اعتبر دستور 2014 المعلومات والبيانات والاتصالات الرسمية ملك للشعب بجميع طوائفه، حيث ألزم فى المادة 68 الدولة بالإفصاح عنها بكل شفافية واتاحتها وتوفيرها للمواطنين كما هو متعارف عليه، إلا أن مسألة الحصول على تلك البيانات والمعلومات اناط الدستور بالقانون العادى وضع ضوابط الحصول عليها واتاحتها وكذا متى تعد سرية.
مقتضى هذا التفويض الدستورى للمُشرع أن يكون الأصل اباحة معلومات وبيانات الدولة الرسمية على شبكة الإنترنت والاستثناء يكون تقرير سريتها من خلال قانون محدد واضح، وجاء قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، ليرصد حماية جنائية لمواقع الدولة وبريدها الإلكترونى وحساباتها الخاصة وكذا بياناتها ومعلوماتها الحكومية عبر شبكة الإنترنت فحظر دخولها بطريق العمد أو بطريق الخطأ أو اختراقها.
"اليوم السابع" يلقى الضوء على كيفية الحماية الجنائية "لمواقع وحسابات الدولة الخاصة وبياناتها ومعلوماتها" على شبكة الإنترنت، فى الوقت الذى شدد فيه المٌشرع العقاب عند اعتراض البيانات والمعلومات أو الحصول عليها، ثم شدد المشرع العقاب أكثر إذا ترتب على الدخول أو الاعتراض المساس بسلامة مواقع الدولة وحاسباتها الخاصة أو بيناتها ومعلوماتها – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.
جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018
فى البداية - نصت المادة 20 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 تحت عنوان جريمة الاعتداء على الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالدولة على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدا أو بخطأ غير عمدى وبقى بدون وجه حق، أو تجاوز حدود الحق المخول له من حيث الزمان أو مستوى الدخول أو اخترق موقعا أو بريدا إلكترونيا أو حسابا خاصا أو نظاما معلوماتيا يدار بمعرفه أو لحساب الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، أو مملوك لها أو يخصها.
وتابع: فإذا كان الدخول بقصد الاعتراض أو الحصول بدون وجه حق على بيانات أو معلومات حكومية تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه - وفى جميع الأحوال - إذا ترتب على أى من الأفعال السابقة إتلاف تلك البيانات أو المعلومات أو ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتى أو البريد الإلكترونى أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تعديل مسارها أو إعادة نشرها أو إلغائها كليا أو جزئيا بأى وسيلة كانت، تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه".
حجب المعلومات والبيانات بمقتضى قانون ينظم سريتها
ولا شك فى أن مسلك المشرع العادى فى رصد عقاب جنائى على دخول مواقع وحسابات الدولة الخاصة وبريدها الإليكترونى ينسجم مع الدستور إذ من حق الدولة كالشخص العادى ألا يدخل أحد على مواقعا وبريدها وحساباتها طالمة كانت خاصة، وليس عامة متاحة للجميع، ولكن يدق الآمر حين يتعلق ببيانات ومعلومات الدولة إذ هذه البيانات والمعلومات بنص الدستور ملك للشعب ومن حق المواطنين الحصول عليها ولا تحجب عنهم إلا بمقتضى قانون ينظم سريتها.
ومن ثم فإن ما جاءت به المادة 20 من إطلاق الحماية الجنائية على المعلومات والبيانات الحكومية على شبكة الإنترنت وحظر الحصول عليها دون قصر الحظر على البيانات والمعلومات الإليكترونية الحكومية السرية فيه نظر من الناحية القانونية، حيث أنه طالما أن قانون تقنية المعلومات لم يضع تعريفا أو تحديدا للبيانات السرية وجب الرجوع إلى قانون العقوبات الذى بين مفهوم المعلومات والبيانات السرية كما سوف نرى حالا، وهذه الجريمة من جرائم الحدث المتعدد الذى يتخذ محلها تارة مواقع أو حسابات خاصة أو بريد إلكترونى يدار بمعرفة أو لحساب الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، أو مملوك لها أو يخصها.
جريمة الحصول على المعلومات بين الجنحة والجناية
ويتخذ تارة أخرى صورة بيانات ومعلومات إليكترونية حكومية وهى فى الصورة الاولى جنحه عقوبتها الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وفى الثانية جناية عقوبتها السجن، وهى من جرائم السلوك المادى ذو المضمون النفس المتمثل فى أن دخول الموقع أو الحساب أو البريد عمدا أو بإهمال أو تجاوز حدود الحق المخول بالدخول أو اخترق الموقع أو البريد أو الحساب.
جرائم الحدث المتخلف
وهى فى حقيقة الأمر من جرائم الحدث المتخلف حينما يتم دخول الموقع أو الحساب أو البريد عن طريق الخطأ ويمتنع الجانى عن مغادرة الموقع فورا، إذ يعد الحدث المتخلف سلوك سلبى بالامتناع عن المغادرة رغم أمر القانون بذلك، وتنهض هذه الجريمة على ركن مادى وآخر معنوي، فأما الركن المادى، فهو سلوك يتخذ أحد صورتين الأولى: الاختراق أو مجرد الدخول لموقع أو بريد أو حساب خاص للدولة، والاختراق يعنى الدخول غير المرخص به، أو المحال لأحكام الترخيص، أو الدخول بأى طريقة غير مشروعة، إلى نظام معلوماتى أو حاسب إلى أو شبكة معلوماتية، وما فى حكمها.
أما الدخول فيعنى مجرد ولوج الموقع أو البريد الإلكترونى أو الحساب، فإن أتخذ السلوك المادى صورة الدخول وجب أن يكون عمديا فالجريمة لا تقع بالإهمال ولكن أن تم الدخول عن طريق الخطأ ولم يتم مغادرة الموقع أو البريد الإلكترونى أو الحساب فورا تحققت الجريمة، ولقد أعتبر المشرع فى حكم الدخول المجرم تجاوز الحق فيه فقد يكون الدخول مسموح به لشخص ولكن فى حدود زمن معين أو على موقع دون حساب أو العكس فيخالف ذلك فتتحقق الجريمة.
والصورة الثانية للسلوك الإجرامى هو اعتراض بيانات ومعلومات حكومية أو الحصول عليها متى كانت تلك البيانات والمعلومات سرية، والاعتراض هنا يعنى مشاهدة البيانات أو المعلومات أو الحصول عليها بغرض التنصت أو التعطيل أو التخزين أو النسخ أو التسجيل أو تغيير المحتوى أو إساءة الاستخدام أو تعديل المسار أو إعادة التوجيه.
وأبرز صور للبيانات والمعلومات السرية للحكومة ما تضمنته المادة 80 من الفقرة "أ" حتى "و" من قانون العقوبات وتتعلق بأسرار الدفاع عن مصالح الدولة العليا كالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو صور أو رسوم أو خرائط لمواضع أو أماكن على خلاف الحظر الصادر من السلطة المختصة أو حصون و منشآت الدفاع أو معسكراً أو مكاناً خيمت أو استقرت فيه قوات مسلحة أو سفينة حربية أو تجارية أو طائرة أو سيارة حربية أو ترسانة أو أى محل حربى أو محلاً أو مصنعاً يباشر فيه عمل لمصلحة الدفاع عن البلاد ويكون الجمهور ممنوعاً من دخوله أو معلومات عن المواضع والأماكن التى حظرت السلطات العسكرية الإقامة أو التواجد فيها.
عقوبة الدخول على المواقع الرسمية تصل للحبس وغرامة 5 مليون جنية
وتعتبر أيضا بيانات ومعلومات إلكترونية سرية طبقا للمادة 80 "و" من قانون العقوبات أى أخباراً أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسوم أو صور أو غير ذلك مما يكون خاصاً بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وصدر أمر من الجهة المختصة بحظر نشره، أما الركن المعنوى فيتخذ صوره القصد الجنائى بأن تتجه ارادة الجانى إلى السلوك مع العلم بكافة عناصر الركن المادى فإن اعوزه العلم لم يقم القصد، ولا يختلف الأمر عند دخول الموقع أو البريد الإلكترونى أو الحساب بطريق الخطأ إذ مكوث المتهم فى الموقع أو البريد الإلكترونى أو الحساب وعدم المغادرة يحقق العلم لديه بأنه يعتدى على حسابات الدولة ومواقعها عبر شبكة الإنترنت.
والجريمة حينما تتخذ صورة اختراق أو دخول مواقع الدولة وحساباتها تعتبر جنحه عقوبتها الحبس لمدة لا تقل عن سنتين والغرامة التى لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه، أما أن اتخذت صورة اعتراض على البيانات والمعلومات الإليكترونية الحكومية فهى جناية عقوبتها السجن والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن خمسمائة ألف جنية.
وتشدد فى الصورتين لتصبح السجن والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه إن ترتب على الدخول أو الاختراق أو الاعتراض أو الحصول على البيانات إتلاف تلك البيانات أو المعلومات أو ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتى أو البريد الإلكترونى أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تغييرها أو تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تعديل مسارها أو إعادة نشرها أو إلغائها كليا أو جزئيا بأى وسيلة كانت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة