد اعتقال الرئيس السابق لنيسان، كارلوس غصن.
ونقلت وكالة أنباء (كيودو) اليابانية، عن الوزير الفرنسى، قوله، "إن الموضوع ليس مطروحا اليوم، أهم شىء بالنسبة لنا هو وجود حوكمة ثابتة ومستقرة ومستدامة لرينو"، وجاء ذلك بعد ما نشرته صحيفة (نيكى) اليابانية الاقتصادية، الأحد الموافق 20 يناير 2019، لتؤكد أن وفدًا يشمل مارتين فيل مدير رينو المكلف من قبل الحكومة الفرنسية، التقى بمسئولين يابانيين فى طوكيو، لمناقشة الخطط المتعلقة بالدمج.
باريس وطوكيو تؤكدان دعم تحالف رينو-نيسان بعد توقيف كارلوس غصن
الغريب هنا، أن الحكومتان الفرنسية واليابانية، أكدتا، يوم الثلاثاء، الموافق 20 نوفمبر – أى بعد يوم واحد من احتجاز كارلوس غصن - دعمهما للتحالف بين شركتى رينو ونيسان لصناعة السيارات، وذلك حسب ما نشرته حينها وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".
حيث أشار تقرير الوكالة الفرنسية، إلى أجراء مكالمة هاتفية، أكد فيها، وزير المالية الفرنسى برونو لومير، ونظيره اليابانى هيروشيجى سيكو، على دعم حكومتيهما القوى للتحالف الذى يشمل كذلك شركة ميتسوبيشى اليابانية - بحسب بيان فرنسى.
وزير مالية فرنسا يؤكد استقالة كارلوس غصن من رينو
وفى سياق متصل، قال وزير المالية الفرنسى برونو لومير، لتليفزيون بلومبرج، فى مقابلة خلال المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس، يوم 24 يناير 2019، إن كارلوس غصن، استقال من شركة صناعة السيارات الفرنسية رينو، وأضاف لومير "كارلوس غصن استقال للتو الليلة الماضية".
ويجتمع مجلس إدارة رينو، اليوم الخميس، لاستبدال غصن، فى خطوة قد تساعد فى تخفيف التوترات مع شريك التحالف نيسان بعد إلقاء القبض على "غصن"، فى اليابان، بدعوى ارتكاب مخالفات مالية.
وسيدرس الاجتماع مقترح تعيين رئيس ميشيلان المنصرف جون-دومينيك سينار، رئيسًا لمجلس الإدارة، وترقية تييرى بولور نائب "غصن" لمنصب الرئيس التنفيذى، حسبما قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ"رويترز".
وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى برونو لومير
وزير العدل اللبنانى يطالب بتسليم "كارلوس غصن" إلى لبنان
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن لبنان حاولت الدخول على خط أزمة كارلوس غصن، بعد عدة أيام من اعتقاله فى اليابان، وتحديدًا، فى 29 نوفمبر 2018، حيث قال وزير العدل اللبنانى سليم جريصاتى، إن بلاده قد تتجه لطلب استرداد كارلوس غصن، قطب صناعة السيارات المتهم بارتكاب جريمة التهرب الضريبى، إلى لبنان، استنادًا إلى الاتفاق الدولى لمكافحة الفساد عام 2009، والموقع عليه من لبنان واليابان، والذى يتيح للمطلوب استرداده أن يحاكم فى بلاده.
واعتبر وزير العدل اللبنانى – حينها - أن للبنان أحقية فى استرداد "غصن"، الذى يحمل 3 جنسيات (اللبنانية والفرنسية والبرازيلية)، باعتبار أن وزارة العدل اللبنانية تحركت أولًا فى اتجاه هذا الطلب قبل البلدين الآخرين، مشيرًا إلى أن الاعتبار الوحيد فى هذا الطلب أن "غصن"، مواطن لبنانى، بعيدًا عن الحسابات الاقتصادية والعلاقات التجارية الكبيرة بين اليابان وفرنسا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة