شراء سيارة فى مصر تجربة فريدة، تحتاج إلى مهارات خاصة، وحيل مختبرة، حتى تنجح فى الحصول عليها بمواصفات مناسبة وسعر معقول، ولكى تحقق هذا الهدف عليك أن تستشير 5 من الأصدقاء على الأقل ممن يمتلكون سيارات، خاصة أن كل منهم سيعرض لك وجهة نظر مختلفة، فقد يهتم أحدهم بالسيارات الأوروبية بدعوى أنها صناعة جيدة وسمعة ممتازة، بينما يعارضه الآخر بمنطق أنها "مش بياعة واشترى ليك وللسوق"، وثالث يتحدث عن الأسعار وضرورة أن تبدأ بالمستعمل أولا قبل أن تشترى سيارة جديدة، حتى يمكنك من خلالها اختبار الشوارع ومهاراتك فى القيادة، وهكذا أحاديث وحوارات مباشرة وغير مباشرة لا تنتهى.
قرار شراء سيارة قد يستغرق منك وقت طويلا، خاصة لو أنك بدأت تتردد على المعارض والوكلاء والموزعين بصورة مستمرة، فلن تجد أبدا صاحب معرض يبيع بنفس أسعار جاره أو من هو فى نفس الشارع أو المنطقة، فالكل يضع بصمته الخاصة على سعر السيارة، وكلما زادت الحلقة بين الوكيل الرسمى والمستهلك النهائى، كلما كانت الفروق كبيرة فى الأسعار ، وهذا ما يبرر أن سيارة سعرها 250 ألف جنيه للمستهلك فى حين أن سعرها الأصلى فى بلد المنشأ لا يتجاوز 150 ألف جنيه، بما يفسر مكاسب خيالية لهذه الحلقة الكبيرة، التى تستغل المستهلك أسوأ استغلال.
لا يمكن أن يستمر سوق السيارات بهذا الوضع، خاصة مع الخسائر الكبيرة لأصحاب المعارض والوكلاء نتيجة انخفاض نسب المبيعات بصورة واضحة خلال الفترة الماضية، إلا أن أصحاب المعارض مازالوا يفضلون عدم البيع بأسعار عادلة ومكاسب معقولة، على فكرة البيع بمكاسب 100% ، وهذه فكرة تقليدية جدا، تتعارض مع منطق التجارة، الذى يعتمد فى الأساس على تحقيق أكبر حجم من المبيعات، حتى ولو بنسب ربح محدودة، من أجل استمرار دورة الإنتاج، ليتمكن هؤلاء التجار أو الوكلاء من تغطية التكاليف الثابتة المتمثلة فى الإيجارات والعمالة وغيرها.
حملة " خليها تصدى" نجحت خلال الفترة الماضية فى كشف ما يحدث داخل سوق السيارات بصورة أكثر وضوحا، وخلقت حالة من الوعى لدى المستهلك المصرى الراغب فى شراء سيارة، وساهمت بصورة إيجابية فى خفض الأسعار ، إلا أن الحملة مازالت تحتاج إلى دعم شعبي وإعلامي حتى تتمكن من تحقيق المرجو منها، فى ضبط سوق السيارات بمصر، بما يحقق مكاسب عادلة للبائع وخدمة وسعر مناسب للمستهلك.
يجب أن تكون هناك رقابة فعالة وواعية على سوق السيارات فى مصر، وتحديد الأساس الذى يتم من خلاله فتح معارض السيارات، حتى ننجح فى تقليل الفجوة أو تقليص حجم السلسلة بين البائع والمشترى، خاصة أن نسب المكاسب التى تحصل عليها تلك الفئة مبالغ فيها بصورة كبيرة، وعلى جهاز حماية المستهلك أن يبادر ويتحرك لمواجهة جشع هذه الفئة دون أن ينتظر جمع أو تلقى الشكاوى، فدور هذا الجهاز فعال ومؤثر ولكنه يحتاج إلى المبادرة والتحرك بالرصد والمتابعة لمختلف الأسواق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة