يحل اليوم ذكرى فى ثورة القاهرة الأولى التى اندلعت عام 1798، وذلك نتيجة بطش الفرنسيون بقيادة نابليون، حيث قام بفرض الضرائب الباهظة على المصريين، خاصة على فئة التجار.
وجاء ذلك على عكس ما وعد به نابليون عند قدومه لمصر، وشن حملات تفتيش واسعة على المنازل والدكاكين، كما انتشرت أعمال السلب والنهب، بحثًا عن الأموال، وكذلك هدم أبواب الحارات لتسهيل مطاردة رجال المقاومة وهدم المبانى والمساجد بحجة تحصين المدينة.
صمد المصريين حينذاك، ولم يخشوا من تظاهر نابيلون بالقوة ومحاولته ترهيب الشعب، وقرر الشعب ان يقوم بثورة للتخلص من جيش محتل لا يختلف عن الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع التى ضربت شواطئ دمياط منذ أكثر من خمسة قرون، و قد كانوا على حق فى ذلك، فقد كتب بونابرت فى مذاكراته فى منفاه فى سانت هيلانة أن هذه المنشورات كانت “قطعة من الدخل”.
واراد نونابرت أن يتخفى فى ثياب جيش التحرير القادم ليحرر مصر من فساد المماليك، ولكن التاريخ القديم للحملات الصليبية على الشرق كان حاضراً فى ذهنه يأخذ منه العبر و يتجنب أخطاءه، فهو يقول : ” إن لويس التاسع (قائد الحملة الصليبية السابعة على مصر) أنفق ثمانية أشهر فى الصلاة، و كان أجدى أن ينفقها فى الزحف و القتال و احتلال البلاد”.
ومر على المصريين أن فرنسيى الحملة الصليبية السابعة يختلفون عن فرنسيى الحملة البونابرتية، فيوجد فرق كبير كالتقدم الصناعى و الإدارى و العلمى كبير على الجانب الفرنسى يقابله غفلة تاريخية على الجانب المصرى المملوكي.
أدت جميع الأسباب إلى اندلاع ثورة القاهرة الأولى، ضد الحملة الفرنسية على مصر، فى 20 أكتوبر 1798، وراح ضحيتها حوالى 2500 مصريًا بينما قتل من الفرنسيين 16 فردًا فقط بينهم جنرال.
ثار الشعب المصرى بقيادة الأزهر وشيوخه وتمويل من التجار، وأقيمت المتاريس فى المدن، واشتعلت الثورة التى اسفر عنها مقتل الكثير من المصريين والفرنسيين ومنهم حاكم القاهرة الفرنسى (ديبوي)، وواجه نابليون الثورة بعنف ودخل جنوده الأزهر بخيولهم مما أثار الشعور الدينى للمصريين.
استمر الاشتباك حتى المساء حتى تدخل اعضاء الديوان الذى شكله نابليون من المشايخ المتعاونين مع الفرنسيين ” فركب المشايخ إلى كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل، و يمنع عسكره من الرمى المتراسل و يكفهم ما انكف المسلمون عن القتال”.
فقبل نابليون وقف الضرب، و لكنه أرسل جنوده إلى الأزهر، فدخلوا الجامع يخيولهم عنوة و ربطوها بصحنه و كسروا القناديل و حطموا خزائن الكتب و نهبوا ما وجدوه من متاع. و لم يخرجوا منه إلا بعد أن ركب الشيخ محمد الجوهرى إلى نابليون و طلب منه متوسلاً أن يخرج جنوده من الجامع الأزهر. فقبل نابليون.
وهاجم المصريين العساكر الفرنسيون بكل ما لديم من سلاح وشوم وحراب ليقتلوهم و قتلوا حاكم القاهرة ديبوى , ثم تحصنوا بأْسوار الحارات وفى الأزقة، ونصبوا المتاريس على مداخلها ولكن فاتهم أن يحتلوا الأماكن المرتفعة المطلة على الحارات، فسارع نابليون باحتلالها ونصب مدافعه فوق ماًذن جامع السلطان حسن، وانهالت القنابل منه ومن القلعة على جامح الازهر مبعث الثورةوكل مايحيطه من بيوت وحوانيت (محلات).
واسفر عن ذلك وفاة اعداد كبيرة من الطرفيين، ودخل الفرانسويين جامع الأزهر بخيولهم عنوة، وربطوها بصحنه وكسروا القناديل وحطموا خزائن الكتب ونهبوا ماوجدوه من متاع, الذى كان مركزًا للثورة، ويتحصن فيه الثوار،وهو ما زاد المصريين كرهًا للفرانسويين.
ويعد المشهد البربري، أعمق مشهد فى الحملة الفرنسية طوال فترة وجودها فى مصر ، حيث انه فى أعماق الذاكرة المصرية حتى اليوم و صبغ رؤية المصرى للاحتلال الفرنسى و الأوروبى بصفة عامة.
ومن ابرز النتئاج المترتبة على الثورة، الحكم على 13 شيخاً من الأزهر بالاعدام، و أُعدم الكثير ممن قبض عليهم و معهم سلاح و قدر عددهم بحوالى ثمانين شخصاً من قادة الثورة، إلى جانب الكثيرين من عامة الشعب. كتب نابليون فى مراسلاته لرينييه يقول ” فى كل ليلة نقطع نحو ثلاثين رأساً أكثرها لزعماء الثورة، و فى اعتقادى أن هذا سيعلمهم درساً نافعاً”
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة