باتت إسرائيل أقرب إلى انتخابات برلمانية ثالثة خلال عام واحد، كون احتمالات نجاح رئيس تحالف "أزرق أبيض" (بينى جانتس) في تشكيل الحكومة خلال 28 يوما ضئيلة جدا، بعدما أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يوم الاثنين، كتاب التكليف للرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين بتشكيل حكومة جديدة قبل 48 ساعة من انتهاء المدة القانونية.
وأوضح التقرير الذي أعده المركز الفلسطينى للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أن هذه هى المرة الأولى التى يعيد فيها زعيم حزب الليكود نتنياهو كتاب التكليف، ولكنها المرة الثانية التى يفشل فيها في تشكيل الحكومة؛ إذ كانت الأولى بعد انتخابات ابريل الماضي، إلا أن نتنياهو سارع حينها إلى مبادرة حل الكنيست بعد 50 يوما من تلك الانتخابات، دون أن يعيد كتاب التكليف. وهذه المرة الثالثة التى يتم فيها إعادة تكليف بتشكيل حكومة منذ العام 1949، وكانت الأولى لشيمون بيرس عام 1984، والثانية لتسيبى ليفنى فى خريف عام 2008.
وأشار إلى أن نتنياهو تنازل عن طلب التمديد لمدة 14 يوما إضافيا التي يجيزها له القانون ، وكما يبدو بعد أن رأى الباب مسدودا أمام احتمال انضمام كتلة "أزرق أبيض" إلى حكومته؛ في حين أن المفاوضات مع كتلة "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" بزعامة أفيجدور ليبرمان اقتصرت على جلسة قصيرة واحدة بين نتنياهو وليبرمان، لم يتمخض عنها شيء، إذ يصر الأخير على تشكيل حكومة واسعة، تضم الليكود و"أزرق أبيض" وحزبه "يسرائيل بيتينو"، وهو ما يرفضه الليكود، الذي يصر على انضمام كتلتي اليمين الاستيطاني، وكتلتي المتدينين المتزمتين "الحريديم"، وهي كتل شريكة فورية لليكود، وتضم مع الليكود 55 نائبا.
وأوضح التقرير، أن العقبة الأساس التي وقفت بين الليكود و"أزرق أبيض" هي رفض هذه الكتلة الأخيرة أن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة أولا، كونه يواجه احتمال تقديمه للمحاكمة بقضايا فساد. كما رفضت "أزرق أبيض" أن يكون الليكود ممثلا لكل الكتل الأخرى الشريكة له، بمعنى أن يفاوض باسم 55 نائبا. ولم تصدر عن كل جلسات المفاوضات التي جرت بين الكتلتين الأكبرين أي خلافات على المستوى السياسى.
في المقابل، فإن افيجدور ليبرمان بقي متمسكا بموقفه الذي أعلنه بعد انتخابات ابريل، وهو تشكيل حكومة من دون كتلتي "الحريديم" المتدينين، وزاد على هذا رفضه ضم نواب التيار الديني الصهيوني المتشدد دينيا، ويقصد كتلة "البيت اليهودي- الاتحاد القومي"، وطالب بإقرار القانون الذي يفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الشبان الحريديم "المتدينين".
وتطرق التقرير إلى العقبات التي تقف أمام جانتس في تشكيل الحكومة أهمها انه من المستبعد جدا أن يقبل بنيامين نتنياهو الانضمام إلى حكومة برئاسة جانتس، بعد أن رفض الأخير حكومة يترأسها أولا نتنياهو.
كما انه ورغم أن كتلة "أزرق أبيض" تتفق مع ليبرمان بخصوص قانون تجنيد الحريديم، وتخفيف قوانين الإكراه الديني، إلا أن ليبرمان سيطالب بحكومة واسعة مع الليكود.
واستطرد التقرير قائلا انه وفي كل الأحوال، فإنه إذا اعتبرنا أن كتلة حزب العمل شريكة فورية لكتلة "أزرق أبيض" ولها 6 مقاعد؛ وحتى لو قبلت كتلة "المعسكر الديمقراطي" بالانضمام إلى حكومة تضم ليبرمان، فإن هذه التشكيلة ستضم 52 نائبا لا أكثر، كون أنه من المستبعد جدا، ولدرجة التأكد، أن تقدم كتلة "القائمة المشتركة" دعما خارجيا لحكومة تضم ليبرمان، عدا عن شخصيات اليمين الاستيطاني في كتلة "أزرق أبيض" مثل موشيه يعلون وغيره. كما أنه من المستبعد أن يطلب "أزرق أبيض" دعما كهذا من "المشتركة".
ورأى التقرير ان من بين الصعوبات التي سيواجهها جانتس انه سيكون من الصعب جدا انضمام كتلتي "الحريديم" إلى حكومة علمانية تضم ليبرمان من جهة، وحزب "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد الشريك في "أزرق أبيض"، من جهة أخرى. وإذا كان هناك احتمال ولو كان ضئيلا أن تقرر كتلة "شاس" التي لها 9 نواب الانضمام، فإن الكتلة الثانية، "يهدوت هتوراة"، سترفض كليا الانخراط في حكومة كهذه، ما سيضطر "شاس" للتمسك بموقف الرفض.
وأضاف التقرير أنه بالنسبة لكتلتي اليمين الاستيطاني، المنشقتين عن بعضهما حديثا -بعد أن خاضتا الانتخابات بقائمة تحالفية "يمينا" - فإن ما سيقرر بشأنهما هو برنامج الحكومة، ولربما أن الحلقة الأسهل كتلة "اليمين الجديد" برئاسة أييليت شاكيد ونفتالي بينيت ومعهما نائب ثالث، ولكن الانضمام الافتراضي لكتلة كهذه إلى حكومة برئاسة "أزرق أبيض" سيبعد بالضرورة كتلة "المعسكر الديمقراطي" التي لها 5 نواب. أما كتلة اليمين الاستيطاني الثانية "البيت اليهودى- الاتحاد القومى"، ولها 4 نواب، فإن فرص انضمامها لحكومة برئاسة جانتس هي أيضا صفرية.
وبحسب التقرير، فإن احتمالات منع إجراء انتخابات ثالثة كلها ضعيفة، وفق الوضع القائم حاليا، مشيرا إلى أن أبرز هذه الاحتمالات الضعيفة هي أن يقرر بنيامين نتنياهو الاستقالة من عضوية الكنيست ورئاسة الليكود، وإجراء انتخابات داخلية لرئاسة الليكود، وأنه في حال تم انتخاب رئيس جديد لليكود، فإن القانون يجيز لرئيس الدولة، بعد الفشل المتوقع لجانتس، بأن يعرض على الكتل البرلمانية اختيار شخص ثالث لتشكيل الحكومة خلال 21 يوما، وفي هذه الحالة، وفق تقارير متعددة، فإن "أزرق أبيض" على استعداد للتناوب على رئاسة حكومة برئاسة شخص آخر من الليكود.
كما أن هناك احتمالا آخر ضعيفا بحدوث انشقاق في واحدة من الكتلتين الكبريين، وهما الليكود و"أزرق أبيض"، وهذا أيضا احتمال غير منظور، ولا مؤشرات له ، أما الاحتمال الأخير فهو أن تنقلب إحدى الكتل على مواقفها المعلنة.
يذكر أن كتلة اليمين التي يتمسك بها نتنياهو تمثل 55 عضو كنيست ، بينما "الأزرق والأبيض" تمثل 44 عضو كنيست وبدعم من الأحزاب العربية تصل قوة "الأزرق والأبيض" إلى 57 عضو كنيست.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة