صار مؤكدا لدى الجميع أن تاريخ إمارة قطر وتنظيم الحمدين الداعم للإرهاب قائم على السرقة والاحتيال والسطو على التراث الإنسانى العالمى، وقد كانت الآثار المصرية والوثائق القومية واحدة من الضحايا الكبرى لـلدولة الناشئة.
فى سنة 2014 وقبل رحيله، تحدث الكاتب الكبير جمال الغيطانى عن وجود مخطط قطرى لسرقة الآثار الإسلامیة المصریة، وتجرید مصر من الذاكرة الحضاریة والثقافیة، قال ذلك خلال ندوة "حلول واقعیة لحل العشوائیات فى مصر" فى مكتبة القاهرة الكبرى، وأضاف أن الآثار الإسلامیة المصریة تسرق بطرق ممنهجة وعلمية مما یدل على أن المتورط فى السرقة من أهل الاختصاص، واعتمد الغیطانى فى قوله أن قطر تبنى أكبر متحف فنى إسلامى فى الوقت الذى لا تملك فيه قطعة واحدة ترجع إلى العهد الإسلامى.
سرقة الكتب
يشير عدد من المصادر إلى أنه فى غضون عام 2006 بدأت قطر تدشين ما يعرف بالمكتبة التراثية، وهى مكتبة تابعة لما يعرف بهيئة متاحف قطر، ومنذ ذلك التاريخ بدأت قطر مسلسل شراء كل ما يخص مصر من وثائق وأرشيفات ومخطوطات نادرة، وكذلك غالبية الدول العربية والأجنبية، بغرض جعل المكتبة واحدة من أهم مكتبات الشرق الأوسط، وتضم المكتبة التراثية 85 ألف كتاب باللغة العربية والأجنبية، يرجع تاريخ بعضها إلى أواخر القرن الـ15، مع بدايات اختراع الطباعة، بالإضافة إلى 600 خريطة تاريخية، و2000 مخطوط نادر.
وأكد الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، من قبل، إن دولة قطر خاطبت إحدى موظفات المكتبة من أجل نقل التراث المصرى إلى قطر، مشيرا إلى أنه تواصل معها وقالت له إنهم أعطوها 20 مليون يورو لجلب كتب التراث لتزيين متاحف قطر.
تهريب الوثائق والمخطوطات المصرية
منذ ثلاثة أعوام انطلقت شاحنة بالإصدارات المشاركة فى معرض الدوحة للكتاب، وفور انطلاقها من الميناء علم اتحاد الناشرين المصريين بأن الشاحنة تحتوى وثائق تاريخية وأثرية، لكن الهدف منها ليس العرض، لكنه تهريب الوثائق وعدم عودتها إلى مصر مرة أخرى. وعلى الفور قام اتحاد الناشرين المصريين بإبلاغ الجهات المختصة بالأمر والتى طالبت بعودة الشاحنة من البحر، وإعادة تفتيشها، وبالفعل عادت الشاحنة إلى الميناء مرة أخرى وخلال إجراء عملية التفتيش تم ضبط 40 كرتونة تحوى وثائق تاريخية وأثرية مهربة إلى قطر. ونجحت قوات الشرطة المصرية بإعادة الوثائق مرة أخرى، حيث قاموا بإبلاغ دار الكتب والوثائق التى شكلت لجنة لفحص الكتب المهمة المضبوطة، والتى أكدت أثرية وقيمة هذه الكتب.
مخطوط قرآنى تم تهريبه إلى قطر
كما كشف الدكتور عمرو عبد العزيز منير، المؤرخ وأستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة جنوب الوادى، وعضو لجنة الفنون والتراث بالمجلس الأعلى للثقافة، عن اختفاء ما يقرب من 21 مخطوطا نادرا من دار الكتب بالزقازيق، مشيرا إلى أن هناك مافيا تضم تجارا مصريين تقوم بسرقة المخطوطات النادرة لبيعها إلى بعض الدول الخارجية مثل قطر.
وأضاف منير أن المخطوطات كانت تحمل أرقاما من 2753 إلى 2986، مما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة عدد المخطوطات التى سلمتها دار الكتب بالزقازيق إلى لجنة الفحص والاستلام، مطالبا المسئولين فى دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة، بضرورة البحث فى دفاترهم لمعرفة مكان تلك المخطوطات "المختفية".
وثيقة تم إبطال تهريبها إلى قطر
كما أحبط رجال جمرك مدينة بدر برئاسة كامل على متولى، فى أكتوبر 2015، محاولة تهريب كمية من المخطوطات الأثرية النادرة، والوثائق القديمة وكتب طبعة أولى، وعدد من صور الزعماء العرب تتناول حياتهم الشخصية واليومية، وذلك بالمخالفة لقانون الآثار رقم 3 لسنة 2010 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار، وقانون رقم 9 لسنة 2009 لحماية المخطوطات.
سرقة الآثار المصرية
كشف الدكتور خالد داود، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة الفيوم، أن متحف الأمير حسن وزير ثقافة قطر الأسبق، يضم أكثر من 63 قطعة أثرية مصرية، تعود إلى عصر الملك إخناتون، وتل العمارنة بالمنيا وأبلغ السلطات المصرية، وقامت جهة سيادية عليا بفتح ملف القضية، وقدمته لنيابة الأموال العامة العليا للتحقيق القضائى وأجرى التحقيقات المستشار يوسف الكومى، رئيس النيابة.
مسجد قانى باى الرماح
وصرحت مصادر أثرية بأنه فى عام 2010 صدر قرار بإعادة ترميم مسجد "قانى باى الرماح" الأثرى بميدان صلاح الدين بالقلعة بالقاهرة القديمة، وحفاظًا على منبره تم نقله إلى إحدى الغرف الجانبية بمسجد السلطان حسن استعداداً لنقله إلى متحف الفن الإسلامي، وعندما حضر الأثريون لنقله فوجئوا باختفائه ووقعت اتهامات متبادلة بين الآثار ووزارة الأوقاف المصرية حول مسئولية الطرفين عن سرقته، ليفاجأ الجميع فيما بعد بعرض المنبر ضمن مقتنيات متحف الفن الإسلامى بقطر.
وتشير الحقائق والمعلومات إلى أن هناك محاولات كثيرة لقطر لسرقة الآثار المصرية، فقبل أحداث ثورة 25 يناير 2011 تم ضبط حاويتين كاملتين تمثلان متحفا بميناء العين السخنة أثناء محاولة تهريبهما بمعرفة دبلوماسى قطري، وتم التحفظ عليهما فى الميناء، وكان هذا إبان حكم الإخوان.
شراء وتأجير الآثار
وذكر من قبل الدكتور صلاح المليجى، فى تصريحات خاصة لـ اليوم السابع، أنه أثناء فترة توليه رئاسة قطاع الفنون التشكيلية، طلبت السلطات القطرية من القطاع إعارة سجادة صلاة "آسيا الصغرى-ق16" 160x106 سم، مضيفا أنه رفض وقام بإبلاغ وزير الثقافة الأسبق الدكتور محمد صابر عرب.
لوجة السجادة
وأكد صلاح المليجى أن رفضه هذا الطلب بسبب ندرة السجادة التى لا يوجد لها نسخة غير فى تركيا فقط، مضيفا أن هذه السجادة تمثل حالة متفردة لأن بها أنواع من الخطوط والزخارف النباتية العديدة.
كما انفرد "اليوم السابع" فى 2013 بخبر رغبة دولة قطر تأجير المناطق الأثرية فى مصر لمدة من ثلاث إلى خمس سنوات مقابل 200 مليار دولار، بحيث يكون لهذه الدولة وحدها حق الانتفاع بهذه المناطق، وتمت مناقشته داخل الحكومة فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر، ولكن توقف الأمر بعد قامت ثورة 30 يونيو وأبطلت مخطط قطر للاستيلاء على الآثار المصرية.
تمثال سخم كا
أما تمثال الكاتب المصرى القديم "سخم كا" الفرعونى الشهير، والذى تم سرقته من البلاد، اشتراه أمير قطرى من متحف نورث هامبتون البريطانى، بعدما انتهى من إتمام إجراءات البيع بالمزاد، وتسلم المتحف مبلغ يقدر بحوالى 5 ملايين جنيه استرليتى.
وحاولت قطر أيضًا قبل ثورة 11 يناير استعارة إبريق من متحف الفن الإسلامي، قبل أن يتعرض للتدمير بعد الحادث الإرهابى والتفجير الذى تعرضت له مديرية أمن القاهرة فى يناير 2014، من قبل تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، ويعرف بإبريق مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية، ولكن الدكتور زاهى حواس وزير الآثار فى تلك الفترة رفض الموافقة، وهذه الوقائع الموجودة والمثبتة، بينما توجد عشرات وربما مئات الوقائع غير المعروفة والتى نجحت خلالها قطر فى سرقة بعض الآثار المصرية بنفس الطريقة التى حاولت فيها تهريب الآثار بميناء العين السخنة أو غيرها من المنافذ مثل مطار القاهرة الجوى.
وبذلك نعرف أن الجرائم القطرية فى حق مصر لم تقف عند العمليات الإرهابية فقط، بل امتدت لسرقة التاريخ المصرى.