التحولات المناخية فى العالم تغير من طبيعة الطقس، فلم تعد مصر ذات مناخ «بحر متوسط» حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء، ورأينا منذ تسعينيات القرن العشرين، تغيرات مناخية متعددة فى العالم كله، وهناك تحذيرات من علماء المناخ والبيئة بأن ارتفاع درجات الحرارة والانبعاثات الكربونية تسبب اختلالات فى ثوابت الطقس بالعالم، حيث تذوب جبال الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبى، بما يرفع مناسيب المياه فى البحار والمحيطات.
وبالرغم من أن مصر ليست معتادة على السيول والأمطار الكثيفة، فإن العقود الأخيرة شهدت تغيرات مناخية فى العالم كله، ومنها الشرق الأوسط وأفريقيا، تظهر فى صورة فيضانات أو أعاصير أو جفاف، وضعت مصر ضمن حيز السيول والمطر الكثيف فى بعض أوقات العام، وهو ما ظهر خلال الأيام الأخيرة حتى أمس واليوم، حيث تستمر الأحوال السيئة والأمطار الرعدية خاصة على الإسكندرية وشمال مصر والدلتا.
وقد حذرت هيئة الأرصاد الجوية من منخفض مدارى قوى يطلق عليه «شبه إعصار» تعرضت له مصر بداية من الإسكندرية، ولهذا حذرت الهيئة من مغادرة المنازل فى بعض المناطق، خاصة أن مصر ليست معتادة على مثل هذه التحولات، ومهما كانت الاستعدادات فإن هناك احتمالات لأن تتجاوز الطبيعى.
وقد ظهر الحديث عن إعصار مدارى نادر يمر بمصر من الشمال، وينتقل إلى الأردن وفلسطين المحتلة، ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، عدة معلومات عن الإعصار «ميديكين» الذى اقترب من السواحل المصرية، وهو إعصار نادر يضرب الحد الشرقى للبحر المتوسط، تصاحبه عاصفة وأمطار غزيرة ورعدية تصل إلى حد الفيضانات فى المناطق الساحلية، وقالت ناسا إنه أمر «نادر للغاية» فى أقصى شرق البحر المتوسط، وفقًا لمكتب الأرصاد الجوية فى المملكة المتحدة، وأرجعت ناسا ندرة الإعصار إلى أن حوض المتوسط صغير مقارنة بمعظم أحواض المحيط التى تشهد تلك الأعاصير المدارية.
ربما يكون هذا العصار من ضمن نتائج التحولات منذ التسعينيات، التى يرجعها الخبراء إلى الانبعاث الحرارى والحروب والتجارب النووية وقطع الغابات، والصناعات الملوثة، وهى تأثيرات تتزايد ويتوقع معها ارتفاعات بدرجات الحرارة وتغيرات مناخية حادة، كالأعاصير والفيضانات والجفاف والسيول، بل وهناك توقعات بارتفاعات فى مستوى مياه البحار والمحيطات، وتكرار «تسونامى» فى بعض المناطق.
كل هذه التحولات تحتم علينا أن نسعى لدراسات أكبر حول التغير المناخى، الذى لا يعتبر أمرا مؤقتا، خاصة أنه يتعلق بزيادة فى حجم الأمطار وشكلها، فضلا عن أنه يتجاوز النوات المعروفة التى تضرب الإسكندرية والشواطئ المصرية عادة، وتظهر الآثار فى زيادة فى حجم الأمطار، وكمياتها، تتجاوز أحيانا قدرات شبكات الصرف.
التغيرات المناخية التى تضاعف من احتمالات السيول والأمطار طوال العام، تستدعى إعادة النظر فى البنية الأساسية عموما وشبكات الصرف بالشكل الذى يستوعب الهجمات المفاجئة للأمطار، فضلا عن أهمية بحث توقعات التغير المناخى فى العالم حتى يمكننا مواجهة أشكال ربما لا نكون معتادين عليها.
وتكون الاستعدادات فى التعامل مع حجم وشكل الأمطار محليا، والقدرة على استغلال مياه الأمطار والسيول التى يمكن أن تمثل ثروة مائية.